خبر الوضع عشية يوم الاستقلال- إسرائيل اليوم

الساعة 10:00 ص|18 ابريل 2010

الوضع عشية يوم الاستقلال- إسرائيل اليوم 

بقلم: يعقوب عمدرور

 (المضمون: التحدي السياسي الرئيس الذي تواجهه اسرائيل هو أن تخسر شرعية كونها دولة اليهود وحقها في الدفاع عن نفسها بنفسها لان العالم  الغربي الديمقراطي قد تغير تصوره فلم يعد يدرك الحاجة الى القتال للحفاظ على الدولة القومية - المصدر).

        قليلة هي الدول التي أنشئت في القرن الماضي ونجحت في بلوغ نفس الانجازات التي بلغتها دولة اسرائيل التي أنشئت وتتقدم على عكس جميع الاحتمالات. لو سألوا الخبراء على اختلافهم بعد الحرب العالمية الثانية والكارثة الفظيعة، هل ستنجح دولة يهودية في أن تزهر في الشرق الاوسط – لكان الجواب كما يبدو مترددا جدا. وللحقيقة، كانت تقدير مسؤولي الادارة الامريكية  الكبار في ذلك الوقت متشائما جدا.

        هذا الانجاز أكبر مما يبدو اذا أخذنا في الحساب أن الدولة في أثناء سني وجودها قد واجهت تحديين ضخمين ثبتت لهما بكرامة – لقد استوعبت ملايين اليهود من أنحاء العالم ونجحت في انشاء مجتمع فيه تطوير دائم للتأليف بين الآتيين من الجاليات المختلفة. في الحقيقة ما يزال الطريق الى التآلف التام طويلا، لكن المسافة التي قطعها المجتمع الاسرائيلي في هذا المجال كبيرة ومهمة جدا.

        والتحدي الثاني هو التحدي الأمني. وأذكر اذ خدمت في كتيبة مظليين في حرب الايام الستة، أذكر جو القلق الحقيقي لمصير دولة اسرائيل عشية الحرب. كان التعبير الشائع، على خلفية الوضع الأمني والاقتصادي "ليطفىء آخر من يخرج من اللد النور".

        بعد حرب شديدة أخرى في 1973 تعلم جيراننا أنه لا امكان لهزيمة الجيش الاسرائيلي في ميدان القتال ما حافظ على قوته. كانت هذه هي القاعدة الحقيقية للاتفاق السياسي مع مصر التي حطمت سور العزلة السياسية لدولة اسرائيل قبيل يوم ميلادها الثلاثين.

        لم يكن بعض اعدائنا مستعدا للتوقيع على أي اتفاق مع دولة اليهود او على الموافقة حتى الضمنية على مجرد وجودها. أدرك هؤلاء الاعداء انه ينبغي البحث عن سبل أخرى لمواجهة اسرائيل. أنشئت منظمة فتح في 1965 للقضاء على دولة اسرائيل بالارهاب وبعد هزيمتها في الاردن فقط (عام 1970 على يد الجيش الاردني) وفي لبنان (1982) ادرك عرفات انه سيضطر ان يسلم مؤقتا لوجود دولة اليهود.

        منذ ذلك الحين حصر جهوده في يهودا والسامرة وغزة على أن ذاك جزء من سياسة المراحل التي تفضي آخر الأمر الى القضاء على دولة اسرائيل كلها. قامت مسيرة اوسلو على ادراك عرفات هذا. كان يجب أن نحارب مرة أخرى وأن نقضي على الارهاب الذي نما في يهودا والسامرة منذ اوسلو حتى الايام الدامية من ربيع 2002 كي يدرك جزء من الفلسطينيين في الطرف الثاني أن طريق الارهاب لن ينجح أيضا.

        بلا حنين مزيف الى الماضي

        تحيرني أحيانا الذاكرة القصيرة او جهل اولئك الذين يصورون باشتياق أياما بعيدة "قبل احتلال 1967". صحيح انه كانت آنذاك براءة وأصبحنا منذ ذلك الحين أكثر سخرية؛ وصحيح ان المجتمع كان أكثر تساويا مع قدر أقل من الفروق الاقتصادية – ومن جملة أسباب ذلك أنه كان أكثر فقرا وأن الجميع تقاسموا العوز (تقريبا) تقاسما متساويا على التقريب؛ وصحيح انه وجد آنذاك عدد أكبر من المثاليين ولا سيما في القرى الزراعية والكيبوتسات، لكن عوض انخفاض باعثهم على خدمة المجموع، زاد جدا شعور لابسي القبعات المنسوجة بالرسالة ممن كانوا في أكثرهم خارج دائرة الفعل في السنين الاولى من وجود الدولة – لكن ليس من المؤكد البتة أنه قد وجد آنذاك قدر أقل من الفساد، وان يكن كما يبدو أقل من جهة شخصية وأكثر من جهة المؤسسات والأحزاب.

