خبر رفيق الحسيني: هناك بؤر فساد في الأجهزة الأمنية!

الساعة 04:04 ص|10 ابريل 2010

فلسطين اليوم-الشرق الأوسط

أقر الدكتور رفيق الحسيني، مدير ديوان الرئاسة الفلسطينية الذي أقيل من منصبه قبل 5 أيام، أن الشرائط التي بثتها القناة العاشرة الإسرائيلية قبل شهرين وأظهرته في مواقف مخلة، تعود له، لكنه قال إن أجزاء منها كانت مفبركة وتم فيها تحريف كلامه. ويرى الحسيني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ما حدث كان كمينا وقع فيه، نصبه له ضابط المخابرات السابق فهمي شبانة وآخرون لم يسمهم، وإن كان يقول إن ما تم كان تدخلا في حريته الشخصية، وهو ما قاله له الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في رسالة الإقالة.

وقال الحسيني إن بعض الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحولت إلى بؤر فساد وتعاونت مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لكن حربا شنتها الرئاسة على الفساد أصلح كثيرا من هذه الأجهزة بينما دفع هو الثمن. وأكد الحسيني في حوار مع «الشرق الأوسط» أنه يرفض الابتزاز، وقرر أن يخسر العرض وليس الأرض والوطن، وفي ما يلي نص الحوار:

* سأبدأ الحديث بالسؤال عن نتائج التحقيق الأخير، هل تسلمت نسخة من تقرير اللجنة؟

- لا لم أتسلم أي نتائج، تسلمت فقط رسالة من السيد الرئيس بخصوص إعفائي من منصبي وفي نفس الوقت بخصوص تبرئتي من أي إساءة باستغلال الوظيفة، وتقديرا لمهمتي معه وإلى جانبه طوال 5 سنوات من العمل.

* هل أنت راض عن النتيجة؟

- أنا متألم لما جرى.. إن ما جرى كان كمينا نصبه لي عدة أشخاص، لقد وقعت في كمين وما حصل مؤلم، ولكنني أفهم أن الناس لما رأت هذا الشريط بالطريقة التي أخرجته بها القناة العاشرة (الإسرائيلية) صار هناك نوع من الرأي العام بأنه يجب اتخاذ قرار وأنا متقبل لهذا القرار. وبالمناسبة أنا كنت أضع استقالتي في يد الرئيس، ليس منذ اليوم، بل منذ سنة ونصف السنة، منذ تعرضت لمحاولة الابتزاز، لكن الرئيس قرر أن أستمر في عملي ويحاسب الآخرين، وعلى رأسهم فهمي شبانة الذي استطاع أن يسرق نسخ شرائط ويعطيها لأعدائنا.

* تحدثت عن ابتزاز.. هل طلبوا منك شيئا محددا؟

- أولا أنا موقعي مهم في الرئاسة، وأعتبر نفسي الصندوق الأسود للرئيس والأسرار كلها أو معظمها عندي، إذن لماذا يريدون تصوير رفيق الحسيني.. كانت هناك مطامح لها علاقة بالأشخاص وهناك مطامح أخرى، وأنا كنت متأكدا منذ أول يوم أن الشرائط موجودة لدى المخابرات الإسرائيلية لأن التصوير تم في القدس ضمن صلاحيات الاحتلال الإسرائيلي.. وأنا متأكد أن الفكرة كانت أن الابتزاز لم يكن لمصلحة فلان أو علان، لكنه ابتزاز من نوع حسن يوسف وآخرين.. لقد كانت هناك محاولة لابتزاز أموال ومناصب، الابتزاز كان على أنواع وأنا لم أرضخ وفضلت أن أخسر العرض ولا أخسر الأرض ولا أخسر الشرف والوطن. * يعني تريد أن تقول إن الإسرائيليين وقفوا وراء تصويرك منذ البداية؟

- أنا أزعجت إسرائيل في القدس، وكذلك أزعجت بعض بؤر الفساد في فلسطين، وعرض الفيلم بهذه الطريقة على القناة العاشرة في وقت كان فيه الرئيس يأخذ موقفا حاسما ضد الاستيطان والمفاوضات مع إسرائيل، يدل على أنه لا بد أن يكون هناك قرار إسرائيلي على أعلى مستوى بالموافقة على النشر. لو كنت عميلا أو فاسدا أو صديقا لإسرائيل وقبلت أن أعطي شيئا لإسرائيل أو شبانة لما نشر هذا الشريط.

