خبر « استمرار زواج المسلمة من غير المسلم ».. فتوى تثير عاصفة جدل بين العلماء

الساعة 11:04 ص|08 ابريل 2010

"استمرار زواج المسلمة من غير المسلم".. فتوى تثير عاصفة جدل بين العلماء

فلسطين اليوم- وكالات

تسببت فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث حول بقاء الزوجة التي دخلت الإسلام بالبقاء مع زوجها غير المسلم، في إثارة حالة من الجدل والبلبلة بين علماء الدين والشريعة حول مدى مشروعية تطبيق هذه الفتوى في المجتمعات الإسلامية من عدمه.

 

وانقسم المجلس إلى ثلاث فرق أحدهما مؤيد للفتوى مستنداً في تأييده على مرونة الإسلام وحرصه على المصلحة، والآخر رافض للفتوى لتعارضها مع آية صريحة في كتاب الله، فيما كان الفريق الثالث متحفظاً على الفتوى رافضاً لأن يبدي أي رأي تجاهها انتظاراً لما ستئول إليه من نتائج.

 

ويصف الدكتور يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الفتوى بأنها باطلة وتعطل كتاب الله ويجب إلغائها في الحال، موضحاً أنه يجب أن تكون الزوجة في عصمة الزوج المسلم وفي حالة ارتداد الزوج عليه أن يتفرق عن زوجته معطياً لها كل حقوقها من مهور وأمور غيرها  لقوله تعالى: "فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن"، وبالتالي فلا يجوز للزوجة المسلمة أن تبقى في عصمة غير المسلم لقوله تعالى: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا".

 

وعليه، أضاف أنه يجب على الزوجة وقت اعتناقها للإسلام أن تفارق زوجها غير المسلم، لأن بقاء الزوجة غير المسلمة في عصمة رجل غير مسلم حرام شرعاً وجريمة من الجرائم، لأن حكم الله لايتبدل ولايتغير بتغيير الزمان والمكان ومن ينادي بذلك عليه أن يتحمل وزر هذه الفتوى.

 

ووافقه الرأي الشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر الشريف الذي أكد أنه في هذه الحالة لابد أن يتفرق الزوجان، لأن الزوج المسلم أولى بالزوجة المسلمة من غير المسلم، ومن يدعو لهذا الأمر فهو واقع في آثم عظيم.

 

وأوضح، أن من يدعو بهذا الأمر ليسوا من ولاة أمر المسلمين، قائلاً" إن الإسلام له تشريع واحد وهو القرآن الكريم ما جاء به أخذناه وعملنا به ومن خالفه بعدنا عنه، ونهاية الأمر فعندما تعتنق المرأة الإسلام يجب أن تتفرق عن الزوج غير المسلم عملا بالنص القرآني والآية الصريحة القائلة "لا هنَّ حلٌّ لهم ولا هم يحلون لهنَّ".

 

ويرى الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أنه لايجوز للمسلمة البقاء مع غير المسلم وعليها أن تعلمه وقت إشهارها لإسلامها أنه ستفترق عنه، و إذا أراد البقاء معها عليه أن يعتنق الإسلام وإلا ستفترق عنه وتطلب الطلاق.

 

وأضاف الجندي أن هذا ما حدث أيام الرسول الكريم عندما اعتنقت الزوجات الإسلام فأمرهم الرسول بأن يتفرقن عن أزواجهم، ولكن يمكن أن يتفاوضا معهم ولكن وهن بعاد عنهم على أمل أن يشهروا إسلامهم فإن رفضوا فعليهم أن يتفرقوا.

 

وأبدى الدكتور محمد عبد المنعم البري الرئيس السابق لجبهة علماء الازهر، تحفظه دون إبداء رأيه في الموافقة أو عدم الموافقة عليها، قائلا: "الذي اعرفه من دراستي وممارستي اليوم للفقه الإسلامي أنه لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير مسلم.

 

وأضاف أن الله تعالى قال في كتابه الحكيم: "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم".

 

وحول حقوق الأبناء في الميراث من أبيهم غير المسلم في حالة الطلاق، يرى الدكتور البري أن المسلم لا يرث غير المسلم والعكس، لكن هناك مفسرين يرون أن مصلحة الأبناء المسلمين وراثة أبيهم غير المسلم بدلاً من أن تذهب أمواله وعقاراته لشخص آخر غير مسلم، وكذلك على الأبناء سداد ديون أبيهم غير المسلم بعد وفاته من باب سماحة الإسلام وحرصه على إقامة جو أسري متزن.

 

وعلى الجانب الآخر، يقول الشيخ خالد الجندي الداعية الإسلامي "إن هذه الفتوي تدخل في نطاق القضايا الخلافية، فالأمر يخضع للضرورة والمصلحة، موضحاً أن الإسلام يتسم بالمرونة وأن الفتوى الصادرة عن المجلس الأوربي ترتكز على تحقيق المصلحة من أجل تحقيق مطلب ضروري وهو الحفاظ على استقرار الأسرة، وأضاف أن الشيخ القرضاوي قد أصدر فتوى منذ سنوات توافق على هذه الفتوى".

 

ويتفق مع الجندي في الرأى الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر قائلاً" أنه يوافق على هذه الفتوى في حال الضرورة بإعتبار الحياة الزوجية قائمة، مع الأخذ في الاعتبار أن زوجها لايؤثر علي دينها بشي.

 

وأوضح، أن هذا الأمر لايتعارض مع الآية الكريمة القائلة " لا هنَّ حلٌّ لهم ولا هم يحلون لهنَّ"، لأنها نزلت في وقت اضطهاد ديني وكان يخاف على الزوجات من ضغط أزواجهم عليهم بأن يرتددن.

 

وعن مصير الأولاد الناتج عن الحياة الزوجية في هذه الحالة يقول الهلالي " يتركوا لأمرهم واختيارهم  على ان يوضح كل من الوالدين ايجابيات دينه كدعوة لهم الي الدين الخاص بكلا منهم ".

 

وختم الهلالي حديثه أن الآية الكريمة تقصد عدم زواج المسلمة بغير المسلم من بداية الأمر، وليس المقصود بها حال الزوجة التي اعتنقت الإسلام بعد الزواج من غير المسلم.

 

ويرى الشيخ يوسف القرضاوي الأمين العام لاتحاد العلماء المسلمين ان هذه الفتوي يسرت علي المسلمات اللائي يدخلن في الإسلام وحريصات علي بقاء الزوجية .. وهو مذهب لبعض الصحابة وبعض التابعين، ولا حرج علي المسلم أو المسلمة أن يتبع بعض هذه الأقوال.

 

وأكد انه ضد زواج المسلمة من غير المسلم، لكن الفتوي تتحدث عمن كانت متزوجة من قبل ودخلت الإسلام بعد زواجها.. أما عن الآية 'لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن'، فأشار إلى أنها في المسلمة المهاجرة من أرض الكفر إلي أرض الإسلام، وليس في كل من دخل الإسلام 'إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلي الكفار' فليس معقولاً أن تأتي واحدة هاربة من جحيم الكفر والتعذيب والإيذاء أن نردها فالآية ليست في هذه القضية.