        لا يحل ان  نتجاهل الضعف الموجود اليوم، لكن ينبغي أن نخاف الحنين المزيف الى الماضي، ويجب أن نقدر تقديرا صحيحا الانجازات وأن نحصر العناية في التحديات وطرائق الحل:

        التحدي السياسي الرئيس هو خسارة شرعية دولة اسرائيل على أنها دولة اليهود وحقها في الدفاع عن نفسها بنفسها. ينبع جزء من المشكلة من أن العالم الغربي الديمقراطي تغير. فلم يعد هنالك ادراك للحاجة الى الحرب للحفاظ على الدولة القومية. وفي بعض الاماكن تلاشت لتصبح نظما أكبر مثل الاتحاد الاوروبي، وفقدت في أماكن أخرى تميزها وأصبحت مجتمعا متعدد الثقافات يقبل في واقع الامر معايير القلة العنيفة ولا سيما المسلمة.

        ينشأ في الولايات المتحدة توجه أساسه تقدير أن المجتمع الغربي اذا أصبح مفتوحا مصغيا لاحتياجات العالم الثالث ولا سيما الاسلامي فان الطرف الثاني سينفتح أيضا ويصبح أكثر ودا.

لا تأخذوا هذه التوجهات في حسابها المسارات في العالم الاسلامي. تدفع اسرائيل ثمنا باهظا لرغبة الغرب في مصالحة العالم الاسلامي وهذا هو التحدي الرئيس الذي سيجب عليها ان تواجهه في المجال السياسي.

وفي المجال الأمني يجب على اسرائيل ان تتخذ قرارات مصيرية تتعلق بالتهديد الذري الايراني. يواجهها كما يبدو امكانان صعبان قاسيان، لان العالم قد استقر رأيه في الحقيقة على عدم وقف ايران. ستضطر اسرائيل الى أن تقرر أهي مستعدة (او لا مناص لها) للعيش في عالم تملك ايران فيه قدرة ذرية – برغم انها تهدد بصراحة بالقضاء على اسرائيل، او تشعل نارا في الشرق الاوسط عندما تهاجم ايران في قصد الى منعها بلوغ القدرة الذرية.

        التجنيد الاجتماعي

 فيما يتعلق بالمجتمع الاسرائيلي نفسه للدولة مهمتان باهظتان:

المهمة الاولى هي كيف تدفع قدما بالاقتصاد الذي يبدو نجاحا عظيما، عندما تعيش اسرائيل مستوى حياة وانتاجا وطنيا اوروبيا، لكن مع كونها احدى المتقدمات في مقياس عدم المساواة. ان مجتمعا صغيرا من ملايين معدودة معرضا لضغوط أمنية صعبة يجب عليه ان يضيق الفرق بين الاغنياء والفقراء. هذا تحد صعب اذا اردنا فعل ذلك بتقديم القدرات الاقتصادية والحفاظ على التفوق التقني وجو المبادرات. لكنه ليس مستحيلا اذا حددنا أهدافا واضحة.

والثانية هي مهمة تجنيد المجتمع ليؤيد خطة توافق عليها الكثرة، مع توكيد المجتمع اليهودي، هي كيف نواجه القضية الفلسطينية. وهي خطة لا يسهل التوصل اليها اذا أخذنا في الحساب الخلفية التاريخية بعامة والعلاقة بالقدس بخاصة، والاحتياجات الأمنية، والوضع السكاني وتقوي حماس والحاجة الى احراز موافقة خارجية لا داخلية فقط.

ليست التحديات سهلة لكن يحل لنا ان ننظر الى الماضي بفخر ويجب ان نحمد الله. على رغم اننا ما نزال نواجه طريقا صعبا، تمنحنا نجاحاتنا منذ بدأ الباعث عندنا على أخذ مصيرنا بأيدينا قبل أكثر من مائة سنة ومنذ أنشئت الدولة بيقين – تمنحنا أساسا جيدا لتأميل مستقبل أفضل.