خبر « ترجمة حرفية » صحفي إسرائيلي يكشف جزءً من وثائق الجيش

الساعة 08:37 ص|09 ابريل 2010

فلسطين اليوم – ترجمة خاصة

كشـفت صحيفة 'هآرتـس' العبرية، النقاب عن تحقيق صحفي يظهر أن الجيش الاسـرائيلي والجهات الامنية قد اصدروا تراخيص مسـبقة بعمليات الاغتيال للمطلوبين في الضفة رغم قرارات محكمة 'العدل العليا'.

التحقيق الذي أجراه ملحق 'هآرتس' يكشف النقاب عن مداولات ميدانية حسم خلالها مصير مطلوبين وابرياء مع تجاهل صارخ لقرارات محكمة العدل العليا. في هذا السياق يتبين ان الجيش الاسرائيلي قد صادق على خطط اغتيال في الضفة ايضا عندما كان من الممكن اعتقال المطلوبين، وان القاموس العسكري البارد يظهر أن المستويات العليا في الجيش الاسرائيلي تقوم بالمصادقة المسبقة على المس بالابرياء خلال عمليات الاغتيال.

ويتضح من التحقيق أن تصفية هدف يعتبر من وجهة نظر الجهاز الامني الإسرائيلي جزء من 'البنية التحتية المتكتكة' قد اجلت لأنها خططت للتنفيذ في وقت قريب من زيارة شخصية أميركية هامة.

وفيما يلي النص الحرفي للتقرير حسب ما تم ترجمته حرفيا من صحيفة هآرتس :

 

بقلم: أوري بلاو

هآرتس - مقال – 28 /11/2008

 (المضمون: تحقيق هآرتس يظهر ان الجيش الاسرائيلي والجهات الامنية قد اصدروا تراخيص مسبقة بعمليات الاغتيال للمطلوبين في الضفة رغم قرارات محكمة العدل العليا – المصدر)

        البيان الذي اصدره بلسان الجيش الاسرائيلي في الـ 20 من حزيران 2007 كان معياريا: "مخربان مسلحان ينتميان لتنظيم الجهاد الاسلامي الارهابي قتلا الليلة خلال عملية مشتركة من الجيش الاسرائيلي بقوة خاصة من حرس الحدود في قرية دان، شمالي – غربي جنين. المخربان زياد صبحي ومحمد ملايشة وابراهيم احمد عبد اللطيف عابد شرعا باطلاق النار على القوة خلال قيامها بمهمتها. ردا على ذلك أطلقت القوة النار عليهما فأردتهما قتيلين على جثتهما وجد الجنود بندقيتين من طراز ام 16 ومسدسا وذخيرة. كما علم ان المخربين كانا ضالعين في التخطيط لعمليات انتحارية في الداخل الاسرائيلي. ومن بينهما محاولة القيام بعملية في ريشون ليستون في شباط الاخير".

بهذا البيان يتجاهل معلومة جوهرية واحدة: ملايشه كان هدفاً للتصفية. الحكم صدر بحقه قبل ذلك بعدة اشهر في غرفة قائد المنطقة الوسطى عندئذ يائير نافيه. اما الجمهور فيعلم ان عملية التصفية المعلنة الاخيرة التي نفذها الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية قد تمت عموما في آب 2006 – سنة حددت محكمة العدل العليا في آخرها معايير لسياسة التصفية في المناطق.

        التحقيق الذي أجراه ملحق "هآرتس" يكشف النقاب عن مداولات ميدانية حسم خلالها مصير مطلوبين وابرياء مع تجاهل صارخ لقرارات محكمة العدل العليا. في هذا السياق يتبين ان الجيش الاسرائيلي قد صادق على خطط اغتيال في الضفة ايضا عندما كان من الممكن اعتقال المطلوبين، وان القاموس العسكري البارد يظهر أن المستويات العليا في الجيش الاسرائيلي تقوم بالمصادقة المسبقة على المس بالابرياء خلال عمليات الاغتيال. كما يتضح ان تصفية هدف يعتبر من وجهة نظر الجهاز الامني جزءا من "البنية التحتية المتكتكة" قد اجلت لأنها خططت للتنفيذ في وقت قريب من زيارة شخصية امريكية هامة.

