خبر حكاية جندية .. يديعوت

الساعة 10:16 ص|12 ابريل 2010

بقلم: ناحوم برنيع

كان في اسرائيل ذات مرة حزب شيوعي. اعتبر اعضاؤه اليهود خطرا أمنيا. وليسوا هم فقط – بل أزواجهم وزوجاتهم وأقرباؤهم وأبناؤهم. عندما جند أبناؤهم للجيش الاسرائيلي جرت عليهم غربلة خاصة. عرفت ذات مرة جندية كهذه كانت صديقة أحد الاصدقاء. عندما جندت للجيش طلبت أن تخدم موظفة سرية في قوات المظليين. لقد أعجبها الجنود ذوو القبعات الحمراء.

قالوا لها في مكتب التجنيد انسي ذلك. فلسنا مجانين لنرسل جاسوسة شيوعية لقوات المظليين. أرسلوها بدل ذلك لتخدم في قسم مستودعات في الكرياه. "أنا الآن لا أعرف أي مظلي وسيم"، قالت لي وأضافت بهمس "لكنني أعرف بالضبط كم زوجا من الأحذية يوجد في الجيش الاسرائيلي".

تذكرت هذه الحكاية وهي واحدة من كثيرات، عندما قرأت النبأ للصحف الذي نشره عضو الكنيست اوري اورباخ (البيت اليهودي)، على أثر اعتقال الجندية المتقاعدة عنات كام. "تحت غطاء حرية التعبير وحقوق الانسان"، حذر اورباخ، "تنمو في أراضي اليسار نبتات وحشية متطرفة. يجب على الجيش أن يفحص جيدا من يجند ومن يوليه أمن اسرائيل".

ان اورباخ صحفي أصبح بين عشية وضحايا سياسيا. وقد أحضر معه لمهنته الجديدة من مهنته القديمة لسانا ذلقا وسرعة في الكتابة. أرسل النبأ الي في رسالة نصية في يوم الخميس في الساعة الواحدة وثلاث دقائق ظهرا، بعد دقائق من زوال أوامر حظر نشر اعتقال كام. ولم تكد مواقع الانترنت تبلغ عن ذلك، وكان القراء ما زالوا لم يهضموا ذلك لكن اورباخ كانت عنده 29 كلمة ساحقة لم تتحمل التأخير. ولقد برهن، وليس ذلك في المرة الاولى، انه صاحب رقم قياسي في سرعة الرد في الكنيست وربما في العالم البرلماني كله. وحتى لو لم يدخل الكنيست القادمة فمن المحقق ان يصل الى كتاب جينيس للارقام القياسية.

يوجد في اعلانه عيب واحد فقط هو انه سخف وشرارة. لم يعرف عضو الكنيست اورباخ الكثير عن القضية التي تحاكم كام بسببها، وعرف أقل من ذلك عن تعيين الجنود للخدمة وعن الأمن الميداني وعن حراسة المعلومات في الجيش الاسرائيلي. لو كان معنيا، فلربما كتب 29 كلمة ساحقة أخرى أو صمت. لسنا مضطرين للرد على كل شيء وعلى هذا النحو السريع جدا.

قد تكون الجندية المتقاعدة كام نبتة وحشية لكن من المحقق انها ليست نبتة وحشية في أراضي اليسار. وهي ايضا لم تول أمن اسرائيل فلقد كانت في الحصيلة العامة موظفة في مكتب جنرال. لقد جنت جناية خطيرة مصدرها خفة العقل، وهي تحاكم عنها. خطيئتها هو الفساد لا اليسارية. ومن سوء حظها أنها ألقت الوثائق التي سرقتها في يدين غير حذرتين وغير ماهرتين تفصحان عن المصدر. كانت هذه حماقتها الثانية.

والان الى جوهر النبأ: يقول اورباخ "يجب على الجيش أن يفحص جيدا من يجند ومن يوليه أمن اسرائيل". بعبارة أخرى، يقترح اورباخ ان من الواجب على الجيش قبل أن يجند جنديا أن يفحص عن ميوله السياسية. فاذا كان يميل الى اليسار فلا يحل أن يولى أمن اسرائيل.

عندي أنباء له: الى اليوم كان أكثر الضباط والجنود الذين اشتبه فيهم أنهم سرقوا وثائق سرية من الجيش الاسرائيلي لاحتياجات سياسية كانوا منتمين الى المعسكر الصهيوني المتدين خاصة. وقد فعلوا ذلك لمنع اخلاء البؤر الاستيطانية، وللطمس على جنايات نفذها مستوطنون، وهم نبات وحشي في أراضي اليمين، ولاحباط قرارات محاكم وحكومات وقادة من الجيش الاسرائيلي. وبرغم ذلك رفضت جميع مطالب تصنيف الجنود على حسب ميولهم السياسية رفضا باتا وبحق.

لقد رفضت لان الحفاظ على التكافل في المجتمع الاسرائيلي أهم لأمن اسرائيل كثيرا من الضرر الذي حدث على أثر سرقة وثيقة عسكرية ما بل طائفة من الوثائق. لقد أكثروا الحديث في الأيام الاخيرة عن الضرر المحتمل الذي كان يمكن ان يقع نتاج تسريب الوثائق. ولم يتحدثوا عن أكبر ضرر وهو روهاب المطاردة الذي يهدد بالاستيلاء على الخطاب العام على أثر اعمال كهذه. وهو أن يرتاب الشخص بأخيه وخليله ويقول أنت خائن. هذا مدخل الى كارثة.

الان، واورباخ يعلم عن القضية أكثر، ريما يخلص الى استنتاج ان السياسة ليست مسابقة جري. فليس كل من يسرع يفوز.