خبر ديــر يــاســين .. ذاكــرة وطــن يــأبى النســيان

الساعة 08:18 م|08 ابريل 2010

دير ياسين .. ذاكرة وطن يأبى النسيان

فلسطين اليوم – غزة ( خاص )

المكان.. قرية دير ياسين الفلسطينية، و الزمان في التاسع من ابريل من كل عام و بينما يهم اليهود بالاحتفال بما يسمى عيد الاستقلال لديهم، يهم الفلسطينيون بإحياء ذكرى مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل اثنان و ستون عاماً تحت جنح الظلام، وقتلت العشرات من أهلها في اليوم التالي لاستشهاد القائد الفلسطيني الكبير عبد القادر الحسيني في معركة القسطل.

 

دير ياسين في سطور

دير ياسين، قرية عربية فلسطينية تقع بالجانب الغربي من مدينة القدس وعلى بعد أربعة كيلومترات فقط عن المدينة المقدسة, وكان عدد سكان القرية آنذاك 750 نسمة فقط.ومعظم رجالها كانوا يعملون في المحاجر والكسارات داخلها . أطلق الاحتلال على دير ياسين اسم" جفعات شاؤول"، لكن أزقة شوارعها و حاراتها لا زالت تتمرد على النسيان مهما تغيرت الأسماء و السكان.

 

إما الموت أو الرحيل!

لقد شكلت مذبحة دير ياسين بداية انطلاقة التطهير العرقي الذي كان سبيل الصهاينة في إقامة كيانهم الغاصب، إبادة على كافة المستويات جسدية وثقافية تم معها محو ما يربو على الخمسمائة وثلاثين قرية فلسطينية عن بكرة أبيها،  تطهير شارك فيه المجتمع الدولي مشاركة فعلية بصمته وعجزه بوجه العصابات. وقد تبجح مناحيم بيغن الذي قاد هذه المجزرة بحق الأبرياء ثم وصفها بــ (السكين الذي تقطع الدهن)، وهذا يؤكد أنه عندما يحاصر الفلسطيني من قبل المجتمع الدولي لانتزاع اعترافا منه بحق جلاده يصبح الحصار مشاركة في هذه السياسة ، وأنه عندما تقف الدول التي تدعي أنها متحضرة بوجه الفارين من هذه المذبحة وغيرها من المذابح الصهيونية لمنع حقهم بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها عنوة تصبح مشاركة فعليا في التطهير، وأنه  وعندما تستخدم أمريكا الفيتو لمنع إدانة الكيان الصهيوني على مذابحه المستمرة وفيتو مذبحة مخيم جنين رمزا فهي مشاركة فعليا في هذا التطهير الذي كان عنوانه إما الموت و إما الرحيل!.

هل القضية مغيبة؟

يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني، الأستاذ طلال عوكل في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية "أن الإعلام العربي والفلسطيني على وجه الخصوص لم يعد مهتما بهذه القضايا التاريخية، لأن هناك أحداثاً ضخمة تجذب الإعلاميين، مؤكداً أن قضية ما حدث في دير ياسين أصبحت مغيبة الآن من الاهتمام العربي و العالمي.

و أكد أن المسؤولية الكبرى في هذه القضية تقع على عاتق الفلسطينيين أنفسهم  من خلال حمل هذه الملفات إلى القانون الدولي من اجل فضح بشاعة الاحتلال و جرائمه وحتى يعرف القاصي و الداني كيف نشأت دولة الاحتلال، و ممارساتها الإجرامية بحق الإنسانية على جميع المستويات.

و أضاف عوكل أن المجتمع الدولي ساهم و بشكل كبير في تمادي دولة الاحتلال في ارتكاب مزيداً من المجازر على مدى سنين احتلاله لفلسطين، والتي كان آخرها الحرب الشرسة على قطاع غزة من خلال صمته و تواطؤه تجاه هذه الجريمة.

و يذكر أن دولة الاحتلال لا زالت تتكتم على كل ملفات هذه المذبحة من صور وإحصائيات لعدد الشهداء والجرحى والمشردين والمباني والأحياء التي مسحت عن الخارطة الفلسطينية فيها.

و قال عوكل إن على المجتمع الدولي أن يتحرك جدياً لردع إسرائيل و لجم سياستها العدوانية و وقف مسلسل الإجرام الذي تمارسه، وعلى الأقل فرض عقوبات عليها إن لم يكن ملاحقة مرتكبي هذه المجزرة.

 

القضية لا تسقط بالتقادم

بدوره قال الأستاذ جميل سرحان، مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، إن قضية هذه المذبحة ليست مغيبة، سيما و أن الشعب الفلسطيني يتعرض لويلات دائمة وجديدة لم تتوقف عند دير ياسين أو كفر قاسم، مروراً بجنين ووصولاً إلى المذبحة التي تعرض لها أهلنا في غزة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.

و أكد سرحان أن قضايا الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني لا زالت حاضرة و لا تسقط بالتقادم، و أن المؤسسات الفلسطينية قامت بتوثيقها و التعاطي معها و لن يتم إغفالها مهما طال الزمن أو قصر، حتى تتم ملاحقة مرتكبيها و تعويض المتضررين منها  وإعادة اللاجئين منها إلى ديارهم.

في المقابل، أشار سرحان إلى أن الجهد الجسيم الذي تبذله مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية لمتابعة جرائم إسرائيل لا يكفي للحد الأدنى المطلوب فلسطينيا لمواجهة الغطرسة الأمريكية و الدولية المتواطئة مع الاحتلال.

و طالب سرحان الكل الفلسطيني، من جهات رسمية و مستقلين و غيرهم للتحرك الفاعل و تحمل مسؤوليتهم إلى جانب مؤسسات حقوق الإنسان من اجل رفع الغطاء عن الاحتلال الإسرائيلي و تعريته أمام المجتمع الدولي، مؤكدا أن عدم وجود معلومات مكتوبة حول تفاصيل هذه المجزرة لا يعني أن الفلسطينيون تنازلوا عن حقوقهم بل أرخوا تاريخ هذه المجازر بتمسكهم بالثوابت الفلسطينية.