خبر السقوط الحقيقي.. هآرتس

الساعة 11:01 ص|11 ابريل 2010

السقوط الحقيقي.. هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

لنفترض أن الشبهات المنسوبة لعنات كام صحيحة. استنادا الى هذه الفرصة، فليحاول كل واحد ان يتصور لنفسه السيناريو التالي: تصوروا انكم عنات كام، مجندة شابة في مكتب قائد المنطقة الوسطى. تقدم القهوة، تحول المكالمات، توثق اللقاءات. ليس مثل معظم ابناء سنكم، انتم ايضا ذوو رأي، بل وحتى ضمائر، وهو أمر نادر اكثر في الزمن الاخير. وبين القهوة والهاتف تطلعون على جلسات تعنى بجرائم الحرب. وانتم تعرفون، مثلا، بان محكمة العدل العليا قررت بانه ممنوع تصفية مطلوبين اذا كانت هناك وسيلة لاعتقالهم. وها أنتم تسمعون قائد المنطقة يصدر امرا لجنود الجيش الاسرائيلي بتصفية مطلوبين دون محاولة اعتقالهم، بل وحتى قتل ابرياء في محيطهم – اذا لم يكن هناك مفر. هناك لغات يسمى فيها هذا قتل متعمد.

ماذا كنتم ستفعلون؟ ماذا كان يتعين عليكم ان تفعلوه؟ ان تصمتوا؟ تنصوا؟ الا تعملوا شيئا؟ تتجلدوا وتركزوا على الاجازة التالية لكم؟ الموعد الغرامي التالي؟ عار. ماذا كان سيعمل في مكانها كل المحللين المزاودين الذين جلسوا في الايام الاخيرة في الاستوديوهات وسألوا لماذا فعلت ذلك – تصمتون؟ ورجال النيابة العامة، الذين هم ايضا أموا الاستوديوهات، ينقضون على فعلة كام دون كبح جماح – مؤبد، مؤبد – ولا يقولون كلمة، اولئك الحريصون على القانون، عن الانتهاك الفظ للقانون على ايدي الجيش؟ هل كانوا هم ايضا سيصمتون؟ الصمت هو تعاون مع الجريمة. واذا قررتم الا تصمتوا ماذا كان بوسعكم ان تفعلوا غير طرح الادلة المدينة على علم الجمهور، الذي هو ملزم، ولكن ملزم، ان يعرفها؟

وماذا كنتم ستفعلون لو كنتم اوري بلاو، الصحفي المحقق الشجاع، الذي يتلقى مادة كهذه؟ لا تنشروها، بعد أن صادقت عليها الرقابة العسكرية؟ الصحفي الذي ما كان سينشر امور كهذه ليس صحفيا، كان سيخون وظيفته، يخون رسالته.

لا اعرف كام وبلاو، ولكن دوافعهما المبدئية واضحة بما فيه الكفاية. في لائحة الاتهام ضد كام زعم انها عملت لاعتبارات ايديولوجية. بالعبرية السليمة يجب أن نقرأ هذا بانه الضمير. فلو انها كشفت فسادا في وزارة الزراعة لكنا هتفنا لها. ولو كانت تسمى مايا كوخ، المرأة التي كشفت الفساد في تنوفا، لكنا اعتبرناها مقاتلة من اجل العدالة. لماذا في تنوفا مسموح وفي الجيش الاسرائيلي ممنوع؟

يمكن التقدير بان كام لم ترغب في أن تمس بامن الدولة. لو كان هذا هو تطلعها، لوجدت سبيلا آخر لنقل المعلومات وليس نقلها الى صحفي اسرائيلي، يخضع لاوامر الرقابة. بلاو هو الاخر لم يرغب في المس بالامن. هذان الشابان، كل بطريقته، اراد بالذات أن يساهم للدولة. فقد رأيا المظالم ولم يوافقا على الصمت. هذا ما يجدر تسميته بالوطنية وبمحبة البلاد – وبالتأكيد اكثر من ارسال الجنود لتصفية مطلوبين بدم بارد. لعل جزء مما فعله هذان الشابان، ظاهرا، كان ينبغي أن يتم بشكل مغاير بعض الشيء. ربما ما كان ينبغي نسخ الفي وثيقة، اذا كان هذا الزعم صحيحا. وربما ما كان ينبغي الاحتفاظ بها جميعها في الحاسوب. ربما كان ينبغي التخلي عن الوثائق التي بموجبها عمل الجيش الاسرائيلي كما ينبغي. ولكن لقاء ذلك لا يرسل الى المؤبد ولا يباد دم شخص على رؤوس الاشهاد.

بعد أشهر من التعتيم الخطير خرج في نهاية الاسبوع الارنب من كيس جهاز الامن والقضاء اللذين هما عندنا قاطعان: فليس الاسرار الامنية وحدها هي ما يسعود الى الحفاظ عليها، بل يسعون الى الانتقام ممن تجرأ، حسب ما ينسب لهم، على كشف امور من شأنها أن تلقي الضوء على الجانب المظلم من الجيش الاسرائيلي. كان من المفروض ان نتوقع من الصحفيين في اسرائيل أن يقدروا شجاعة زميلهم وكذا شجاعة المجندة كام. اين. كرجل واحد تقريبا نهضوا للانقضاض عليهما، يتفوهون كالجوقة برسائل اصدرها نيابة عنهم جهاز الامن العام .

كما يمكن لنا أن نتوقع ايضا بان احدا ما في النيابة العامة سيقول شيئا عن الحقيقة التي تقشعر لها الابدان في أنهم في الجيش الاسرائيلي يصدرون اوامر غير قانوني على نحو ظاهر، علم اسود يرفرف فوقها، اين. ولا كلمة لمورغن شتيرن، ولا ايضا لمساعد النائب العام للدولة شاي نيتسان وامثاله. ينقضون فقط على كاشفي الفساد ويغمضون عيونهم في ضوء الفساد الكبير حقا.

كام قد تسقط. وربما ايضا بلاو، ولكن سيأتي يوم وترسم افعالهما بضوء آخر: لا بد سنفخر بهما. العمى والصمت اللذين سقطا على الجمهور ووسائل الاعلام في ضوء المكتشفات هما السقوط الحقيقي.