خبر كتب أيمن خالد .. درس من بولو

الساعة 02:59 م|16 ابريل 2010

كتب أيمن خالد .. درس من بولو

 

اليوم الثاني من رحلتنا إلى تركيا كان علينا أن نزور بولو، مدينة بسحر النجوم وهدوء النسيم، تبث السكينة في القلب، وإذا وصلت جوارها تظن انك بلغت الحلم، فكل شيء فيها يسلبك الوقت وأنت تنظر فيه، فما بين سحر الجديد وأصالة العتيق القديم، والحضارة التي تلوح إليك أبية شامخة، والحروف العربية المنحوتة بالصخر على واجهات حضارة الماضي وأقواس نصر المستقبل  تستقبلك هذه الرائعة الصورة والحلم والجمال تستقبلك باكية، لأنك قادم من فلسطين، فبينما تصطف النساء تنظر إليك من بعيد، وعلى رؤوسهن الحجاب التركي الرائع، ملائكة في عالم يطوقه الشجن، ويعانقك الرجال، ويلامس كبار السن كتفيك أو يديك، وعليك أن تطأطئ الرأس خجلا وهم يقولون إن علينا نحن أن نعرف قيمة الأرض التي بارك الله فيها للعالمين.

 

سنتحدث قليلا معهم في مهرجان خاص عن فلسطين، ولن نجد ابلغ من قولنا لهم إننا وانتم أحفاد السلطان عبد الحميد، فيصفقون بحرارة، وتبدأ رحلة سهرة هي جزء من ذاكرتي الآن عن امة حية وشعب عاشق لفلسطين.

 

الدرس الأول الذي تعلمناه هناك أن في المدينة حزبين كبيرين هما حزب العدالة والتنمية، والثاني هو حزب السعادة، ومعلوم أن بين الحزبين ما صنع الحداد، وبينهما تنافس شديد وخلافات طويلة لا حصر لها، ولكن زعيما الحزبين في تلك المدينة أصرا على حضور هذا الحفل لأن فلسطين تستحق أن تختفي كل المشاكل لأجلها، ..الله كم تمنيت أن يزور قادة الأنظمة العربية هذه المدينة ليكتشفوا قيمة الاتفاق على فلسطين رغم كل شيء، لقد كان مشهدا رائعا، وكانت روعة المشهد أكثر، عندما عرضت الكاميرا لقطات من جراح غزة، وبدأت تسمع أنين وبكاء، فنظرت إلى جانبي فإذا رؤساء الأحزاب يبكون مثل بقية الناس، فكانت ساعة من دموع، وشجن ونشيد لأجل فلسطين.

 

المطرب من القناة الخامسة جاء مع فريق تلفزيوني وانشد نشيدا رائعا بالتركية كان يقول أمي أنا ذاهب إلى غزة لأنقذ أهل غزة سأذهب عبر السفينة وإذا مت يا أمي لا تحزني فانا شهيد لأجل فلسطين هذه التي تستحق الشهادة ..واعلمي يا أمي أن موتي لا يعني موت غزة فسوف يأتي من بعدي آلاف الرجال يموتون على طريق القدس.

 

ثم طفلة صغيرة تهمس من شغاف شعرا وصوتها يئن بنبض صوت يتيم من فلسطين يدعو الناس أن ترأف بجرحه، وتنصف حاله.. ثم نغادر الحفل، وهناك نشاهد الدرس الأخير ذلك اليوم لكنه مؤكد ليس أخيرا في تركيا، فعندما دخلنا القاعة جاءت بعض النسوة الفقيرات واحضرن مؤونة البيت من المخلل والزيتون وغيره، وأخذن يبعن هذه المؤونة أمام الحفل، ثم.. ثم ماذا؟؟ ثم تبرعن بثمنه لفلسطين؟

 

هكذا هي منظمة إي ها ها؟؟؟ يساهم فيها حتى أكثر الناس فقرا، فلعلنا نتعلم في جمعياتنا الخيرية كيف نستفيد من كل فلس، وكيف يساهم الجميع في رسالة الحياة.