خبر التلوث جراء من العمليات الإسرائيلية يفوق ناتج الدول الأوروبية مجتمعة

الساعة 04:24 م|11 ابريل 2010
ر

التلوث جراء من العمليات  الإسرائيلية يفوق ناتج الدول الأوروبية مجتمعة

فلسطين اليوم: رام الله

أصبحت فلسطين خلال العقود الثلاثة الأخيرة أكثر جفافا وأقل مطرا ومتوسط درجة الحرارة فيها ارتفع بمقدار ضعفي ارتفاعه في سائر أنحاء العالم، فكمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من النشاطات العسكرية الإسرائيلية تعادل تلك الناتجة عن عشرات ملايين السيارات.

وبينما يحتد النقاش حول التسخين العالمي والعوامل المؤدية له، نشر مؤخرا بحث جديد بَيَّنَ أن متوسط درجة الحرارة في فلسطين ارتفع في العقود الأخيرة بمقدار ضعفي ارتفاع الحرارة في سائر أنحاء العالم، وفي مقابل ارتفاع الحرارة، سجل أيضا، بنفس الفترة، انخفاض كميات الأمطار في معظم أنحاء البلاد، مما جعل فلسطين أكثر جفافا.

هذه هي أهم النتائج المقلقة التي توصل إليها بحث جديد نشر في المجلة العلمية "climatic change".  وقد حلل البحث معطيات قياس محطات الأرصاد المنتشرة في البلاد في الفترة الواقعة بين 1970 و2002.

ودلت المعطيات الإحصائية على اتجاهات ومؤشرات بارزة تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة في مختلف أنحاء فلسطين.  وقد سجل الارتفاع الحراري الأهم في المنطقة الساحلية الوسطى (يافا، والرملة وغيرهما) وفي النقب (بئر السبع) حيث ارتفعت درجات الحرارة بدرجة ونصف درجة خلال العقود الثلاثة الأخيرة.  وقد يبدو هذا الارتفاع قليلا؛ لكن، بالمقارنة مع متوسط التسخين العالمي خلال السنوات المئة الأخيرة والبالغ نحو 0.8 درجة، فإن سرعة ارتفاع الحرارة في فلسطين أكبر بمرتين من متوسط التسخين العالمي.

وفي ذات الفترة، سجل على طول مستوى الساحلين الجنوبي (أسدود وغزة) والشمالي الارتفاع  الحراري الأكثر اعتدالا، وتحديدا بين نصف لدرجة وثلاثة أرباع درجة.  وفي المقابل، لم يسجل أي انخفاض في الحرارة في أي من مناطق البلاد. 

وقد فسر الباحثون ظاهرة ارتفاع الحرارة في فلسطين أكثر من المتوسط العالمي، بقولهم إنه لدى احتساب متوسط التسخين العالمي يتم أيضا دمج المناطق التي بردت خلال القرن الأخير.  كما أن التغير المناخي لا يحدث في جميع مناطق العالم بنفس الطريقة؛ إذ إن فلسطين تقع في منطقة مناخية حساسة، وتحديدا بين المناخ الصحراوي ومناخ البحر المتوسط شبه الرطب؛ ومن هنا تنبع التغيرات السريعة.

ولم يكتف الباحثون بتحليل المعطيات المتعلقة بدرجات الحرارة فقط، بل درسوا أيضا كميات المتساقطات.  وتمكن الباحثون، من خلال عملية الدمج بين معطيات درجات الحرارة والأمطار، من احتساب مؤشر الجفاف في فلسطين، الذي درج العمل به في إطار أبحاث المناخ.  ولم تكن نتائج الحسابات مشجعة؛ إذ بينما بقيت كميات المتساقطات في الساحل، خلال نفس الفترة، ثابتة إلى حد كبير، نجد أن كميات الأمطار أخذت تنخفض بشكل جدي كلما اتجهنا شرقا، أي نحو داخل فلسطين.  ولو أضفنا إلى ذلك ارتفاع درجات الحرارة، فسنجد ارتفاعا كبيرا في مؤشر الجفاف؛ وبخاصة في المناطق الشرقية والجنوبية، وهي ذات المناطق التي تميزت باتجاهها نحو الجفاف، بل، ومع الوقت، أخذت تتحول إلى مناطق جافة جدا.

في سياق تفسيره لظاهرة ارتفاع الحرارة في فلسطين أكثر من المتوسط العالمي، اكتفى البحث السابق بأن عزا المسألة إلى طريقة احتساب متوسط التسخين العالمي؛ متجاهلا الزيادة الضخمة في الانبعاثات الغازية الإسرائيلية، خلال العقود الأخيرة، وبخاصة ثاني أكسيد الكربون، مما أثر بشكل كبير ومباشر على ارتفاع درجات الحرارة في فلسطين، وبالتالي على التغير المناخي الواضح فيها.

