خبر الأسيرات الفلسطينيات يحولن تجربة اعتقالهن لقصص نجاح وتحدي

الساعة 02:33 م|18 ابريل 2010

الأسيرات الفلسطينيات يحولن تجربة اعتقالهن لقصص نجاح وتحدي

فلسطين اليوم: رام الله

عندما خرجت براءة ملكي ذات 15 ربيعا من السجن لم تكن تعرف بالضبط ما الذي ستقوم ه بعد عام من الاعتقال في سجون الاحتلال، خيارات متعددة و غير واضحة، كما تقول، و الأهم من ذلك لم تكن تثق إنها ستستطيع أن تكمل الطريق.

 

تقول:" تجربة الاعتقال ليست سهلة على الاعتقال، خلال السجن رأيت ما لم أكن يوما أتخيله في حياتي ، كل شئ مختلف و مخيف وخاصة في فترة التحقيق، و حين الإفراج عني بدا كل شئ مربك لي ووجدت نفسي غريبة عن مكاني الأصلي".

 

براءة من مخيم الجلزون للاجئين القريب من رام الله، طالبة في الصف التاسع الأساسي كانت قد اعتقلت ولم تكن أكلمت 14 من عمرها على حاجز قلنديا القريب من رام الله و حكمت بالسجن عاما قضته في سجن الرملة.

 

ورغم هذا الإرباك، استطاعت براءة بعد ستة أشهر من الإفراج عنها في أكتوبر الماضي أن تمضي قدما محاولة ان تحول خوفها إلى نجاح متسلحة بتجربة فريدة جدا :" بعد فترة من الإفراج عني كان لا بد من التحرك لإكمال حياتي بتميز اكبر، فلم يعد شيئا بالنسبة ألي كما كان، و سنة الاعتقال كانت نقطة التحول في شخصيتي".

 

براءة عادت إلى المدرسة، و رغم إصرار إدارة المدرسة أن تعيد نفس الصف التي كانت تدرس فيه قبل الاعتقال و حرمانها من الالتحاق بزميلاتها إلا أنها عزمت على المضي قدما:" حاولت كثيرا إقناع إدارة المدرسة ان أكمل مع صديقاتي اللواتي كن قد اكلمن صفهن التاسع و انتقلن الى الصف العاشر، و لكني لم انجح، وللحظة شعرت بيأس و احباط شديدين الا انني عدت من جديد و التحقت بالمدرسة لأصل الى هدفي الذي تبلور في السجن".

 

براءة تحلم ان تنهي دراستها الجامعة في مجال الصحافة و الإعلام لتستطيع ان تنقل كل ما رأته و عاشته إلى العالم ليرى و يسمع، فلا يزال الكثير من الحكايات التي لم تسمع و القصص التي تستحق ان تكتب و تنشر، كما قالت.

 

وتتابع براءة:" لم اكن افكر بهذه الطريقة من قبل، الان اشعر انني كبرت كثيرا و انني بعمر الأسيرات اللواتي تركتهن خلفي و خاصة الأمهات منهن، فقد عشت معاناتهن و اندمجت معها حتى أصبحت اشعر أنني تجاوزت الثلاثين من عمري".

 

ولا تخفي براءة بعض المضايقات التي تعرضت لها بعد الإفراج عنها، وخاصة فيما يتعلق بنظرة المجتمع للأسيرة و سؤاله الدائم عما حصل معها و خاصة كونها كانت صغيرة بالسن:" إلى الآن المجتمع الفلسطيني لا يتقبل كون الفتاه معتقلة سابقة، و يواجهونني بالاسئلة الدائمة عما إذا اعتدى علي بالسجن، إلا أنني و الحمد لله وبدعم من أهلي استطعت تجاوز هذه المرحلة و اطمح في أن اثبت لكل من حولي أن تجربة الأسر تجربة تخلق الإنسان من جديد ولا تهدمه".

 

ثقافة الاعتقال ..لا تكفي

ولا تختلف تجربة براءة رغم تواضعها، مع تجارب الأسيرات السابقات و خاصة اؤلئك اللواتي اعتقلن قبل الانتفاضة فتجربة السجن كانت معاناه و صقل للشخصية في ذات الوقت، كما تقول الأسيرة المحررة "رولا أبو دحة" من رام الله، و التي اعتقلت في العام 1988 و قضت في سجون الاحتلال فترة تسع سنوات متواصلة,

 

وترى أبو دحة ان تجربة الاعتقال الغنية بدون التسلح بالسلاح التعليم و الدعم من المجتمع و العائلة لا تكفي لتحقق الاسيرة نجاحات مهنية في حياتها العامة:" كنت محظوظة كوني وجدت عائلة تفهمت ودعمتني بقوة و أصدقاء و ظروف مادية جيدة وكل ذلك بجانب رغبتي في إكمال حياتي الجامعة التي انقطعت عنها".

 

وكانت الأسيرة أبو دحة قد اعتقلت وهي في سنتها الثالثة في الجامعة و استطاعت ان تعود من جديد لتكمل دراسة البكاليويوس وتنهي فيما يعد دراسة الماجستير و تعمل في جامعة بيرزيت محاضرة بقضايا المرأة و تحقق نجاحات في مجال البحث العلمي.

 

وتشير أبو دحة الى ان الأسيرة بحاجة لدعم و عزيمة كبيرة لتجاوز نظرة المجتمع لها و التي لا زالت لا تتقبل الأسيرة المحررة كما يجب.

 

ولا تخفي أبو دحة، رغم تقدمها في مجال التعليم و التدريس، ما اضاف لها السجن من اغناء لثقافتها و تفكيرها و قدرتها على النقاش و التحليل وخاصة فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية التي تخصصت فيه، فكما تؤكد فإن وسيلة النجاح كانت التعليم الا ان تجربة الاعتقال أثرت في إثراء وظيفتها المهنية و أغنائها.

 

لا مجال للهزيمة

الأسيرة المحررة "عبير ندى" كانت قد اعتقلت خلال دراستها لصف الثانوية العامة، و قضت بالسجن عامين و ثمان أشهر،  استطاعت رغم المنع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية أن تجتاز امتحانات الثانوية العامة بنجاح.

 

تقول عبير:" اعتقلت في شهر آذار وكانت الامتحانات النهائية بعد ثلاث اشهر فقط، و حاولت استصدار تصريح لأداء الامتحانات من الإدارة ألا أنها رفضت ذلك خلال عامين متتاليين، و في العام الثالث وقبل الإفراج عني استطعت ان أقدم الامتحانات و النجاح".

 

وتشير عبير إلى أنها ورغم ظروف الإفراج عنها السيئة، حيث كانت والدتها قد توفيت قبل ذلك بشهرين، الا انها أصرت على إكمال مسيرتها التعليمية حيث تدرس "الخدمة الاجتماعية" الان في الجامعة المفتوحة.

 

وبحسب عبير فإن تجربة الاعتقال كان لها اكبر الأثر في إصرارها على النجاح:" السجن يربي الشخصيات ويصقلها بحيث يمكن الأسيرة ان تتحدي كل الظروف للتجاوز الصعاب التي تواجها، يمكن لو كنت خارج السجن لما لانكسرت من أي تجربة سيئة ولكن في الاعتقال ممنوع على الأسيرة الاستسلام".

 

ولا تنكر عبير نظرة المجتمع للاسيرة وعدم تقبله كما يجب، فلا يزال هناك من ينظر للاسيرة المحررة نظرة الشك و الرفض هناك، إلى جانب " الدعم الرسمي المعدوم" على عكس الوعود التي تحصل عليها الأسيرة لحظة الإفراج عنها.