* هل طلب أحد منك معلومات محددة؟

- لم أسمح للابتزاز أن يأخذ أي مجرى، ولم أعط المجال، فورا أبلغت الرئيس الذي كان أول شخص يعلم بالقصة، لم نعط مجالا.. كان يمكن أن نكون أذكى من ذلك ونعرف من وراء هذا وماذا يريدون، لكن الرئيس لا يفكر هكذا، قطعنا الطريق، لكن فهمي شبانة ظل يريد منصبا وأموالا، طلب 120 ألف دولار لقضايا مختلفة ولم ندفع قرشا واحدا.

* يقال إنه أراد أن ينتقم منك بسبب منعه من تسلم منصب محافظ القدس؟

- نعم، هو كان يريد أن يكون الرجل الأقوى في القدس، وقدم طلبا للمحافظ السابق جميل ناصر لأن يصبح نائبا أول له، على اعتبار أن المحافظ سيستقيل ويصبح مباشرة هو المحافظ، لكن القانون لا يسمح بذلك. المستشار القانوني للرئاسة قال إن هناك نائبا موجودا ولا توجد تسمية لنائب أول أو ثان، وهيكلية المحافظات لا تسمح بوجود نائبين، لكنه اعتبر أنني السبب، وأيضا عندما بدأنا نكتشف فسادا كان شبانة على رأسه. قرر حكمت زيد أن يذهب للرئيس وطلب منه تعيين محافظ جديد، فاعتبر أن هذه ضربة أخرى كنت أقف وراءها.

* تحدثت كثيرا عن شبانة، لكن كيف يمكن لضابط في المخابرات أن يصل لكل هذه المعلومات التي بحوزته ويهدد الرئاسة، ما هو مصدر قوته، ومن يقف وراءه برأيك؟

- أنا أعتبر أن شبانة هو الذي صور وقام بهذه المكيدة، سرق ملفات من جهاز المخابرات، هذا ما أعرفه، هناك من يقول إن الأوامر جاءته من قيادته، لا يعنيني، وأنا على كلٍ سأرفع دعوى ضد فهمي شبانة ومن يقف وراءه، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته.

* في هذا الموضوع، قال شبانة إنه تلقى معلومات من رئيسه في ذلك الوقت، وقيل إن الرئيس أخذ قرارا في حينه بإزاحته عن مهمته، هل هذا صحيح؟

- هذا الأمر كان يجب أن تحقق فيه لجنة التحقيق، شبانة يقول كلاما كثيرا وأنا لا أريد أن أقول شيئا لا أعرفه.. لا أعرف إذا كان رئيسه أو لا، أنا لم أتسلم تقريرا يقول إن هذا الكلام صحيح، وأنا أعرف أن رئيسه خرج على الإعلام واتهم شبانة بأنه جاسوس وعميل، يعني الحقيقة عند الرئيس.

* إذن شبانة كان يعمل وحده؟.. علما بأن هذا كان نهجا متبعا في الأجهزة الأمنية، وحتى شرائط مثل شريطك سقطت في أيدي حماس في غزة.

- أنا لا أقول إن القضية عند شبانة وحده، أنا لا أدعي شيئا لا أعرفه.. لكنني أقول إن هناك بؤر فساد في الأجهزة الأمنية، وأنا جزء من الحرب التي شنت من الرئاسة على هذه البؤر ومنها بؤرة الفساد في القدس التي كان يقودها شبانة. لكن هناك بؤرا أخرى.. هناك أجهزة بعد الانتفاضة ضربت وتهرأت. من المؤكد كان جزء منها يتعاون مع العدو وجزء آخر عمل في فساد بيع الأراضي والتزوير، لكن هذه ليست كل الأجهزة، واليوم هي أحسن حالا. هذه قصص عمرها أكثر من سنتين. وإذا كانت هناك حسنة في ما حدث معي، فهي أن هناك رأيا عاما أصبح ضد فساد الأجهزة وتصوير الناس وانتهاك الحريات، وأنا متأكد أن هناك شرائط وأفلاما موجودة ومصورة لأن هذا كان نهجا يستعمل في السلطة.

* وهل هذا النهج قضي عليه الآن؟

- هذا النهج لا ينتهي من أجهزة المخابرات في العالم، الأجهزة لا تعرف صديقا أو عدوا، لكن الوضع اليوم أحسن، كان هناك فساد في الأجهزة سببه ما حدث في الانتفاضة، وعدم الضبط والربط.. اليوم فيه ضبط وربط وهناك رأي عام. كل إنسان إذا دخل بيته اليوم ينظر ما إذا كان أحد يسجل له أو يصوره. حيث إن كلا منا في أي يوم وفي كل لحظة يفعل شيئا لا يريد أن يطلع عليه أحد ويعتبره شخصيا. فإذا كان هناك من يدبلج لك يمكن له أن يظهرك كيف يريد.

