خبر في تأييد رؤيا فياض .. هآرتس

الساعة 11:21 ص|19 ابريل 2010

بقلم: شلومو أفنري

رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض أعلن مؤخرا بان حكومته تعتزم الاعلان عن دولة فلسطينية مستقلة في صيف 2011، حتى لو لم يتحقق اتفاق مع اسرائيل. واضح أن هذا البيان أثار عدم ارتياح في اسرائيل، وليس فقط في اوساط مؤيدي حكومة بنيامين نتنياهو، فما بالك وترافقت معه تلميحات بان يحتمل ان تعترف دول في اوروبا (بل وحتى الاتحاد الاوروبي بأسره – بهذا الاعلان للاستقلال من جانب واحد.

الاحساس بعدم الراحة والمخاوف التي تترافق معه مفهومة، ولكن يحتمل جدا أن يكون مغلوط من اساسه. إذ ان كل من له عينان في رأسه وليس أسير الشعارات المخلولة أو ملتزم بقدسية السلامة السياسية، ملزم بان يعترف بانه حتى لو استؤنفت المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، فلا يوجد أي احتمال للاتفاق. وذلك، ليس فقط بسبب مواقف حكومة نتنياهو، إذ ان حكومة اولمرت – لفني ادارت على مدى سنتين مفاوضات متواصلة وطويلة مع ابو مازن، وطرحت عروض سخية للغاية ولم تتمكن من الوصول الى اتفاق.

الاسباب واضحة: في المواضيع المركزية – الحدود، القدس، اللاجئين – الفوارق بين المواقف الاكثر اعتدالا في الطرفين عميقة لدرجة انه لا يمكن لاي خطاب بياني – او كبديل، تدخل امريكي حازم – لن ينجح في جسرها. من يعتقد خلاف ذلك ببساطة يخطىء بالاحلام.

وعليه، يجب الفحص بجدية ماذا سيحصل اذا ما بالفعل اعلن الفلسطينيون عن دولة مستقلة، بل وحظوا باعتراف دولي واسع نسبيا. اولا، واضح أن اسرائيل ستعلن بان هذا الاعلان من طرف واحد يلغي كل التسويات، منذ اوسلو ولاحقا، بينها وبين الفلسطينيين وانها معفية من كل التعهدات التي اخذتها على نفسها، بما في ذلك التعهدات الاقتصادية، وستتعاطى مع المناطق التي تحت سيطرة فلسطينية كمناطق لبلاد اجنبية. على أي حال واضح ايضا بان كل تعهدات اسرائيل النابعة من سيطرتها العسكرية على المناطق ستكون باطلة، سواء من ناحية القانون الاسرائيلي ام من ناحية القانون الدولي. هذا الادعاء لن يقبله الجميع. ولكن لن يكون ممكنا تجاهله.

الاعلان الفلسطيني لن يغير الوضع على الارض: فليس بوسع اعلان الاستقلال احادي الجانب بان يؤدي بحد ذاته الى اخلاء المستوطنات، سواء أعلن الفلسطينيون قبولهم للمستوطنين كمواطنين في دولتهم أم واصلوا الادعاء بان المستوطنات غير قانونية. وهذا ينطبق، بالطبع، على القدس الشرقية ايضا، التي ينبغي الافتراض بان يعلن الفلسطينيون بانهم يعتبرونها عاصمتهم.

اما ما سيخلقه اعلان استقلال فلسطيني من طرف واحد فهو تغيير جوهري لطبيعة النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. من نزاع بين محتلين اسرائيليين وخاضعين فلسطينيين للاحتلال سيصبح نزاعا بين دولتين. لا ريب أن فلسطين المستقلة ستدعي بان اسرائيل احتلت هذه المناطق ولكن هذا هو الوضع ايضا بالنسبة لسوريا. اذا كانت فلسطين مستقلة، فليس لاسرائيل أي مسؤولية تجاه قطاع غزة، وحدود اسرائيل – غزة هي حدود دولية حقا مثل حدود مصر – غزة؛ وعقب ذلك، لا تكون اسرائيل ملزمة ضمن امور اخرى بالسماح بالعبور من اراضيها الى اراضي فلسطين وبالعكس، مثلما لا يوجد عبور من سوريا الى اسرائيل.

بالطبع الموضوع ليس بسيطا بهذا القدر. ولكن كل خطوة تجعل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني "طبيعي" اكثر، أي نزاع بين دولتين، سيحث ايضا امكانية المفاوضات: يكون من الاسهل ادارة مفاوضات في مواضيع الحدود، مستقبل المستوطنات، تبادل الاراضي، القدس وما شابه من مواضيع بين دولتين.

ينبغي التعلل بالامل الا يكون في هذا السيناريو ما يمنع اعضاء القيادة الفلسطينية ويدفعهم الى التمسك برأيهم: بالعكس، عليهم أن يأخذوا مصيرهم بايديهم وان يقفوا حيال اسرائيل كدولة بكل معنى الكلمة. وهكذا يحررون انفسهم – ويحررونا – من الاحتلال. وهكذا سيقومون بما لم ينجحوا في عمله منذ 1948، وما لم نتمكن نحن من عمله منذ 1967. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق رؤيا الدولتين للشعبين.