خبر الاستقلال .. صهيونية بلاد ام صهيونية دولة .. يديعوت

الساعة 08:15 ص|14 ابريل 2010

بقلم: غادي طؤوب

الجدال السياسي المركزي في المجتمع الاسرائيلي – الجدال على مستقبل يهودا والسامرة - ليس فقط جدالا على السياسة. هو جدال على مسألة ما هي الصهيونية. يمكن القول انه جدال على مسألة ما الذي بالضبط نحتفل فيه في يوم الاستقلال. ولكن في حمية السياسة اليومية، يجري الجدال في ظل التشويش لمعنى هذه المواجهة. المعسكرات الصقرية تطرح اراء خصومها بشكل مبسط بل واحيانا مشوه.

اليمين، ومن ضمنه المستوطنون المتدينون، يعرضون كل مؤيدي التقسيم كـ "معسكر السلام". ولكن عمليا الكثيرين يؤيدون التقسيم بالذات بعد أن يئسوا من امكانية السلام. وهؤلاء يعتقدون بان التقسيم هو السبيل الوحيد لاندثار المشروع الصهيوني نحو دولة ثنائية القومية، بعد أن نفقد الاغلبية اليهودية.

بالمقابل، الكثيرون من بين مؤيدي التقسيم يعرضون حركة المستوطنين كحركة مسيحانية. المستوطنون يحتجون على هذا العرض. وهم يعتقدون بانه يمكن تبرير مشروعهم على أساس واقعي وعلماني: البعد المسيحاني لحركتهم، والذي يرى في عودة صهيون بداية الخلاص، ليس قابلا للتنفيذ او أمر بالعمل، بل اطار اعتقادي عام يعطي بدا آخر لعمق ومعنى المشروع الذي فيه حاجة ايضا على أساس اعتبارات أرضية تماما.

يمكن الجدال في مدى اقناع مثل هذا الوصف للاستيطان الديني. من ينظر الى الحركة في منظور تاريخي، يمكنه أن يرى تعديلات في هذا السياق. وبينما في العصر الذي بين حرب الايام الستة وبين اعادة سيناء رأت قيادة المستوطنين نفسها كمن يخرج الى حيز التنفيذ، ببساطة، الامر الالهي – سياسة العلى، كما وصف ذلك الحاخام تسفي يهودا هكوهن كوك – منذ توجهت اسرائيل الى طريق الحل الوسط الاقليمي طرأ تغيير تدريجي في هذا الفهم. وما كان لا يفترض أن يحصل حسب خطة الخلاص، حصل بالذات، وكلما تراكمت خيبات الامل – هكذا اصبح اكثر بساطة. رؤيا الخلاص القريب تراجع الى الخلفية ومبعوثوها على الارض شرحوا مشروعهم بقدر متعاظم بتعابير أرضية.

ولكن بالنسبة للعلمانيين فان مسألة الشرعية الدينية للاستيطان في اوساط مؤيديه هي مسألة هامشية. حتى بعد ان تراجع الرب الى الخلفية، فان النزاع بين الصهيونية العلمانية وشقيقتها الاستيطانية – الدينية بقي عميقا وجذريا. سمعت هذا الاسبوع اوري اليتسور، المحرر السابق لمجلة "نكودا، الرئيس السابق لمكتب نتنياهو، يشرح الامر على النحو التالي: حسب نهجه، الصهيونية هي تجديد الصلة بين شعب اسرائيل وبلاد اسرائيل. الدولة ليست سوى وسيلة لخلق هذا التزاوج المتجدد.

ولكن في نظر هرتسل، بن غوريون، وايزمن، جابوتنسكي، رابين وحتى بيغن كانت الصهيونية شيئا آخر تماما. فهؤلاء آمنوا بصهيونية الدولة، وليس بصهيونية البلاد، والدولة في نظرهم كانت الهدف، وليس الوسيلة. الفارق ذو مغزى، رغم أن نوعي الصهيونية يريدان سواء بلاد اسرائيل ام دولة اسرائيل. صهيونية البلاد مستعدة لان تخاطر بالاغلبية اليهودية، بمجرد وجود الدولة، من أجل مواصلة التمسك بالارض التي خلف الخط الاخضر. اما صهيونية الدولة، فاليوم مثلما في عهد قرار التقسيم من الامم المتحدة، مستعدة لان تقسم البلاد كي تمنع اندثار الدولة اليهودية في أغلبية عربية.

يوم الاستقلال يذكرنا بهذا الامر الاساس: ليس صدفة نحتفل به ليس في تاريخ يرمز الى بداية الاستيطان الحديث، بل – مثلما يدل اسمه اليوم – في اليوم الذي اعلنا فيه عن الاستقلال السياسي. هذا الانجاز الهائل، الاهم بين انجازات اليهود في العصر الحديث، محظور علينا أن نعرضه للخطر من أجل التمسك بيهودا والسامرة.