        كما يتبين أن التحفظات التي فرضت على القوات المنفذة كانت قليلة جدا في عمليات الاغتيال والتصفية التي تمت قبل قرار المحكمة العدل العليا – خلافا لتصريح الدولة للمحكمة – وأن ممثلي النيابة العسكرية قد بدأوا مع صدور قرار المحكمة بالمصادقة على الخطط رغم انهم لم يقولوا بالمرة صراحة أنهم يقدمون الاستشارة القانونية في كل عملية اغتيال.

        مختصون قانونيون بارزون طلب منهم التعليق على الوثائق يقولون ان الجيش الاسرائيلي يتصرف خلافا لقرارات المحكمة العليا. "هذه مسألة صعبة جدا من الناحية الاخلاقية"، قال البروفيسور مردخاي كيرمنيتسر لهآرتس "فكرة ان هناك اشخاصا يجتمعون حول طاولة ويقومون بإصدار حكمهم بالموت على احد ما هي فكرة مخيفة"

 

لنصفي اثنين آخرين "في أقصى الأحوال"

        أسماء الشيفرة الأكثر شهرة في الجيش الاسرائيلي لعمليات الاغتيال هي "بعامون" "حروف مختصرة للكلمات "الاصابة – عملية وقائية" و"اسكوم" "عملية قتل مستهدف". وكما اسلفنا خلال العامين والنصف الاخيرين لم يصرح الجيش الاسرائيلي انه نفذ عمليات اغتيال في الضفة الغربية، وعندما قتل مطلوبون في الضفة ادعت التقارير الرسمية انها عمليات "اعتقال" أو "تبادل لاطلاق النار". هذا ما اشارت اليه التقارير ايضا في الحادث الذي قتل فيه عبد وملايشة والذي يتبين الآن أنها كانت عملية لتنفيذ تصفية محددة سلفاً.

        في الثامن والعشرين من آذار 2007 عقد اجتماع في ديوان نافيه لممثل الشاباك وممثل الوحدة الخاصة وعددا من ضباط قيادة المنطقة الوسطى. على جدول الاجتماع كانت عملية "البرجين" – عملية اغتيال ملايشة. "المهمة" كما قرر قائد المنطقة، هي "اعتقال" ولكن "في حالة التشخيص أن أحد قادة الجهاد الاسلامي الفلسطيني موجود: وليد عبيد، زياد ملايشة، ادهم يونس – هناك في هذه الحالة تصريح للقوة بإطلاق النار وفقاً لتقييم الموقف خلال تنفيذ المهمة". نافيه لم يسمح لقواته بتنفيذ الاغتيال إن كان بجانب المطلوب نساء أو أطفال وأوضح انه في حالة وجود نساء واطفال في السيارة فيجب تنفيذ عملية الاعتقال".

        في الثاني عشر من نيسان عقد نافيه مداولات جديدة في قضية ملايشة. في هذه المرة قرر ان هناك تصريحاً لتنفيذ عملية اغتيال الهدف و"اثنين آخرين في أقصى الاحوال". في يوم اللقاء عند نافيه تم عقد اجتماعين آخرين بهذا الصدد. الاجتماع الاول برئاسة رئيس قسم العمليات اللواء تال روسو وخلال هذا الاجتماع صادق روسو على تنفيذ العملية ان كان في السيارة شخص غير مشخص واحد. أما الاجتماع الثاني فعقد برئاسة رئيس لواء العمليات العميد سامي ترجمان. في هذه الجلسة طرحت خطط "بعامون" لاصابة ملايشة واوضح رئيس لواء العمليات ان "توجيه ضربات وقائية في يهودا والسامرة هو حدث شاذ... "هو" يمكن ان يعتبر محاولة لتشويش عملية الاستقرار ولذلك يتوجب ابداء الحساسية واحداث اقل ضرر ممكن بالمحيط. يتوجب القيام بكل شيء بحيث لا يكون هناك مساس بالأشخاص غير الضالعين". هدف العملية كما قال "قائد بنية تحتية متكتكة، وتتوفر لديه المعايير المطلوبة للقيام بعملية الاصابة المانعة".

