خبر كلمات، كلمات -يديعوت

الساعة 08:18 ص|22 ابريل 2010

كلمات، كلمات -يديعوت

بقلم: عاموس كرميل

للمحلل خلف لوحة مفاتيح الحاسوب او خلف الميكروفون حق فائض طبيعي ظاهرا: طول النص محدود وزمن الحديث محدد، وعليه يمكن اطلاق أقوال رنانة دون اغلاق كل اطراف الخيوط. توفير مشورات قاطعة لاصحاب القرار في ظل تجاهل علامات استفهام كبيرة ولاذعة. وكما تدل مثلا سلسلة من المقالات التي صدرت في البلاد وفي العالم منذ بداية الاسبوع على شرف حلول يوم الاستقلال الـ 62 وعلاقاتنا الاشكالية مع العالم الواسع والادارة الامريكية.

في السواد الاعظم منها، ان لم يكن فيها جميعا، كتب انه يجب العمل على اصلاح هذه العلاقات. في السواد الاعظم منها ان لم يكن فيها جميعا، تمت الاشارة الى اخطاء وتورطات زائدة من حكومة اسرائيل. في السواد الاعظم منها، ان لم يكن فيها جميعا تقرر الامر المسلم به: بان الاباء المؤسسين حلموا بشيء افضل مما هو قائم. ولكن في الكثير منها ذكرت وصفات سحرية لعمل فوري تقوم به حكومة اسرائيل ورئيسها، دون تناول عموم الجوانب الواقعية لهذه الوصفات، التي تخرج منها كل الهواء او على الاقل اساس الفعل السحري.

لنقفز عن وصفة سحرية واحدة، تتعلق بتبني "مبادرة السلام العربية" – ليس تجاهلا لانها تتضمن عودة جماعية للاجئين فلسطينيين الى داخل نطاق الخط الاخضر، بل انطلاقا من موافقة صريحة على هذه العودة. لنقفز عن فكرة ألمعية اخرى، اطلقها احد المحللين الى الفضاء كسبيل لاستنفاد "الفرصة الاخيرة" للخروج من المراوحة في المستنقع السام: "المبادرة الى فك ارتباط جزئي، محدود". بمعنى، لنقفز عن التجاهل لمسألة ان خطوة اسرائيلية احادية الجانب، بل ومحدودة تضمن في المدى الفوري فقط اضافة مخاطر ومشاكل.

لنقفز ايضا عن فكرتين ألمعيتين "واقعيتين" اخريين: "عرض دولة في حدود مؤقتة على ابو مازن" (بعد أن سبق أن رفض كل امكانية كهذه) و "تسليم سلام فياض اراض تتيح له بناء فلسطين سوية العقل" (بعد ان سبق أن اوضح بان هذه الاراضي يجب أن تتطابق تماما مع خطوط 5 حزيران 1967).

ننتقل من كل هذا الى ريتشارد كوهين، الكاتب الكبير في "واشنطن بوست" الذي قرر اختراع الدولاب ليس عندنا، بل في مكانه: الشرح ليس لبنيامين نتنياهو بل لبراك اوباما كيف يمكن الخروج من الورطة وحل المشكلة الاسرائيلية – الفلسطينية بموافقتنا الكاملة.

وعلى نحو يشبه محللين اسرائيليين غير قلائل، يكتب كوهين بان اوباما لا يستطيب نتنياهو. وعلى نحو يشبههم، هو ايضا، كوهين، لا يستطيب نتنياهو. ولكن بالمقابل، كوهين لا يخفي رأيه في أن مخاوف ما يسميه "المركز السياسي الاسرائيلي" – ليست الدوائر المتطرفة التي ترى السواد – ليست "مخاوف نظرية".  ولجملة السيناريوهات المتوقعة في حالة انصراف اسرائيل تام وعاجل من المناطق يدعوها "موضوع حياة او موت".

وفضلا عن ذلك، فانه يتساءل ماذا سيحصل اذا ما تحققت هذه السيناريوهات، ويسأل هل اوباما سيبقى مخلصا لاسرائيل "في مثل هذه الحالة". ليس سؤالا بلاغيا، الرد الايجابي عليه واضح من تلقاء نفسه، بل سؤال يتواصل بالقول انه حتى الان لا تلوح مؤشرات تدل على ذلك. وعندها، مرة اخرى على نحو يشبه محللين اسرائيليين غير قليلين يمتشق كوهين الورقة المظفرة ظاهرا: "اذهب لالقاء خطاب في القدس"، يوصي اوباما (الذي على أي حال لم يسمع ابدا هذا الخيار).

"اذهب لالقاء خطاب في القدس"، لاي غرض؟ اذا كان يوجد لاوباما سبيل لدفع تسوية الى الامام لا تمس بشدة بالامن القومي الاسرائيلي، اذا كان يعرف "فقط" كيف يقيم دولة فلسطينية مجردة ويشطب عن جدول الاعمال "حق العودة" – فان بوسعه أن يشرح لنا ذلك من واشنطن أيضا. في هذه الاثناء، من الصعب جدا رؤية مؤشرات تدل على ذلك. في هذه الاثناء، يمكن للمحللين أن يلعبوا بكلمات لامعة.