خبر القضية الحقيقية..هآرتس

الساعة 09:15 ص|09 ابريل 2010

بقلم: أسرة التحرير

"أمن الدولة" و "اسرار الدولة" تتبين مرات عديدة كمواد للطمس ترمي الى الاخفاء عن العين العامة اخفاقات ادارية، تخطيطية او اخلاقية. وهكذا هي ايضا "القضية الامنية" التي تعصف بالفضول العام منذ اسابيع طويلة.

        ظاهرا، "القضية" هي في موضوع تسليم وثائق سرية لمراسل "هآرتس" اوري بلاو. ظاهرا، مجرد تسليم الوثائق هو "مس بامن الدولة"؛ عمليا، يدور الحديث عن جريمة أخطير بكثير: جريمة جهاز الامن وقيادة المنطقة الوسطى بشكل خاص، واللذين تجاهلا تعليمات محكمة العدل العليا، صادقا على تصفية مطلوبين حتى عندما كان ممكنا اعتقالهم، وأعطيا إذنا مسبقا لقتل ابرياء في اطار تصفية مطلوبين.

        هذه هي القضية الحقيقية التي ينبغي التحقيق فيها. قضية ابطالها ليسوا مراسل "هآرتس" بلاو، الذي قام بعمل ممتاز حين كشف للجمهور امراض الجهاز، أو مصادره، بل اولئك القادة الكبار الذين قرروا ان يركلوا بقدم فظة تعليمات محكمة العدل العليا.

        القضية الفرعية، والتي بموجبها ارتكبت ظاهرات مخالفات على أمن الدولة، بدأت في ايلول 2009 حين استدعي مراسل "هآرتس" اوري بلاو الى مكاتب المخابرات وطلب اليه أن يسلم الوثائق التي استخدمها في اعداد التقارير. من هذه اللحظة ادارت "هآرتس" حوارا مع المستشار القانوني للمخابرات، بشأن اعادة الوثائق – حوار كان يرمي الى الحفاظ على مصادر المعلومات وعلى حرية عمل المراسل، دون المس بأمن الدولة.

        هذه المداولات أدت في 15 ايلول 2009 الى التوقيع على اتفاق، في اطاره نقل بلاو الى المخابرات عشرات الوثائق السرية التي كانت بحوزته، وبالمقابل تعهدت المخابرات بعدم التحقيق مع المراسل في مصادره الصحفية، عدم التحقيق مع المراسل كمشبوه وعدم استخدام الوثائق كدليل في اجراء قضائي ضد المشبوه بالتسريب.

        من المهم الاشارة الى أن كل التقارير التي نشرت في "هآرتس" في هذا الموضوع ارسلت الى الرقابة العسكرية وتلقت إذنها الكامل. جهاز الامن لم يهرع الى التحقيق في المس بتعليمات محكمة العدل العليا بل فقط في التسريب الذي نشر المعلومة "الخطيرة".

        بعد وقت قصير اعتقالت المخابرات عنات كام، المجندة السابقة في مكتب قائد المنطقة الوسطى، للاشتباه بانها هي مصدر اوري بلاو. في كانون الثاني 2010 اعلنت المخابرات بان بلاو مطلوب للتحقيق، وهو طلب يتناقض وشروط الاتفاق. من هذه اللحظة رفضت المخابرات الايفاء بشروط الاتفاق الذي وقعت عليه ورفضت الاقتراح ببلورة اتفاق آخر، يحقق هدف المخابرات في الدفاع عن امن الدولة، وبالمقابل يحافظ على شروط الاتفاق الذي تم بلورته وعلى حصانة المصادر.

        رئيس المخابرات وصف الوثائق السرية كوثائق كان يسر الدول المعادية وضع يدها عليها. يحتمل. ولكن يحتمل ايضا ان جزءا من تلك الدول المعادية سيسرها أن تعرف بان اسرائيل ايضا تتصرف مثلها وتتخلى عن قيمها الديمقراطية، حيث أن الصحافة الحرة فيها هي شروط وجودها. تحقيق بتسليم وثائق سرية وتحقيق مشروع، ولكن لا يمكنه أن يحل محل التحقيق الحقيقي المطلوب.