وفي الوقت الذي يطمح فيه العالم إلى تقليل الانبعاثات الغازية بنسبة 20%  على الأقل عن مستواها في عام 1990، وذلك حتى عام 2020، فإن الأمر في إسرائيل لا يقتصر على أن انبعاثاتها لن تقل، حتى عام 2025، بل هي ستزداد بعشرات في المئة.  

ولا تزال إسرائيل تولد معظم طاقتها الكهربائية بطرق بدائية قديمة وخطيرة وملوثة جدا للبيئة الفلسطينية، وتحديدا من الفحم الذي يحرق لتوليد الكهرباء.  وتؤدي عملية حرق الفحم إلى انبعاث كميات كبيرة من الملوثات المسببة لأمراض خطيرة وارتفاع نسبة الوفيات في المناطق المحيطة بمحطات الطاقة العاملة على الفحم، فضلا عن تسببها في ارتفاع نسبة الاحتباس الحراري وبالتالي تسريع التغيرات المناخية التي تشهدها فلسطين.  ومن المعروف أن الفحم يسيء جدا للبيئة وللصحة العامة ويزيد كثيرا غازات الدفيئة في الجو.  فحرق الفحم وتغيير حالته الصلبة إلى الغازية يجعله الوقود الأحفوري الأكثر خطرا على الإنسان والبيئة والمناخ.

ويعد إنتاج الكهرباء في إسرائيل والقائم أساسا على حرق الفحم، مصدر نحو 60% من إجمالي الانبعاثات الغازية الإسرائيلية المدنية.  ومن المتوقع أن يتضاعف استهلاك الكهرباء في إسرائيل حتى العام 2025، مما سيضاعف كمية غازات الدفيئة المنبعثة.

وبالرغم من أن الانبعاثات الصادرة عن دول المنطقة تشكل أقل من 1% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، إلا أن حصة إسرائيل من هذه الانبعاثات هي الأكبر.  ففي إسرائيل ينبعث 11.8 طن غازات دفيئة للفرد سنويا، أي أكثر من المتوسط للفرد في الدول الأوروبية والبالغ 10.5 طن.

كما تسببت الحروب التي شنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، فضلا عن المناورات والتدريبات والعمليات العسكرية العدوانية اليومية الموجهة ضد الفلسطينيين والعرب في فلسطين ولبنان وغيرهما، في انبعاث مئات ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون وسائر غازات الدفيئة.  وتعادل كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة نتيجة للنشاطات العسكرية الإسرائيلية العدوانية تلك الكمية الناتجة عن تسيير عشرات ملايين السيارات في شوارع فلسطين وسائر أنحاء الوطن العربي.

ومنذ عام 2000 حين اندلعت انتفاضة الأقصى الفلسطينية، مرورا بحرب تموز 2006 ضد لبنان، وانتهاء بحرب الإبادة الأخيرة على قطاع غزة، بخاصة، وكذلك العمليات والتحركات العسكرية اليومية المكثفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بعامةـ منذئذ تقدر كميات الوقود التي استهلكتها الآليات والمعدات العسكرية الإسرائيلية بمليارات اللترات.  ويمكننا القول إن كمية ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق هذه الكمية الضخمة من الوقود تقدر بعشرات ملايين الأطنان.  هذا دون الحديث عن النشاطات العسكرية التي نفذتها والحروب التي خاضتها إسرائيل في العقود السابقة لانتفاضة الأقصى.

ويمكننا كذلك الزعم، بأن كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة سنويا من النشاطات والعمليات العسكرية الإسرائيلية تفوق تلك التي تنتجها مجتمعة عشرات الدول الغربية المتوسطة أو الكبيرة.

ولو أردنا التعبير عن خطورة الدور الإسرائيلي في تفاقم الانبعاثات الغازية في المنطقة وبالتالي دورها في التغير المناخي الحاصل، باستخدامنا لمؤشر البصمة الكربونيةـ وهو سلم لقياس مساحة الأرض التي يحتاجها الفرد للحياة بنمط معين ـ نجد عندئذ أن إسرائيل تملك أكبر البصمات الكربونية في العالم. 

ولو علمنا أيضا أن المعدل العالمي للبصمة الكربونية هو 22 دونما للفرد، فعندئذ، سنجد أن الولايات المتحدة تتصدر هذا السلم؛ إذ إن البصمة الكربونية لديها 95 دونما للفرد، ثم تليها كندا: 64 دونما للفرد، وفي المرتبة الثالثة إسرائيل: 53 دونما للفرد. وبينما ينقص الولايات المتحدة 46 دونما للفرد؛ فإن إسرائيل ينقصها 49 دونما للفرد، وبهذا تكون هذه أكبر فجوة عالمية بين المطلوب والموجود