خبر الأسيرة لينا جربوني وتسعة أعوام تبحث عن خيوط الشمس

الساعة 04:32 م|24 ابريل 2010

الأسيرة لينا جربوني وتسعة أعوام تبحث عن خيوط الشمس

رام الله: فلسطين اليوم*

من عمق هذه الأرض التي لا تعرف حدوداً أو جغرافيا تعود جذورها وكلون هذه التربة التي تسربلت بالدم لونها ، عشقت فلسطين فثارت لأجلها ودفعت وما زالت تدفع أكبر الأثمان فما لانت لها قامة ولا فترت لها همّة وبقيت هي هي  كهذه الأرض التي لا تعرف الحدود ولا تؤمن بالجغرافيا.

 

أكدت بجهادها وعملها وحبها لهذه الأرض أن فلسطين بشرقها وغربها بأراضيها المحتلة عام 48 أو المغتصبة عام 67 أنها كالجسد الواحد لا فرق بين الرأس أو الأعضاء وأنها من رفح للناقورة هي أرض لنا وعلى غيرنا محرمة، لأجلها يهون كل شيء بذلت دونها الأرواح أو انتزعت الحرية وأسر الجسد وقيدت اليدين .

 

هي لينا جربوني من بلدة عرابة في الداخل المحتل عام 1948 طحنت رحى القيد من عمرها تسعة أعوام من حكمها الجائر الذي صدر ضدها والقاضي بسجنها بسبعة عشر عاماً وما زالت بالرغم من كل هذه المدة لينا التي ما لانت لها هامة ولا انخفضت لها راية ولا انخفض لها صوت وبقيت لينا هي لينا ممثلة الأسرى والمدافعة عن حقوقهم على الدوام .

 

كلبؤة عنيدة تقف لينا أمام  سجانيها وممثلي المعتقل تطالب بحقوق الأسيرات وتصر على انتزاع الحقوق لها ولزميلات قيدها غير مكترثة لعقوبات تفرض عليها أو لغرامات مالية تتخذ بحقها وتقول لمن تحاوره من ممثلي السجون أنا هنا لانتزاع حقوق أخواتي الأسيرات مهما كلفني ذلك .

 

في مقابل كل ذلك هي لينا الرقيقة اللماحة المحبة لأخواتها المرشدة لمن ألمت به نائبة تلعب دور الأم من دون أن تكون قد مارست هذا الدور على أرض الواقع وهي الأخت الكبيرة لأخواتها الأسيرات ولرفيقات القيد ، من يرى لينا أمام إدارة السجن كونها ممثلة للأسيرات وناطقة باسمهنّ ويراها داخل زنزانتها مع رفيقات قيدها يقول أن هناك اختلافاً كبيراً بين الشخصيتين شديدة مع أعدائها رقيقة مع رفيقاتها.

 

 من تسعة أعوام وبالتحديد في 18/4/2002 كان للينا قصص وحكايا جديدة مع المحتل اعتقلت من وسط بيتها واقتيدت من بين أخواتها وتم وضعها بالسيارة العسكرية والى المجهول تم اصطحابها وفي اصطبلات وزنازين معتمة صغيرة نتنة تفتقد لكل ما هو إنساني وضعت وكبلت وفتشت وحقق معها بأبشع الطرق وأخس الأساليب فصبرت وصمدت وعلمت المحتل درساً في الصمود وكيف تكون أخت سمية وحفيدة خولة وربيبة أسماء .

 

لينا جربوني فارسة أصيلة من فرسان فلسطين وأسيرة من أسيرات هذا الشعب الذي وزع أبناؤه وبناته على معتقلات هذا العدو الذي احتل الأرض وسلب الشعب حريته و اغتصب المقدسات .

 

لينا جربوني في زنزانتها تبحث عن خيوط الشمس تنتظر الحرية ترتل سورة الإسراء وتجدد عهدها مع هذه الأرض عينها ترقب يوم الفرج ووعود الرجال الذي أقسموا بالله وعلى الله أن لا أمن ولا أمان ولا راحة ولا استكانة إلا بالإفراج عن حرائر هذا الشعب وعلى رأسهن لينا وقاهرة وأحلام وآمنة .

 

من عيون لينا يبرق النصر الذي نلمحه من بعيد قادماً في عزمات وسكنات وصهيل لينا الأسيرة الفارسة، والمقاتلة العنيدة والأخت الرقيقة فلها من الوطن الحبيب أغنية عز وفخار وعهد ووفاء أن لا ننساك لينا ما حيينا وما بقينا وإلى أن نلقاك في عرس التحرير لك منا كل التحية والإجلال والتقدير يا جسر العبور لقوافل التحرير.

* بقلم فؤاد الخفش، باحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين.