خبر هل من رؤية أمريكية للسلام؟ ..د. ناجي صادق شراب

الساعة 09:25 ص|08 ابريل 2010

هل من رؤية أمريكية للسلام؟ ..د. ناجي صادق شراب

تعاني إدارة الرئيس الأمريكي أوباما من غياب سياسة ورؤية واضحة لكيفية إنهاء الصراع العربي "الإسرائيلي" وفي قلبه الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" فالطموح والوعود والرؤى المثالية غير كافية في صراع مركب ومعقد ومتشابك المتغيرات، وتتحكم فيه العديد من القوى الإقليمية والدولية، فالولايات المتحدة حتى الآن غير قادرة على الدفع في اتجاه المفاوضات، وحتى مع التسليم باستئناف المفاوضات، فليس هناك ما يضمن نجاحها من دون تدخل مؤثر وفاعل وضاغط في اتجاه تسوية سياسية واقعية ومتوازنة، فلقد بدأت الإدارة الأمريكية حكمها بالتزام انجاز تسوية هذا النزاع المركب وشديد التعقيد، وجاء هذا الالتزام في خطابيه التاريخيين في القاهرة وأنقرة مخاطباً فيهما العالم العربي والإسلامي وقضيتهم الرئيسة فلسطين، وكانت نتيجة هذين الخطابين رفع سلم التوقعات لدى المواطن في هذه البلدان، لكن سرعان ما تراجع سلم التوقعات وتهاوى إلى درجة كبيرة من عدم الثقة في قدرة هذه الإدارة على تحقيق التسوية، ويبدو أن هذه الإدارة كانت متسرعة في وعودها والتزامها، فكان المطلوب أولاً قراءة وقائع الصراع على الأرض، وما فرضته "إسرائيل" من واقع يتعارض مع أي إمكانية لتسوية سياسية مقبولة، وثانياً أن هذه الإدارة جاءت مع وصول اليمين المتشدد بزعامة نتنياهو للحكم، وهو صاحب أيديولوجية استيطانية متطرفة، وجاءت أيضاً في ظل تحولات في موازين القوى الإقليمية، واستمرار إيران في تطوير قدراتها النووية، وجاءت أيضاً في ظل حالة انقسام سياسي فلسطيني وزيادة دور حماس في المعادلة السياسية الفلسطينية.

 

وأيضاً جاءت في ظل انقسام وعدم قدرة عربية على إنهاء هذا الانقسام، حتى المبادرة العربية المطروحة غير قادرة على الصمود والبقاء أمام إصرار "إسرائيل" في مواصلة الاستيطان، وتهويد القدس ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية التي لم تبق أي إمكانية لقيام رؤية الدولتين، كل هذا جعل الدور الأمريكي أكثر صعوبة، وتعقيداً، وعليه فالخطوة الأولى أمام الإدارة الأمريكية يجب أن تكون أكثر واقعية في التعامل مع قضايا هذا الصراع وأن تتبنى نهجاً مختلفاً عن الإدارات السابقة من دون أن تلغيه وتستفيد منه، وبمعايير النجاح والفشل يمكن القول بأن هذه الإدارة حتى الآن فشلت في استئناف العملية التفاوضية، لعدم قدرتها المباشرة على إجبار "إسرائيل" على وقف الاستيطان في القدس الشرقية. وإلزام "إسرائيل" بدفع استحقاقات أي عملية سلام تقوم أساساً على فكرة انسحابها من الأراضي العربية والفلسطينية التي تحتلها.

 

لم يعد حل النزاع قاصراً على إجراءات بناء ثقة، أو مجرد إطلاق سراح أسرى، أو رفع حواجز "إسرائيلية"، أو حتى رفع حصار، بل الحل يفترض حلولاً واقعية للقضايا التفاوضية كالقدس واللاجئين، والدولة الفلسطينية، وغيرها من القضايا الشائكة، فالمفاوضات الفلسطينية "الإسرائيلية" وصلت إلى ما يمكن تسميته بخط الحدود الدنيا لثوابت كل طرف، وهذا ما يفسر الحاجة إلى دور أمريكي مباشر، ووضع تصورات وحلول لهذه القضايا الشائكة . والأخذ في الاعتبار المحددات التاريخية والدولية والقانونية التي تحكم النزاع، ويتطلب الدور الأمريكي أيضاً الاستعداد للعب دور دائم لمرحلة ما بعد إنجاز أي اتفاق سلام في حال نجحت الإدارة الأمريكية في ذلك. وهو أمر مستبعد في ظل التحديات والمعطيات التي تحكم الصراع.

 

أن الرؤية الأمريكية ينبغي أن تأخذ في اعتبارها كل المعطيات والمستجدات التي تتحكم في استمرارية الصراع، والسؤال ثانية هل تملك الإدارة الأمريكية هذه الرؤية الاستراتيجية لحل الصراع؟ قد يكون من الصعب الإجابة بالنفي، فهذه الإدارة هي امتداد لإدارات سابقة وخصوصاً إدارة الرئيس كلينتون التي قطعت شوطاً في المسار، إضافة إلى ذلك الاستفادة من كل الخبرات السابقة، ولا أعتقد أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تنقصها هذه الرؤية، لكن التساؤلات المهمة، ما هي منطلقاتها؟ وما هي محدداتها؟ وما هي آلياتها المتوفرة؟ وكيف ترى الولايات المتحدة الحل؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تحتاج إلى معرفة الموقف الأمريكي من العديد من القضايا مثل القدس والدولة الفلسطينية، ووضع المستوطنات، وموقفها من يهودية "إسرائيل"، ومطالبها في القدس، هذه القضايا شائكة تحتاج إلى حلول وخيارات تنظر للصراع بعينين اثنتين وليس بعين واحدة اعتادت أن تنظر دائماً للصراع من خلالها.

 

أكاديمي وكاتب عربي