* على ذكر الدبلجة (التلاعب الإلكتروني بالصور والأفلام)، في شريطك هل هناك ما هو حقيقي وما هو مفبرك أم أن كله حقيقي؟

- هناك شيء حقيقي وهناك شيء مفبرك، هناك فبركة في التواريخ، ومثلا في 24/ 12/ 2008 أنا كنت في دولة الكويت، كانوا يريدون أن يعملوا سياقا في الرواية فوقعوا في خطأ التواريخ، وهناك دبلجة في الصور هناك شبح كان يدخل من غرفة إلى غرفة ولم أكن أنا، هناك دبلجات في الصوت، أنا لا يمكن أن أقول إن الرئيس الراحل (ياسر عرفات) أبو عمار غير شعبي ولا يحب الشعب، أثبتنا دبلجة في ترتيب الكلام، وهذا سهل اليوم وأثبتناه للجنة وسننشر هذه التفاصيل.

* الرئيس أوقفك عن العمل.. هل توافق على أنك تستحق، وهل يرى الرئيس ذلك أم أنه اتخذ هذا القرار تحت ضغوط؟

- الرئيس عرف بالقصة في يونيو (حزيران) 2008، واستدعى كل المعنيين في الموضوع وخاصة في جهاز المخابرات، واطلع على الشرائط واستمع لهم، وثبتني في الرئاسة. واضح أن موقف الرئيس هو موقف إيجابي إنه لا يقبل أن تنتهك حرية أي شخص، وهو يقول هذا عمل مشين، والرئيس اعتبر أنني كنت رجلا، لأنني لم أخضع للابتزاز، وأنا كنت أول من ذهب إليه، وموقفه مني شهم ورجولي، أعتقد أن ضغوطا أثرت في اتخاذ القرار.

* ماذا قال لك الرئيس بشكل شخصي بعدما كشفت له القصة في 2008؟ - أنت تعرف، لقد تحركت بعدها بشكل كبير باسم الرئيس وهو لم يقبل أن يتخلى عني واتخذ موقفا من الابتزاز، قال لي لقد تصرفت بشكل سليم بعد أن أبلغتني، وبالتالي ليس عليك أي شيء، هذه حرية شخصية وانتهاكها عمل مشين ويجب أن يحاسب عليه آخرون.

* لقد قلت إن الموضوع كشف في يونيو (حزيران) 2008، لماذا إذن لم تعالجوا الموضوع في حينه؟

- جهاز المخابرات أقنع الرئيس بأن القضية محفوظة والقصة منتهية وحفظت، لكن بعد القصة سجنت إسرائيل شبانة 3 شهور ومن ثم وضعته تحت الإقامة الجبرية، حتى لا يأتي إلى الأراضي الفلسطينية، أما نحن فقد رفعنا عليه دعوى في قضايا تتعلق بالفساد بالإضافة إلى تسليمه ملفات إلى إسرائيل، لكن إسرائيل استطاعت أن تحافظ عليه.

* تريد أن تقول إنها..؟

- (مقاطعا) أريد أن أقول إنها لمعته واحتفظت به وأخرجته في الوقت المناسب لتشويه سمعة السلطة.

* هل كنت تتوقع أن ترى صورك على التلفزيون أم تفاجأت؟ - لا أستطيع أن أقول إنني تفاجأت 100%، عندما تتعامل مع نوعية لا تتورع عن فعل أي شيء من أجل الانتقام أو تعمل لصالح جهات أخرى. الموضوع ليس في يد فهمي وحده.

* الرئيس تمنى لك التوفيق في عمل آخر.. ما هي خططك؟

- سأفكر.. لقد خدمت الرئاسة 5 سنوات وقبل ذلك خدمت فلسطين 30 عاما في مواقع وطنية مختلفة، أنا أفكر في الدور الذي سوف ألعبه، لن أخرج من فلسطين ومن دائرة العمل الوطني.

* إذن ليس هناك منصب معين أو وظيفة عرضت عليك؟

- ستكون هناك عروض بالتأكيد لأنني شخص مهني ووطني والطريق مفتوح أمامي. سأعود للعمل الوطني بشكل رسمي أو غير رسمي.

* ما طبيعة علاقتك بالرئيس الآن؟

- كنت أراه كل يوم وتعاملي معه ليس مهنيا فقط ولكنه شخصي كذلك، والرئيس يتحدث عني أينما ذهب كأحد أبنائه، ويقول كلاما رقيقا ولطيفا جدا في حقي.. وسأحافظ على العلاقة مع الرئيس، لأنني أعتبره رجلا مهنيا وشجاعا وعلى خلق. سأحافظ على الأسرار وعلى مؤسسة الرئاسة ولن أكون سارقا مثل فهمي شبانة.