خبر الأسرى الفلسطينيون في معركة الأمعاء الخاوية ..ياسر الزعاترة

الساعة 07:52 ص|09 ابريل 2010

الأسرى الفلسطينيون في معركة الأمعاء الخاوية ..ياسر الزعاترة

 

بدأ ثمانية آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني يوم الأربعاء إضراباً عن الطعام، كبداية لمسلسل احتجاجات لن يتوقف قبل تحقيق عدد من المطالب العادلة التي تصر إدارة سجون العدو على تجاهلها. ومن تلك المطالب: وقف المعاملة المهينة والقاسية التي يتعرض لها أهالي الأسرى أثناء زيارتهم لأبنائهم، سواء ما كان منها على حواجز الاحتلال، أم داخل السجون وعلى بواباتها، إضافة إلى الحرمان المجحف والظالم لأسرى قطاع غزة من زيارة أهاليهم منذ أكثر من أربع سنوات تحت ذريعة أسر الجندي شاليط، وكذلك منع أهالي الأسرى في الضفة الغربية والقدس والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 48 من زيارة أبنائهم بحجج وذرائع أمنية فارغة، السماح باستقبال بث قناة الجزيرة الفضائية، إدخال الكتب عبر زيارات الأهالي، السماح للأسرى بالتقدم لامتحانات الثانوية العامة وفق المنهج الفلسطيني، وقف التفتيش المهين للأسرى، تحسين شروط النقل للمحاكم، إلى جانب مطالب أخرى تخص كل سجن على حدة.

 

لا خلاف على أن الأسرى هم الجرح النازف في خاصرة الشعب الفلسطيني، ذلك أننا إزاء قضية تحضر في كل بيت من بيوت الضفة والقطاع، بخاصة الضفة الغربية التي حظيت بالكم الأكبر من المعتقلين منذ انتفاضة الأقصى، فيما لم تكن سياسة الاعتقال حاضرة في القطاع بعد خروج الجيش الإسرائيلي منه إثر توقيع اتفاق أوسلو.

 

سياسة الاعتقال هي السياسة الأبرز في معركة تركيع الشعب الفلسطيني، إلى جانب سياسة القتل والاغتيال وهدم البيوت والعقوبات الجماعية، وقد سعى الاحتلال من خلالها جميعاً (بخاصة الاعتقال) إلى ضرب مفاصل المقاومة في الشعب الفلسطيني، وذلك من أجل دفعهم إلى التخلي عن المقاومة كخيار في مواجهة الاحتلال، وصولاً إلى القبول بسياساته وإملاءاته.

 

والحق أنه لولا روعة هذا الشعب وعمق الإيمان المتجذر في روحه ووعيه، لما كان بوسعه احتمال هذه السياسة البشعة التي تصيب أكثر البيوت وتفقدها الإحساس بالأمن والأمان، فيما ترتب عليها أعباءً نفسية ومادية كبيرة، ربما أكثر من الاستشهاد، بخاصة في ظل حصول قطاع كبير من الأسرى على أحكام عالية تستهلك الشق الأكبر من أعمارهم، فيما لا يتوفر أي أمل بالتحرير للكثير منهم خارج سياق صفقات التبادل في ظل أحكامهم التي تشمل المؤبد وما فوق ذلك.

 

لعل أسوأ ما يمكن أن يتعرض له الأسرى هو التخلي عن البرنامج الذي من أجله اعتقلوا وعذبوا، وهنا في هذه المرحلة على وجه التحديد يتكرس هذا البعد البائس، حيث يجري تسخيف خيار المقاومة الذي أودى بهم إلى السجون، فيما يجري الحديث عن صفقات وقف المطاردة لبعض المطلوبين مقابل ترك المقاومة، وكذلك مرحلة بناء المؤسسات، إلى غير ذلك من البرامج التي تؤكد التخلي عن خيار المقاومة، من دون أن تساهم في تحرير الأسرى باستثناء أصحاب الأحكام الخفيفة الذين يخرجون مع نهايتها أو كجزء من حوافز يقدمها الاحتلال للسلطة بهدف تشجيعها على المزيد من التنسيق الأمني ونبذ ما يسميه "العنف والتحريض".

 

في هذه الأجواء تتراجع الأوضاع النفسية للأسرى وعائلاتهم في آن، ويشعرون أن أبناءهم قد استهلكوا أعمارهم من أجل قضية يجري تبديدها على نحو مريع، وبالطبع في ظل تخطئة الخيار الذي ساروا عليه وأودى بهم إلى السجون. ولعل الأكثر سوءاً على الإطلاق هو التنسيق الأمني مع المحتل الذي يحول أسرى يخرجون من سجون الاحتلال، إلى معتقلين لدى السلطة المتعاونة معه، والعكس كذلك، وهو ما يترك مرارات يصعب وصفها.

 

هي قضية شائكة، وجرح نازف كما أسلفنا من قبل، لكن الشعب الذي ضحى طوال تاريخه بالغالي والنفيس من أجل وطنه وقضية أمته، لن يلبث ان يتجاوز هذه المرحلة، ليستأنف رحلة المقاومة والانتفاضة التي تعيد الألق لقضية الأسرى وقضية المقاومة، وتؤكد أن المسار سيبقى هو المسار حتى التحرير، تحرير الأرض وتحرير الأسرى في آن.

 

بقي القول إن من حق الأسرى على شعبهم وأمتهم أن يظلوا حاضرين دوماً في فعاليات متواصلة، وليس موسمية، لأن الأمم الحية لا تنسى أبطالها بحال من الأحوال.

 

صحيفة الدستور الأردنية