        في هذه المرحلة قام ترجمان بالاسهاب بالحديث عن شروط التشخيص لملايشة وقرر انه فقط ان توفرت هذه الشروط سيصدر ضوء اخضر لتنفيذ عملية الاغتيال واضاف ان من المحظور ان تنتهي العملية بقتل اكثر من خمسة اشخاص "بما في ذلك سائق السيارة" وبالنسبة لقضية توقيت العملية قال انه "في ضوء المجريات السياسية المتوقعة، ولقاء رئيس الوزراء مع ابو مازن وزيارة وزير الدفاع الامريكي فمن الموصى ان تنفذ العملية بعد ذلك" ترجمان تطرق في المداولات أيضا لقرار محكمة العدل العليا بصدد تعيين لجنة تتولى التحقق من عمليات القتل المستهدف في وقت لاحق وقال ان من الواجب توثيق العملية في ظل تعليمات محكمة العدل العليا.

        في اليوم التالي طرحت العملية على رئيس هيئة الاركان للحصول على موافقته. في ديوان غابي اشكنازي انعقد عدد محدود من كبار الضباط ومن بينه نائبه، ورئيس قسم العمليات، ورئيس لواء العمليات والنائب اللواء العام العسكري، وممثل قيادة المنطقة الوسطى وممثل الشاباك. الوثيقة الختامية التي صدرت عن اللقاء تشير الى ان اشكنازي قد "أكد ان من الواجب الاتفاق حول تشكيلة اللجنة الاختصاصية في قضية عمليات القتل المستهدف بناءا على تعليمات محكمة العدل العليا وان من الواجب الاتفاق حول ذلك مع الشاباك في اسرع وقت ممكن". رغم ان ملايشة اعتبر جزءا من البنية التحتية المتكتكة اشكنازي كان ايضا قلقا من توقيت العملية في ظل اللقاءات السياسية في تلك الفترة. رئيس هيئة الاركان منع مهاجمة السيارة التي يسافر فيها ملايشة ان تبين ان على متنها "اكثر من مسافر واحد غير مشخص". عشرون دقيقة خصصت للمصادقة على عملية الاغتيال في ديوان رئيس هيئة الاركان.

        بعد المصادقة على خطة "البرجين" بشهرين وبعد فترة قليلة من اللقاءات السياسية المزمعة في حينه "الاسبوع الثاني من نيسان 2007" نفذت العملية التي قتل فيها ملايشة في منطقة جنين. منظمة بيتسليم قامت بأخذ شهادة احد جيرانه واسمه حسام ديب محمد مرعي ومفادها ان من الممكن ان يكون جنود الجيش الاسرائيلي قد نفذوا اجراء "التأكد من القتل" بحق ملايشة: "بدأت اسمع اصوات استغاثة.. وقفت بجانب النافذة التي تطل على الساحة وفتحت جزءا صغيرا من النافذة شاهدت انسانا ملقا على الارض على مسافة عشرين مترا تقريبا من منزلي هذا كان الجريح الذي طلب المساعدة... بعد عدة دقائق شاهدت خمسة جنود يحملون بنادق، وبينهم واحد يحمل مسدس الجنود بحثوا في جيوب شخص اخر كانوا قد جلبوه بينما كان جنديا آخر او اثنين يركلون شخصا اعتقد انه كان جريحا. خلال ذلك وعلى ما يبدو ان الجنود لاحظوا بوجودي فأطلقوا النار باتجاهنا جلست على الارض... خلال ذلك سمعت صوت رصاصتين الى ثلاثة وكان صوت الرصاص في هذه المرة مختلفاً عن الاصوات السابقة. انا اعتقد ان الجندي الذي كان يمسك بالمسدس هو الذي اطلق النار. بعد ذلك لم اسمع اصوات انين او استغاثة من قبل الشاب".

 

تصريح بالقتل

        الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي يرفض كشف معلومات دقيقة حول عدد عمليات الاغتيال التي نفذت منذ بداية الانتفاضة: "قضية عمليات القتل المستهدف مركزة عند جهاز الامن العام". الشاباك افاد انه "لا ينشر معلومات من هذا النوع". وفقا لمعطيات منظمة بيتسيلم الجيش الاسرائيلي نفذ عمليات اغتيال بحق 232 فلسطيني منذ بداية الانتفاضة الثانية حتى نهاية تشرين الاول 2008، خلال عمليات قتل فيها ايضا 154 مدنيا لم يكونوا هدفا لعمليات التصفية.

        في بداية 2002 توجه المحاميان افيغدور فيلدمان وميخائيل سفارت بالتماس لمحكمة العدل العليا ضد سياسة الاغتيالات بتكليف من اللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب في اسرائيل ومنظمة "low" بعد ذلك بخمس سنوات تقريباً في الرابع عشر من كانون الاول 2006، نشر رئيس المحكمة القاضي اهارون باراك قراره، باراك وبموافقة من القضاة دوريت بينش واليعازير ريبلن، رفض الالتماس ولم ينفِ قانونية سياسية الاغتيالات التي ينفذها الجيش الاسرائيلي في المناطق. "ليس من الممكن القول مسبقا ان كل قتل مستهدف محظور وفقا للقانون الدولي. مثلما لا يمكن التقرير مسبقا ان كل عملية قتل مستهدف مسموحة وفقا للقانون الدولي"، قرر في حكمه الاخير الذي اصدره في ختام 28 عاما من وجوده في محكمة العدل العليا.

        وفقا لقرار محكمة العدل العليا، هناك حاجة لمعلومات راسخة جيدة ومقنعة لاعتبار مواطن ضمن الاشخاص الذين يقومون بأعمال العداء، ولا يتوجب القيام بعملية اغتيال بحق شخص ان كان من الممكن اتباع وسيلة اقل ضرراً بحقه، ولا يتوجب المس به بدرجة تزيد على المطلوب لتحقيق الاهداف الامنية. أي انه لا يتوجب اغتيال انسان ان كان من الممكن اعتقاله والتحقيق معه وتقديمه للمحاكمة. مع ذلك ان كانت عملية الاعتقال تنطوي على خطر شديد على حياة الجنود، فلا حاجة لاتباع هذه الوسيلة، بعد تنفيذ كل عملية اغتيال يتوجب القيام بعملية فحص جذرية ومستقلة بصدد درجة الدقة، فيما يتعلق بهوية الناشط الارهابي، وفي حالة ارتكاب خطأ في التشخيص يتوجب تدارس دفع التعويضات، كما يتوجب الامتناع قدر الامكان عن المس بالمواطنين الابرياء خلال عملية الاغتيال و"المس المرافق للمدنيين الابرياء سيكون قانونياً فقط ان كان متناسبا مع معايير النسبية "قرر براك".

        براك يقرر انه "من الممكن اطلاق النار على مخرب يطلق النار من شرفة منزله على الجنود او المواطنين، حتى وان كان من الممكن نتيجة لذلك اصابة مواطن بريء يقف على مقربة من المكان. الاصابة التي تلحق بالمواطن البريء في هذه الحالة ملائمة لمعايير التناسب. ولكن الامر ليس كذلك ان تم تفجير المنزل من الجو ولحق الاذى بعشرات السكان والمارة" على حد قوله، "مكافحة الارهاب حولت ديمقراطيتنا الى "ديمقراطية مدافعة عن نفسها" أو "ديمقراطية مقاتلة" مع ذلك من المحظور ان ينتزع هذا الصراع من نظامنا طابعه الديمقراطي".

        بروفيسور في القانون الدولي دافيد كريتشمر يقول معلقا على الوثائق التي تظهر في التحقيق يتضح وانه بصورة مخالفة تماما لقرار محكمة العدل العليا هناك حالات يصدر فيها امر بتصفية انسان في الوقت الذي يمكن فيها اعتقاله. اعطاء تصريح مسبق بقتل المدنيين ايضا الذين لا صلة لهم بأعمال العداء هو خطيئة تضاف الى الجريمة. مبدأ النسبية والتناسب الذي يقول انه يقول ان تم المس المرافق بالمدنيين خلال تنفيذ عملية عسكرية لا ينطبق هنا في حالة كون عملية الاغتيال نفسها غير قانونية – مثلما في حالة وجوب اعتقال المشبوه وفقا لقرار محكمة العدل العليا".

        بروفيسور مردخاي كرمنيتسر: "من الواضح وفقا لقرار محكمة العدل العليا ان من الواجب تنفيذ عملية اعتقال وتجنب القتل المستهدف كما يسمونه والذي اسميه "القتل الوقائي". جزء غير بسيط من يهودا والسامرة موجود تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي الفعالة وانا اعتقد انه في منطقة كهذه ليس واردا بالحسبان تنفيذ عملية قتل وقائية. التفسير المحدود الذي اقترحه للقانون الدولي هو ان المس يجب ان يكون خلال مشاركة ذلك الانسان في عملية تشكل خطرا ، لانك في مثل هذه الحالة تتصرف مثلما تفعل خلال علمية الدفاع عن النفس وفقا للوضع الحاصل".

        على حد قول المحلل القانوني موشيه نغبي: "من المكن ان يكون الاشخاص غير المشخصين مواطنين ابرياء تماما ايضا وانت تعطي هنا في الواقع تصريحا بالقتل. المشكلة هي الاعلام المسبق انه في حالة حدوث ضرر بيئي يتم الحديث كأن الامر قد حدث في الماضي، الا ان هذا علم شبه مؤكد مسبقا. من المثير للاشكال جدا اعطاء تصريح باعدام انسان بريء عن سبق واصرار. السؤال هو ان كان ذلك نسبيا. انا اعتقد ان محكمة العدل العليا قد قصدت الوضع الذي قد يكون فيه داخل تجمع من الاشخاص شخص بريء، ولكن هذا هنا واحد على واحد. من الخطير جدا اعطاء تصريح وانت تعرف مسبقا ان 50% ممن تتعرض لهم هم ابرياء. مثل هذا الامر يستوجب اجراء مداولات على مستوى المستشار القضائي للحكمة. وبالتأكيد يتوجب ان يكون معروفا للجمهور وان يجتاز الرقابة الجماهيرية ولو فقط من اجل ان يتمكن من يعتقد ان المسألة غير قانونية صارخة من التوجه لمحكمة العدل العليا". اما بالنسبة لتأجيل عمليات الاغتيال حتى انتهاء مواعيد اللقاءات السياسية فيقول كريتشمر: "تأجيل العملية لسبب اعتبارات سياسية هو دليل قاطع على اننا لسنا في حالة القنبلة المتكتكة". ويضيف: "وفقا لفهم القانون هذه الحالات "تنفيذ اغتيال المستهدف" يجب ان تكون حالات يتوجب عليك فيها ان تتصرف فورا وان لم يكن الامر نابعا من حاجة فورية فذلك مخالف للقانون حسب رأيي.

        رغم مرور اكثر من عامين على قرار محكمة العدل العليا، الا  ان لجنة التفحص عمليات الاغتيال المستهدف بعد حدوثها لم تتشكل بعد. في الاسبوع الماضي نشر افيعات غليكمان ان المستشار القضائي للحكومة ميني مازوز قد توجه لاولمرت بتشكيل هذه اللجنة وفي اسرع وقت ممكن لان تأجيل القرار يعتبر استهانة بالمحكمة.

        الرفاق السيئون

        مئير نافيه الذي كان قائدا للمنطقة الوسطى بين السنوات 2005 – 2007 يؤكد في محادثة معه انه لا يوجد محاولة حقيقة احيانا لاعتقال المطلوبين: "ان لم يرفع الشاب يديه فلا ندخل بحكايات، وانما يتم الدخول مباشرة بعملية تصادم. انا لا اريد ان يكون لدي مصابون فقط من اجل امور تافهة. ان كنت اعرف ان الشاب مسلح وانه قنبلة متكتكة فأنا ارغب ان يصيبوه مباشرة من دون تردد وهذا ليس اجراء اغتيال وانما حكاية مغايرة تماما".

س: وفقا للوثائق الموجودة بحوزتنا يصرح الجيش الاسرائيلي ان يقوم بعمليات اعتقال رغم ان الامر محدد مسبقا كعملية قتل مستهدف.

ج: لم يكن هناك قتل مستهدف في وقتي. ولا واحد تقريبا حسب ما اذكر. مبدئيا عمليات القتل المستهدف في المنطقة الوسطى لم تكن ولن تتم المصادقة عليها. ما حدث عندي هو انه كانت هناك قدرة للوصول الى الجميع، لذلك انا كنت ضد الامر من حيث وجهة النظر، لا حاجة لتنفيذ القتل المستهدف. هذا القتل ضروري عندما لا تستطيع الوصول لاحد ما ولكن ان كان بإمكانك اعتقاله او التصادم معه ناريا فلماذا يتم القتل المستهدف اذن. انا اعتقد انه كانت هناك عملية قتل مستهدف واحدة بدأناها مع مروحية وانهيناها مع وحدة "ايغوز" وكان هناك تبادل لاطلاق النار لان الشاب هرب".

س: ربما كانت هناك عمليات تصريح بخطط ولكنها لم تنفذ في آخر المطاف.

ج: لا لم تكن عندي امور كهذه من حيث المبدأ.

س: عندما صادقت على الخطة بصدد ملايشة قررت ان المهمة هي الاعتقال ولكن ان تم تشخيص احد قادة الجهاد الاسلامي وهناك تصريح للقوة بالقتل. ماذا يعني ذلك ان لم يكن قتلا مستهدفا؟

ج: هؤلاء مجموعة حصلنا بحقهم على تصريح مبدئي بأنهم قنابل متكتكة. هؤلاء مجموعة لو كان لنا احتكاك معهم لاننا عرفنا مسبقا انهم مسلحين، لن يكون هناك مفر حينئذ من توجيه النداء لهم بالتوقف والانتظار ان كانوا سيفرون ام لا، ولكن ومن البداية ان لم يرفعوا اياديهم ويلقوا بالسلاح يتم التصادم الناري معهم. هذا ليس لان من الواجب قتلهم وانما لانهم قنابل متكتكة ولانهم مسلحون هذا الافتراض".

س: هذه بلاغة كلامية – انت في الواقع صادقت على اطلاق النار عليهم من اللحظة التي يتم تشخيصهم فيها.

ج: ان لم يرفعوا اياديهم من البداية فورا فأنت تصرخ عليهم معلنا انك من الجيش الاسرائيلي ومطالبا برفع الايدي وتحاصرهم. ان لم يرفعوا اياديهم فأنت لا تنتظر مع حصارك. ان حصلت على تصريح بأن المجموعة قد اجتازت كل التصريحات ذات الصلة، اذن قد قلنا – يا رفاق انا لا اريد ان تصلوا هنا الى طنجرة الضغط" "الوسائل التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي لدفع انسان لتسليم نفسه". ان لم يستسلموا فورا فيحدث التصادم مباشرة حتى لا يتضرر الجنود. هذه هي الحكاية. هذا ليس قتلا مستهدفا وقياما بالمصادقة على اعدام انسان ان لم يرفع يديه".

س: التصريح الذي اعطيته للقوة يقول انه ان كان هناك نساء واطفال فالمهمة هي الاعتقال. اي انه كان من الممكن اعتقاله

ج: هذا يعني انه ان كان هناك نساء واطفال فنحن نأخذ على عاتقنا مخاطرة اخرى ونقول للرفاق حتى ان اطلقوا النار عليكم وبدأوا بالفرار فلا تبدأوا باطلاق النار وانما حاولوا ايقاف السيارة باطلاق النار على الدواليب ووضع الحواجز.

س: التصريح الذي صدر عن قسم العمليات في قضية ملايشة تحدث عن عملية "بعامون" أي عملية قتل

ج: ان تمت المصادقة على الشاب لاعتباره كذلك اي شخصا مصرحا بتنفيذ قتل مستهدف ضده اذن فهذه اوبرا اخرى.

س: ولكن حينئذ يتناقض ذلك مع تعليمات محكمة العدل العليا، لان السيطرة في المنطقة تعود لاسرائيل وفي المصادقة على الخطة يظهر ايضا خيار الاعتقال

ج: دعني من تعليمات محكمة العدل العليا، لا اعرف متى تصدر ومتى لا تصدر. انا اعرف ان القتل المستهدف مصادق عليه وان هناك نظام قائم بالاغتيال الوقائي وانا اتلقى التعليمات من قسم العمليات.

س: ما الفرق بين اجراء "باعون" وبين الاشخاص الذي تصادق مسبقا على اطلاق النار عليهم ان تم تشخيصهم؟

ج: الفرق هو انك تقول هنا: ارفع يديك – والا فإنني سأطلق النار. وهنا انا لا اقول وانما القي قنبلة من الطائرة

س: في الاوامر العامة ليس هناك ذكر لامكانية الاعتقال وهناك تصريح باطلاق النار ان تم تشخيص المطلوب.

ج: لا اعرف ورقة كهذه.

س: لماذا صدر تصريح مسبق بالمس بغير المشخصين في تصريحات القتل المستهدف؟

ج: اولم يكن هناك اشخاص في قضية صلاح شحادة؟ ولكن هذه اسئلة يتوجب عليك ان توجهها اليه. الامر الذي يجتاز قضية "بعامون" يجتاز تصريحات حتى مستوى الوزراء وما يتقرر يتقرر. هؤلاء الاشخاص توجلوا عادة مع اشخاص سيئين بجانبهم وليس مع اشخاص جيدين.

 

الرُخصُ كان قائما قبل محكمة العدل العليا ايضا

        رد الدولة لمحكمة العدل العليا قبل قرارها يَدّعي ان تنفيذ القتل المستهدف هو "خطوة شاذة" تتبع "فقط عندما لا تتوفر طريقة اخرى اقل في شدتها لتحقيق الهدف... في اطار هذه التعليمات المتشددة تقرر انه عندما تتوفر بدائل واقعية اخرى للعملية مثل الاعتقال يتوجب تنفيذها". ولكن يبدو ان الامر المركزي الذي غيره قرار المحكمة ليس التنفيذ والممارسة الميدانية وانما فقط اللغة التي يستخدمها الجيش الاسرائيل خلال تخطيطه لعمليات الاغتيال.

        في الثالث عشر من كانون الاول 2006، قبل ظهور قرار محكمة العدل العليا بيوم قتل بمخيم اللاجئين عين بتلما في منطقة نابلس المطلوب محمد رماحة. وفقا للتقرير الذي اصدره الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي بحينه لوسائل الاعلام، رماحة قتل خلال عملية اعتقال مشتركة للجيش والشاباك والوحدات الخاصة. هآرتس تكتشف الآن ان مصير رماحة كان قد حسم قبل ذلك بشهر خلال اجتماع لقيادة المنطقة الوسطى لتنفيذ عملية وحدة مجلان المخططة في منطقة نابلس. خلال تلك المداولات تم التأكيد من قبل قائد المنطقة نافيه ان من الواجب الاصابة هنا لان هناك مسلحين يتجولون في المنطقة ويرتبطون بخلية رماحة. خلال المداولات لم تطرح امكانية الاعتقال. جنود وجدة ماغلان هم ايضا الذي نفذوا عملية في قرية اليامون في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني 2006 وانتهت بقتل خمسة فلسطنيين – 2 من بينهم لم يكونوا مسلحين. الجيش كعادته لم يصرح بأنها عملية اغتيال. لكن التمعن في الوثائق يؤكد ان المهمة كانت وضع كمين للمسلحين واطلاق النار عليهم من مسافة قصيرة.

        المثال الآخر: في اواخر ايلول 2006 عقد رئيس قسم العمليات في ذلك الحين اللواء جادي ايزن كوت اجتماعا "اليوم قائد المنطقة الشمالية" صادق فيه على اغتيال شخص من فتح خبير في تركيب الاحزمة الناسفة من منطقة نابلس اسم العملية كان "آن الاوان للفوضى" وفي اطار هذه العملية اعتبر ذلك الشخص قنبلة متكتكة وصدر الامر باغتياله مع "التأكيد على تجنب المس بالابرياء" كرت شيمر يقول ان ما حدث بعد قرار محكمة العدل العليا على ما يبدو هو غسل للكلمات واستخدام مصطلحات تشير الى الاعتقال بينما هم ينفذون في الواقع عملية اغتيال. اما سفارد فيقول انه ليس من حق من اعطى ترخيصا للجيش بقتل المدنيين من دون المحاكمة ان يستغرب عندما تقوم وحدات الموت التي كونها بعدم الحرص على القيود القليلة التي فرضت على هذه السياسة.

