خبر نتنياهو.. الضعيف.. الأقوى! .. نبيل عمرو

الساعة 01:58 م|23 ابريل 2010

بقلم: نبيل عمرو

كيف يمكن معرفة جدية التوجه الإسرائيلي نحو الفلسطينيين في أمر الحل؟

الإجابة عن هذا السؤال، لا تكون مقنعة، إذا ما استخلصناها من التقارير الكثيرة، التي تصدرها مراكز الدراسات والأبحاث، ولا حتى من التصريحات الرسمية التي يطلقها كل يوم قادة إسرائيليون من طراز شيمعون بيريس ونتنياهو وليبرمان وغيرهم.

ولا حتى من اللغة شديدة اللهجة - التي تصدر عن عسكريين أميركيين كبار، يتحدثون فيها عن الضرر اللاحق بالمصالح الأمريكية إذا ما استمر الإسرائيليون في تعطيل عملية السلام، وبلوغ حل مع الفلسطينيين وجوارها العربي كذلك.

إن كل ما يصدر عن هذا المستوى يمكن أن يؤشر على وجود أزمة في العلاقات والخيارات، ويمكن كذلك أن يترجم توجهات وأمنيات.. لا يزال بينها وبين وضعها موضع التطبيق مسافات بعيدة.

فإذا كان كل هذا لا يؤشر على التوجه الحقيقي من جانب "إسرائيل"، مضافا إليه تحليلاتنا النمطية التي تبدأ وتنتهي بالاستنتاج اليقيني بأن "إسرائيل" لا تريد حلا، وكفى الله السياسيين شر التوسع في المعرفة!!!

فما هي كلمة السر التي تملك المؤشر الحقيقي الذي يبنى عليه ويتضمن قدرا معقولا من المصداقية والواقعية.

في الوقت الراهن، يمكن أن يكون الوضع الحكومي بإجماله في "إسرائيل"، هو المؤشر الحاسم، ليس بالمفهوم العام، إذ إن الحكومة في كل زمان ومكان هي صاحبة القرار، وإنما لأن – في "إسرائيل" - تركيبة قائمة يستحيل معها الحل، ولكن توجد خلف الباب وفي الغرف المجاورة، تركيبة أخرى، ما إن يؤذن بإطلاقها حتى يتغير الوضع كله، بما في ذلك قضية الحل السياسي المؤقت، وحتى الدائم.

إن بنيامين نتنياهو، الذي يراه المتشددون وسطيا ولكنه أفضل الممكن، ويراه المرنون كارثيا وأسوأ رئيس وزراء في "إسرائيل"، يبدو اليوم مالكا مفاتيح التوجه إلى الحل، وفي الوقت ذاته استمرار الاستعصاء وتفاقمه.

ذلك أن نتنياهو عزل كديما ومن ينسجم معهم في الرؤية والاتجاه وأجلسهم جميعا في موقع المعارضة لمصلحة حكومة فيها رجل يستطيع إغلاق العالم كله في وجه "إسرائيل" بتصريح واحد.. وهذا الرجل اسمه أفيغدور ليبرمان.

إن نتنياهو، والحالة هذه، يملك - منطقيا - استقطاب أغلبية مريحة لأي قرار رئيسي يتفاهم فيه مع الآخرين وأمريكا بالذات، إلا أن ما يحول دون اتخاذه هذا القرار ليس تأنيه في الإقدام على أمر ربما يهدد المصالح الرئيسية لـ"إسرائيل" وإنما لخوفه على موقعه الشخصي ليس إلا، وفق معادلة مفادها:

البقاء في موقع رئيس الوزراء هو الأساس، أما المجازفة بالتحالف مع قوى على رأسها كديما ومن ضمنها الكتل اليسارية الأخرى بما فيها العرب، فذلك قد يجعله في موقع صعب يخسر فيه حلفاءه الأصليين، ولا يكسب فيه على نحو مضمون معارضيه الأقوياء، الذين سيعوِّمون دوره.. وإن لم يذعن لما يريدون في كل الأمور، فلن يكون أمامه إلا الدخول في انتخابات مبكرة وساعتئذ لن تكون مضمونة كسابقتها – بحكم خذلانه لليمين، وعدم طمأنينة اليسار له بعد تفاقم الأزمة مع أميركا - ثم ترويضها في المسارات غير الخطرة التي نراها الآن، صار نتنياهو هو المؤشر الأكثر واقعية ودقة، نحو إلى أين تسير الأمور في "إسرائيل"، وليس رجلا آخر، أو سيناريو آخر. إلا أن ما ينبغي الانتباه إليه، هو إغراق اليسار في "إسرائيل" مثلنا نحن العرب، في الرهان على الأزمة مع أمريكا، ليس لمجرد أن أمريكا هي الأم ومن غير المسموح إغضابها والاختلاف معها، وإنما لأن كلمة أميركا في "إسرائيل"، تتمتع بجاذبية لا تقاوم خصوصا على صعيد تصفية الحسابات الداخلية والتعبئة الفاعلة لـ«مع» و«ضد» على جميع المستويات.

بعد تراجع الرهان ولو نسبيا على أزمة نتنياهو مع أوباما، تحسن وبكل أسف ولو إلى حين وضع نتنياهو، الذي صار يقول إنني أنا صاحب الرهانات الجريئة في العلاقة مع أمريكا، وصار بوسعه الادعاء بأن طريقته في التعامل مع الرئيس الأمريكي هي الأفضل والأكثر جدوى في تحقيق مصالح "إسرائيل"، حتى أمكنه القول إنه يعرف أمريكا أكثر مما يعرفها رئيسها، هنا يكمن المؤشر الحقيقي.. فإن ذهب نتنياهو إلى تحالفات جديدة فذلك يعني أنه حسم أمره باتجاه الدخول في محاولة حل سياسي مع الفلسطينيين - وإن ظل على حاله - فستظل الأزمة على حالها كذلك.