خبر الربيع يتفتح../ زكريا محمد

الساعة 11:13 ص|16 ابريل 2010

الربيع يتفتح زكريا محمد

16/04/2010  06:55 

لا جديد في الأمر.

الجديد فقط هو الضجة التي تثار الآن لا غير.

فقد حصل حزب الله على صواريخ سكود قبل فترة.

تعلم هذا إسرائيل، وتعلمه أمريكا. بل إن السيد حسن نصر الله أعلن هذا، بشكل شبه واضح، في خطابه الذي تحدث فيه عن الضاحية مقابل تل أبيب، وعن مطار الحريري مقابل مطار بن غوريون.

إذن، فليس ثمة من جديد.

الجديد هو التوقيت.

 

لم فتحت إسرائيل الموضوع الآن؟ هذا هو السؤال. وسنحتاج إلى أيام أو أسابيع كي نعرف السبب الحقيقي.

لكن ما هو مهم أن الصواريخ قد وصلت، وأن التوازن الذي حددت شروطه إسرائيل قد كسر، من دون أن نصل إلى الحرب. هذا يعني أن الحرب لم تعد خيارا سهلا لإسرائيل.

 

وما هو مهم أيضا، هو الجرأة الواضحة التي تتصرف فيها سورية تجاه تسليح حزب الله. هذا يعني أن لديها إحساسا ما بأنها تستطيع ان تخترق بعض القواعد، وأن وضعها يسمح لها بأن تغامر يفعل ذلك، إلى حد.

 

ومن الصعب على المرء أن لا يعتقد أن القمة الثلاثية العلنية بين الرئيسين حافظ السد وأحمد نجاد والسيد حسن نصر الله لم تكن متعلقة بهذه الصواريخ. فقد أرسلت الصواريخ قبل هذه القمة، أغلب الظن. وكانت القمة إعلانا عنها، أو إعلانا عن أنها مشروع مشترك، إلى حد ما.

 

وتسرب المصادر العسكرية الإسرائيلية أن ضربة كانت ستتم لمواقع داخل سوريا ولبنان، لكنها ألغيت في اللحظة الأخيرة. يمكن للمرء أن يصدق ذلك نسبيا. فقد فكروا ثم اكتشفوا أن هذا سيقود إلى حرب واسعة. ولا بد أن لزيارات القادة الأميركيين الكبار في الشهور الخيرة إلى إسرائيل علاقة ما بهذا الأمر، وليس بضرب إيران. فحرب جديدة في هذه اللحظة بالذات يمكن أن تخرب كل شيء.

 

فوق ذلك، هي إن تمت يجب أن تكون حاسمة ونهائية. لكن من يضمن أن إسرائيل قادرة على خوض حرب حسم الآن؟ من يضمن ذلك بعد أن ثبت أنها لم تتمكن من توصيل البضاعة التي طلبتها كونداليسا رايس عام 2006؟ ثم هل إدارة أوباما في وارد إشعال حرب كبرى في المنطقة؟ وهل المنطقة العربية قادرة على تحمل مثل هذه الحرب؟ ألن يؤدي ذلك إلى انهيار أنظمة حليفة لأمريكا؟

هذه الأسئلة هي التي منعت الحرب، وليس كرم جنرالات إسرائيل.

 

خيارات إسرائيل تتقلص، حقا.

وهذا راجع إلى أمرين أساسيين:

 

الأول: الفشل الأميركي في حرب العراق. فهذه الحرب التي سعت إسرائيل، بكل طاقتها، إلى دفع الولايات المتحدة إليها، تحولت إلى كارثة عليها، مثلما كانت كارثة على الولايات المتحدة. الشهية الإسرائيلية التي لا تتوقف لتدمير المنطقة وصلت على حدودها القصوى، ثم انقلبت عليها هي في نهاية الأمر. تدمير العراق انقلب على كارثة على إسرائيل وعلى أمريكا. فهو أدخل أمريكا في أزمة ستستمر طويلا. أزمة تراجع لا تتوقف في قدراتها ونفوذها. هذا التراجع جعل إسرائيل عارية جزئيا. وعندما يتذكر المرء الآن كيف كان شمعون بيريز يرجف من فكرة ان تتخلى واشنطن عن احتلال العراق، وكيف كان يشجعها على عدم التردد، يتوضح له أي حماقة ارتكبها، وارتكبتها إسرائيل. لقد دُمر العراق، لكن أمريكا دمرت على المدى المتوسط. ودمارها دمار لإسرائيل.

 

الثاني: الفشل في حرب تموز، ثم الفشل الجزئي في حرب غزة. ففي هذين الحربين ثبت أن إسرائيل تستطيع ان تدمر، لكنها لا تستطيع ان تنتصر. حرب لبنان بالذات، كانت تحولا استراتيجيا. فقد أثبتت أن هناك طرقا أخرى لمواجهة إسرائيل والتملص من تفوقها. فوق ذلك فقد وضعت هذه الحرب مشروع أوسلو على كف عفريت. من أجل هذا فإن أكثر الناس رغبة في طمس أهمية حرب 2006، إنما يأتون من صفوف السلطة الفلسطينية، بالذات.

 

لا جديد في أمر صواريخ سكود.

ميزان القوى يتعدل حبة حبة.

وهو سيواصل ذلك، وإن بتعرج.

 

نعم، الحرب سجال، بعد.

لم تكن حرب أكتوبر آخر الحروب كما قال السادات، إبليس المرجوم، بل فتحت جحيم حروب إسرائيلية على المنطقة بغياب مصر. لكن ميزان الدم أخذ يتعدل منذ عام 2000. وهو سيتعدل اغلب الظن، فعهد مبارك، خليفة المرجوم المجحوم، يوشك على النهاية...

 

والربيع يتفتح...