خبر ماذا يطبخ في واشنطن؟

الساعة 12:09 م|15 ابريل 2010

بقلم: زلمان شوفال

        إن السادة سكوكروفت وبجيجنسكي وبيرغر وباول وكارلوتشي ومكفرلن – وجميعهم مستشارون للأمن القومي في الادارات السابقة – ليسوا بالضبط "مجلس كبار التوراة" للرئيس أوباما، لكنهم ليسوا أيضا صيغة واشنطنية لـ "برلمان جادة روتشيلد".

        اعتاد الجنرال جيم جونس، المستشار الحالي أن يجمع الستة المذكورين آنفا كل بضعة أسابيع للمشاورتهم في موضوعات سياسية، لكن ربما يكون ذلك ايضا لانه يظن أن تحظى مواقفه وآراؤه بمساعدة هذه الجماعة بوزن أكبر في نظر الرئيس. على أية حال، جمع جونس في نهاية الشهر الماضي هؤلاء "الستة" في مكتبه في البيت الابيض ليباحثهم في شؤون مختلفة، ولا سيما شؤون الشرق الاوسط. كان الذي قاد التباحث برنت سكوكروفت مستشار الرئيسين بوش (الأب) وفورد، وزبيغنيف بجيجنسكي مستشار الرئيس كارتر – وكلاهما ذو تاريخ مضادة كبيرة لاسرائيل. يبدو أنهما لم يتفقا بينهما سلفا على معايير التباحث وعلى المقترحات التي ستثار فيه. رأيا، وشاركهما في ذلك أكثر المشاركين الآخرين في المنتدى بهذا القدر أو ذاك، أن المحاولات الأمريكية الحالية لتقديم تسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين محكومة بالفشل. لهذا يجب على الادارة أن تخرج بخطة منها تقوم على النقط التي كان متفقا عليها في الماضي – وفي ضمنها اللاجئون والحدود والقدس – وأن تقدم للطرفين على أنها املاء.

        تجاهل تعريف "نقط متفق عليها في الماضي" بطبيعة الأمر، حقيقة انه برغم انه وجدت مقترحات تقريب بين وجهات النظر، لم يوجد أي اتفاق حقيقي على أي واحدة من المواد المختلف فيها. لا في شأن القدس ولا في شأن اللاجئين ولا في شأن الامكان المحدد لتعديل الحدود وتبادل الاراضي (في هذه النقطة الأخيرة بالمناسبة قال أحد المشاركين في المباحثة أنه يرى أن الحديث ليس عما يزيد على "بضع مئات من الامتار الى هنا والى هناك".

        كانت نقطة انطلاق أكثر المشاركين في المباحثة أنه توجد علاقة بين النزاع الاسرائيلي الفلسطيني وبين سائر مشكلات الولايات المتحدة في المنطقة وفي ضمنها ايران والأصولية الاسلامية وما أشبه. ليس هذا الزعم جديدا. فان "خبراء" مثل بجيجنسكي ذاك مثلا يقرنون بين مشكلات الولايات المتحدة مع العالم الاسلامي ومشكلتنا وهي مشكلة يرون انه يمكن حلها ويجب في الأساس بتنازلات بعيدة المدى من اسرائيل.

        هذه المزاعم التي حظيت في الماضي بتأييد قليل، تحصل في المدة الأخيرة على صدى واسع من اتجاهات مختلفة. كان يمكن أن يوجد مع ذلك أيضا تصريحات سيئة في شأن "الخطر" الذي تسببه مواقف اسرائيل على حياة الجنود الامريكيين في العراق وافغانستان.

        في وسط مباحثة المستشارين دخل الرئيس اوباما نفسه الغرفة ونفترض أن ذلك لم يكن بالمصادفة. لقد أصغى اصغاء كبيرا، لكنه لم يلمح أي الماح الى كون هذا الكلام مقبولا عنده أو لا. اهتم شخص ما من المشاركين في اللقاء بأن تسرب أنباء عما أثير فيه الى وسائل الاعلام الامريكية، وقد يكون ذلك على نحو لم يرض الرئيس ومستشاريه في البيت الابيض، فالادارة في هذه المرحلة ما تزال متمسكة بجهود الافضاء الى تفاوض بين الطرفين بوساطة وتقريب أمريكيين، ولهذا اثارة امكان خطة امريكية اخرى قد تشوش على ما بقي من احتمالات بعثة ميتشل. فلماذا يتخلى أبو مازن من شروطه المتطرفة اذا كان الامريكيون، كما يؤمل سيقومون بالعمل بدلا منه؟

        على أية حال "طُلب" الى الجنرال جونس من الغد أن يصرح من "طائرة الرئيس" عن أن "الادارة لا تنوي صياغة خطة منها"، وأنها "لن تفاجىء الطرفين" على أية حال. قد يكون هذا وقد لا يكون، وليس من المعقول أصلا أن تطرح خطة أمريكية قبل تشرين الثاني الذي هو كما تذكرون موعد الانتخابات للكونغرس. لكن تشرين الثاني غير بعيد. ولما كنا لا نرى الان تفاوضا بين اسرائيل والفلسطينيين سواء أكان مباشرا أم غير مباشر، يوشك أن يبدأ قريبا، فليس من الممتنع أن تقترح الادارة تسوية مفروضة. وذلك برغم حقيقة أن الرئيس صرح في الماضي عن أن الطرفين أنفسهما فقط يستطيعان التوصل الى سلام بينهما.

        على أية حال، علم في هذه الاثناء أن المستشارين "الستة" برئاسة الجنرال جونس يشغلون أنفسهم سواء أكان ذلك "بمبادرة خاصة" أم بايحاء من الرئيس، في صياغة خطة بديلة، وهم يستعينون من أجل ذلك بمستشار خارجي ذي أسبقية في شؤون النزاع الاسرائيلي العربي وهو شخص لا يعد في محبي صهيون. سواء أكانت لهذه الخطة احتمالات أم لا، من المحقق أنها ستعرض اسرائيل لمشكلات غير سهلة.