خبر الشهيد راغب جرادات في ذكرى استشهاده ..وعد سرايا القدس الصادق

الساعة 06:44 م|10 ابريل 2010

الشهيد راغب جرادات…ثأر جنين ورسالة السرايا الصادقة

فلسطين اليوم- جنين

كان الصمت يُخيّم طويلاً على الشارع العربي والإسلامي، حين كانت الفضائيات العربية والدولية تبث مشاهداً مروعةً للمجازر التي كان يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في عمليته الشهيرة المسماة "السور الواقي" ضد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

ومع غمرة الأحداث المتتابعة ومع حالة الصمت الرهيبة التي أصابت المسلمين في العالم، من هول المجازر التي كانت تُرتكب علانيةً وأمام تغطية وسائل الإعلام المختلفة، كانت المقاومة الفلسطينية تثبت أن العمليات العسكرية ضدها لا تزيدها إلا ثباتاً وقوةً في استمرارها بخيارها لمواجهة الخيار الإسرائيلي بتصفيتها.

ومع بدايات عملية "السور الواقي"التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "ارئيل شارون" ووزير حربه "شاؤول موفاز" عام 2002، لاستئصال المقاومة الفلسطينية داخل مدن الضفة، ورغم شدة العمليات داخل المدن والقرى والمخيمات إلا أن المقاومة كسرت بعملياتها الاستشهادية والجهادية قاعدة "الجيش الذي لا يقهر".

وحين كانت تقوم الطائرات والدبابات بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها في جنين ونابلس والخليل ورام الله وغيرها، كان الاستشهاديون يضربون أيضاً عمق المدن المحتلة بأحزمتهم الناسفة وأجسادهم الطاهرة التي كانت تتناثر قطعاً إيماناً منهم بأن الضربة التي لا تميت تزيد قوة، وبذلك يحطمون خيارات قادة الاحتلال أمام عجلات آلياتهم بالخروج لعمق فلسطين التاريخية ويؤلمون العدو بضرباتهم.

وبينما العرب والمسلمين ينظرون للدم الفلسطيني يُذبح من الوريد إلي الوريد في مخيم جنين وغيره، وحين كانت تصطف دبابات وطائرات الجيوش العربية في مطاراتها ومواقعها العسكرية، كان الشبل الفلسطيني يُعلن عن كلمته، فخرج الاستشهادي "راغب جرادات" (17عاماً) من بين ركام المنازل في جنين مبتسماً، يكسر حاجز الصمت، ويُعلن صرخة ذاك المخيم الذي كانت تحاول إسقاطه صواريخ الطائرات حين فشلت في إسقاطه أسطورة "الجندي الذي لا يقهر"؛ فتقدم "راغب" متزنراً بحزامه الناسف وهو يضرب بجسده الطاهر عمق "عروس فلسطين" مدينة حيفا، فيقتل ويصيب العشرات من الصهاينة بعد أن أطبق بجسده النحيف على طبقات الباص الذي تناثر جسده داخله وحفر بدمه كلمات من التاريخ الذي حفره أبناء سرايا القدس في عاصمة الاستشهاديين بدمائهم وبنادقهم.

ولم تقف "معجزة جنين" إلي ذاك الشبل، لكن امتدت إلي عمق المخيم الجريح، فكان جنود الله في الأرض، يتصيدون الجنود هنا وهناك، فيضربون بهم الكمائن، وامتدت بنادق المقاومة كي تلتحم بالمواجهة المباشرة مع بنادق جنود الاحتلال، فأثخنوا بهم الجراح، وبدعوات أمهات الثكالى وآهات الأبناء الآيامى، كانت أيادي الجنرال "محمود طوالبة" تُطبق عليهم طبقات من منزلٌ آمناً يتحول في لحظات لمكان هو الجحيم بعينه لتقتل وتصيب تلك الأيادي المباركة العشرات من الجنود وهم يصرخون.

 

انهارت قوة ذاك الجيش المتسلط، وانهارت عنه صفة "الجيش الذي لا يقهر"، بإيمان الفلسطيني، وبقوة عزمه المتين، وببندقيته التي كانت الحصن العظيم أمام ضربات العدو، فيما كانت تنهار جيوشٌ أمام تهديدات هذا العدو المتغطرس.

نبذة عن الاستشهادي "راغب جرادات"

ميلاده

ولد الاستشهادي المجاهد راغب في الثامن عشر من ديسمبر للعام 1984م، وهو الثالث من أفراد عائلته الذين يبلغ عددهم خمسة. وتعلم شهيدنا المجاهد في مدارس سيلة الحارثية، حيث عرف باجتهاده فكان يحصل على المرتبة الأولى دوما ويتفاخر به معلميه كما أسرته لحسن سلوكه وأخلاقه وتفوقه. وحرص والد الشهيد والذي يمتلك صيدلية في مدينة جنين على تربية أبناءه تربية إسلامية صالحة وزرع روح الانتماء الصادق للوطن ومنذ صغره عرف الطريق للمسجد ونشأ على طاعة الله وحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم.

صفاته وأخلاقه

كان شهيدنا مداوما على الصلاة و العبادة ويتنقل في مساجد المخيم، وكان كثيراً ما يجلس في حلقات الذكر وتعليم القرآن بالمسجد. وكما كان شهيدنا صواماً، قواماً، قارئاً للقرآن، يحب الجميع والجميع ينظر إليه بنظرات الخير والمحبة، طيب المعشر لا يتوانى عن فعل الخير والتعاون مع الصغير والكبير في قريته حتى حظي بمكانة خاصة ومميزة لدى الجميع.

صفحات مجد من حياة الاستشهادي

ينحدر الاستشهادي جرادات من بلدة السيلة الحارثية التي خرّجت قوافل من الاستشهاديين قبيل الانتفاضة الراهنة وخلالها وغالبيتهم من أصدقائه وقد ولد في عام 1985 لأسرة فلسطينية مناضلة تتكون من خمسة أفراد ووالده يمتلك صيدلية في مدينة جنين، وحرص على تربية أبنائه تربية إسلامية صالحة وزرع روح الانتماء الصادق للوطن ومنذ صغره عرف الطريق للمسجد، ونشأ على طاعة الله وحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم، فتلقى تعليمه في مدارس السيلة التي عرفته طالباً مجداً مجتهداً فكان يحصل على المرتبة الأولى دوماً ويتفاخر به معلموه كما أسرته لحسن سلوكه وأخلاقه وتفوقه فكان طيب المعشر لا يتوانى عن فعل الخير والتعاون مع الصغير والكبير في قريته حتى حظي بمكانة خاصة ومميزة لدى الجميع.

وبعد دراسة واعية لقضية شعبه انخرط الشهيد في صفوف الجماعة الإسلامية الطلابية فساهم في نشر رسالة الإيمان والجهاد والمقاومة وشارك في كافة الأنشطة الطلابية والاجتماعية والوطنية وقاد المسيرات والتظاهرات بفعالية وتأثر بشكل بالغ بعد استشهاد ابن قريته الشهيد سليمان طحاينة الاستشهادي الأول الذي نفذ عملية جريئة في القدس مع الاستشهادي يوسف الصغير في (22/6/89)، بل إن راغب قاد المسيرة التي نظمت للشهيد طحاينة، وألقى فيها كلمة دعا فيها كل فلسطيني لحمل راية صالح والجهاد لمحاربة العملاء ومقاومة الاحتلال ومما قاله في تأبينه (دم صالح يبلغنا بأن الدم هو الطريق نحو النصر وكل الحلول الاستسلامية ستسقط ودم سليمان سيبقى شاهداً ومنار.

ويقول رفاقه أن راغب انتمى لحركة الجهاد الإسلامي وبسرعة قياسية أصبح من أنشط عناصرها الذي كرّس كل لحظة في حياته للجهاد والجهاد في سبيل الله حتى نيل الشهادة، وقال أحد زملائه في المدرسة كان شعلة عطاء ونشاط لا يتعب أو ييأس يعمل ليل نهار روح الإيمان والجهاد تتجسد في كل كلمة وخطوة فهو شهيد مع سبق الإصرار ومع اندلاع انتفاضة الأقصى تغيّر راغب كثيراً وأصبح أكثر عطاءً وعنفواناً فتوجّه للقائد محمود طوالبة عدة مرات وطلب منه مساعدته لتنفيذ عملية فتقرب منه وأصبح تلميذاً مخلصاً لطوالبة فتأثر به كثيراً وعندما جاء نبأ استشهاده في معركة مخيم جنين لم ينتظر وفي اليوم نفسه الذي انتشر فيه الخبر توجّه إلى حيفا وأبى إلا أن يثأر لاستشهاد معلمه محمود طوالبة ولمجزرة مخيم جنين.