        مصدر عسكري قال ان السنوات الاولى من الانتفاضة كانت فترة من دون نظام وانهم كانوا يطلقون النار على كل ما يتزحزح تقريبا. اما في العامين الاخيرين خصوصا بعد قرار العليا اصبح السلوك مختلفا قليلا لوجود رقابة من النيابة العسكرية. أما بصدد التوقيت السياسي فيقول ساخرا: معايير القنبلة المتكتكة تتغير ان كانت كونداليزا رايس في البلاد".

        التحقيق الذي قامت به هآرتس ان عمليات الجيش التي تعتبر عمليات اعتقال سلفا وليست عملية اغتيال تنتهي على الاغلب بالاعتقال. مع ذلك هناك شيء ما مقلق لانه خلال اصدار الاوامر بالاعتقال هناك احيانا حاجة للتوضيح بأن من الواجب جلب المطلوب حيا هذا ما حدث مثلا في العملية التي تم التخطيط لها في ايار الماضي لاعتقال احد نشطاء فتح في بيت لحم. حيث قال نافيه لقائد وحدة المستعربين دوب دوبان" المهمة هي مهمة اعتقال وليس قتل" ذلك الناشط اعتقل حيا بالفعل.

        تبين ايضا ان وجود الاطفال ليس دائما ذريعة وسببا لالغاء العمليات العسكرية في اخر آذار الماضي سمح رئيس هيئة الاركان لوحدة المستعربين دوب دوبان بتنفيذ اعتقال لمطلوب خلال حفلة عيد ميلاد احد ابنائه "حفلة الروضة" كان الاسم الذي اختاره الجيش لتلك العملية.

        الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي: كل شيء قانون

        الناطق بلسان الجيش افاد: الجيش وباقي الاذرع الامنية يعملون بصورة مشتركة في التصدي للجهات الارهابية التي تتصرف بوحشية ضد دولة اسرائيل ومواطنيها. هذه العمليات تتم وفقا للاحتياجات الامنية وفي اطار منظومة قانونية مرتبة وسياسة خاضعة للقانون ولقرارات محكمة العدل العليا.

        اهداف العملية التي نفذها قوات الامن في 20/6/2007 كانوا مخربين من كبار قادة الجهاد الاسلامي الارهابي في منطقة جنين والذين قاموا بتنفيذ عمليات تخريبية. في ظل ما ذكر وبسبب الخطورة الامنية الشديدة التي يشكلونها اعتبروا هدفا لـ "القتل المستهدف" وفي اطار تنفيذ العملية قررت كل المستويات ان الاعتقال خيار مفضل ان كان ممكنا ولكن في حالة وجود خطر على قواتنا كان هناك بديل قتل المطلوبين. العملية تساوقت ايضا مع واجبات اسرائيل القانونية بما في ذلك الواجبات القانونية المتعلقة بتنفيذ "القتل المستهدف" وفي هذه الحالة ايضا تم تدارس اعتقال اهداف العملية وفقط عندما تبين ان هذه الامكانية غير قابلة للتطبيق تقرر قتلهم.

        الادعاء بصدد القيام بـ "اغراء التأكد من القتل" خلال العملية ليس معروفا للجيش. ان تم التقدم بشكوى ذات اساس في هذه القضية فسيتم التحقق منها بصورة محددة.

        القرارات بصدد توقيت العمليات الامنية تتخذ في اطار جملة منوعة من الاعتبارات الامنية والسياسية التي تستوجب تأجيل العمليات بوقت اكثر ملائمة وهذا لا ينتقص من الحاحية وضرورة العملية.

        كل اعمال القتل المستهدف التي نفذت بعد صدور حكم محكمة العدل العليا ستطرح على لجنة فحص مستقلة عندما تقرر في المحكمة اقالة هذه اللجنة ضمن مسؤولية المستوى السياسي واقامة اللجنة ضمن مسؤولية المستوى السياسي.