خبر عنوان فضائية « التركية » يجب أن يكون فلسطين .. إسماعيل ياشا

الساعة 08:30 ص|09 ابريل 2010

عنوان فضائية "التركية" يجب أن يكون فلسطين .. إسماعيل ياشا

كاتب ومحلل سياسي تركي

الأحد الماضي في الثامنة مساء ، كنا على موعد مع إطلاق الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون التركية "تي آر تي" القناة الفضائية الناطقة باللغة العربية لتكون جسرا جديدا بين العالم العربي وتركيا وتساهم في التقريب بين الأمتين العربية والتركية وإعادة وصل صلات العرب بتركيا بعد انقطاع طويل.

انطلاق فضائية "التركية" في احتفالية ضخمة أقيمت في إسطنبول بحضور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حدث كبير طال انتظره، في وقت تشهد فيه العلاقات التركية العربية تقدما كبيرا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: "هل ستكون هذه القناة على مستوى تطلعات المشاهد العربي خصوصا إذا كانت فضائية "التركية" ستكون قناة ترفيهية؟؟ فالعرب معلوم أن عندهم عشرات القنوات التي تصور ما يجري في الكازينوهات والملاهي الليلية وتدخله إلى البيوت العربية، وهي تدخل البيوت العربية دون استئذان، لأنها مدعومة من رأسمال عربي كبير وضخم يريد هذه الصورة في كل بيت ويريد تدمير المنظومة الأخلاقية للشعوب العربية .

ككاتب تركي أنظر إلى هذه الفضائية باهتمام فلست بمتشائم من انطلاق هذه الفضائية، بل أتمنى التوفيق والنجاح، ولكن الانطباع الأول الذي تركته فضائية "التركية" لدي ولدى كثير من المشاهدين سواء كان أثناء البث التجريبي أو في ليلة الانطلاقة وبعدها لا يبشر بالخير، لأن الأفلام الماجنة والمسلسلات الهابطة والبرامج الصاخبة أخر ما يحتاج إليه المواطن العربي المغلوب على أمره والمثقل بالهموم.

فالعرب اليوم يعيشون جرحا اسمه فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، الذي  تحدق به مخاطر الهدم والتقسيم والانهيار، والقدس المحتلة مهددة بالتهويد وطمس معالمها العربية والإسلامية، بالتالي يجب أن يكون عنوان هذه القناة فلسطين.

هل سنشاهد مثلا على شاشة فضائية "التركية" الراقصات العاريات أو برامج لا تُسمنُ ولا تغني من جوع بينما يحاول المغتصبون الصهاينة اقتحام المسجد الأقصى وحراسه يحاولون أن يسمعوا صرختهم إلى العالم بكل وسيلة، أم أننا سنجدها قناة على قدر من المسؤولية في نقل الصوت الفلسطيني إلى الأمة وصوت الأمة إلى الفلسطينيين؟

 

 

 

نحن الأتراك والعرب بحاجة إلى جسور تعبر من خلالها المحبة والفضيلة لا الفساد والرذيلة، بحاجة إلى ما يرتقي بمستوى وعينا وثقافتنا ومعارفنا ويلامس قضايانا ويساهم في تخفيف معاناتنا ويبني بيننا علاقات سليمة متينة، ويزيد من مشاعر المحبة والاحترام تجاه بعضنا البعض. ولا نحتاج إلى أدوات تخدم أجندات غيرنا وتوظف لتحويل مجتمعنا إلى قطعان يسوقونه كيف ما يشاءون. وإذا كانت تركيا تريد النجاح والقبول لفضائية "التركية" بين المشاهدين العرب فعليها أن تأخذ كل هذه بعين الاعتبار.

 

 

 

 

 

هناك نقطة أخرى غاية في الأهمية، وهي أن المشاهد العربي المتدين ربما سيتابع هذه الفضائية على أساس أنها فضائية أردوغان، الزعيم المحبوب في الشارع العربي بسبب مواقفه  الداعمة للقضية الفلسطينية، ولذا من المحتمل أن ينصح أهله بمشاهدة برامجها بالإضافة إلى مشاهدته هو نفسه، ويتعامل معها بلا حذر لكونها فضائية أردوغان البطل بخلاف الفضائيات الأخرى المعروفة. وهذا التساهل قد يفسد-لا سمح الله- أولادنا وبناتنا. ولذا، يجب على العلماء والتربويين أن يقوموا بدورهم في تقييم فضائية "التركية" وفقا للقواعد الإسلامية التي نؤمن بها وترشيد المشاهدين العرب وربما القائمين على الفضائية نفسها، ليبرؤوا ذمتهم أمام الله.

 

نعم نحب أردوغان ونقدر مواقفه الصادقة وتصريحاته التي تعبر عن رأي الشارع العربي والإسلامي ولكن الحق أحب ألينا أو لابد أن يكون كذلك. فلا يمكن أن نقبل ما يخالف قيمنا وعقيدتنا وأخلاقنا ولو جاء من أردوغان وفضائيته. إذا كان تعزيز العلاقات والجسور الممدودة على حساب ديننا فلا وألف لا.!!