 

رفيق الاستشهاديين

وارتبط الشهيد بعلاقة صداقة حميمة مع الاستشهادي سامر شواهنة ابن سرايا القدس الذي نفذ عملية في الخضيرة في (29/11/2001)، كما ارتبط بعلاقة مميزة مع الاستشهادي عبد الكريم طحاينة ابن سرايا القدس الذي ثأر لشهداء جنين خلال اجتياح شهر آذار (2003)، عندما تسلل إلى مدينة العفولة ونفذ عمليته، وقد أقسم راغب في المسيرة التكريمية لرفيق دربه أنه سيثأر ويمضي على دربه حتى النصر.

 

عملية نوعية

ومع إشراقة شمس يوم 9 – 4 - 2002 كان راغب يتسلل إلى حيفا حاملاً كل الحب والانتماء لفلسطين وللجهاد والمجاهدين وليلبي نداء رفاق دربه في مخيم جنين حيث فجّر حافلة صهيونية فاستشهد وقتل 23 صهيونياً وأصيب العشرات من الصهاينة بجروح منهم عقيد في الجيش يعمل مديراً في سجن مجدو، و4 ضباط تحقيق في سجن الجلمة برتبة ميجر.

 

 

وصية الاستشهادي المجاهد "راغب أحمد عزت جرادات"

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة وكشف الله به الغمة حتى أتاه اليقين وأبدأ بما هو خير أما بعد:-

 

بسم الله الرحمن الرحيم

" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبي الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون" صدق الله العظيم.

" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " صدق الله العظيم.

"ولا تهنوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون.".

يا أبناء الإسلام العظيم.. يا أبناء فلسطين الذبيحة

في الوقت الذي يتصاعد فيه الإجرام الصهيوني في كل مكان مستهدفاً كل ما هو جميل في حياتنا.. وفي الوقت الذي يعلن العالم المستكبر والجبان بصمت انحيازه المطلق لهذا الإجرام... وفي الوقت الذي تصر به الحكومات العربية والإسلامية أن تبقى أحذية أقدام الصهاينة وأمريكا المجرمة .. وفي الوقت الذي تغط به الشعوب العربية والإسلامية في سباتها العميق وترفض أن تبصق الدم في وجه حكامها وسفارات القتله على أرضها.. في هذا الوقت يقف المجاهدون على أرض فلسطين وفي مخيم جنين الصامد الصابر.. مخيم النصر القادم لا محالة .. يقف المجاهدون يستمدون القوة من الله العزيز الجبار ويرفضون الرضوخ أمام شراسة الهجمة ووحشيتها .. ويعلنون للعالم أجمع أن المقاومة ستستمر .. يمكنهم أن يقتلوا الشيوخ والنساء والقادة .. ويمكنهم أن ينشروا الدمار والخراب.. يمكنهم أن يحرقوا الأرض ويقلعوا الزرع .. لكن المقاومة ستستمر وحتماً ستنتصر بإذن الله وسيعلم الجرم شارون وحكومة جنرالاته وجيشه القذر أن الدم بالدم والنار بالنار وأن المجزرة في مخيم جنين لن تمر دون عقاب وسيدفع الصهاينة المجرمون الثمن .. غالياً بإذن الله .. وليطمئن كل المخلصين كل المجاهدين كل الشرفاء كل الأحرار أن الجهاد والمقاومة ستستمر حتى رحيل الصهاينة القتلة من كل ذرة من فلسطين الطهور.

يا أبناء ديني وشعبي .... يا أصدقائي وإخواني..

ها هو المجرم السفاح شارون والقذر موفاز يمعنون في اخوتنا في مخيم جنين قتلاً ودماراً ... قتلوا الشيوخ والأطفال والنساء ... هدموا البيوت ونشروا الفساد وإنه لمن العار أن نرضى بهذا الذل وأن نبقى صامتين ننتظر دورنا للذبح بسكين العبري ... أيها العقلاء ... أيها الأحرار ... أيها الشرفاء تقدموا وأشعلوا الأرض من تحتهم ... تقدموا بكل ما تملكون ... بالعبوات بالقنابل ... بالرصاص ... بالسكين بالدم بالأشلاء ... فلا وقت للبكاء فلا وقت الا للعمل المقدس والا فلا تلوموا الا أنفسكم.

أخوكم الشهيد الحي: راغب أحمد جرادات

ابن سرايا القدس