خبر اعتقال صحافية إسرائيلية لكشفها اغتيالات تثير نزاعاً بين الإعلام والرقابة العسكرية

الساعة 05:36 ص|08 ابريل 2010

اعتقال صحافية إسرائيلية لكشفها اغتيالات تثير نزاعاً بين الإعلام والرقابة العسكرية

فلسطين اليوم – وكالات

حملت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشدة على الرقابة الرسمية التي تستغل التبريرات الأمنية لتفرض قيوداً «غير منطقية» على ما ينشر في الصحف. وأعلنت القاضية المتقاعدة داليا دورنر، التي ترأس مجلس الصحافة الإسرائيلية، أنه «إذا كان العالم كله يعرف فلا معنى البتة لإصدار أمر حظر نشر». وتساءلت وسائل إعلام أخرى عما إذا كانت «الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» هي فعلاً إسرائيل.

وقد جاءت هذه الحملة على خلفية اعتقال الصحافية عنات كام، التي وضعت قيد الإقامة الجبرية في منزلها منذ كانون الأول الماضي بتهمة تسريب وثائق سرية ذات صلة بالاغتيالات الإسرائيلية للنشطاء الفلسطينيين.

وعنات كام، تبلغ من العمر 23 عاماً/ وكانت تعمل كصحافية في موقع «والا» الألكتروني التابع لمؤسسة «هآرتس» الصحافية. وقد اعتقلت ووضعت سراً في الإقامة الجبرية بأمر من جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في كانون الأول. وأفلحت الشرطة الإسرائيلية في استصدار أمر من المحكمة بحظر نشر أية معلومات بشأن قضيتها واعتقالها، بما في ذلك وجود هذا الأمر أصلاً. ومن المقرر أن تبدأ محاكمة كام في 14 نيسان الحالي.

وتعود القصة إلى العام 2008 حينما نشرت «هآرتس»، استناداً إلى هذه الوثائق، تقريراً يظهر أن القيادة الإسرائيلية العليا خططت ونفذت اغتيالات بطريقة تتناقض مع تعليمات المحكمة العليا التي صدرت العام 2006، والتي حدّدت الظروف التي يمكن فيها استخدام هذا الأسلوب. وبحسب تعليمات المحكمة العليا فإنه «لا يجوز اغتيال شخص إذا كان بالوسع اعتقاله، التحقيق معه وتقديمه للمحاكمة». وسمحت بالاغتيال إذا كان الاعتقال قد يشكل «خطراً شديداً على أرواح الجنود».

وفي حينه أثار هذا التقرير ارتباكاً في الأوساط العسكرية الإسرائيلية العليا. وكانت كام خلال خدمتها العسكرية تعمل في مكتب قائد الجبهة الجنوبية الجنرال يائير نافيه، الذي كان هو ورئيس الأركان الجنرال غابي أشكنازي بين من أشار إليهم تقرير «هآرتس». وتنظر قيادة الجيش الإسرائيلي بخطورة، ليس لما يعتبر خرقاً للقانون الدولي أو لقواعد الحرب، وإنما لما يمكن أن تدان عليه في القانون الإسرائيلي. ومن المؤكد أن انتهاك قرار محكمة عليا يدخل في إطار المحرمات. ولهذا كان هذا التشدد من جانب القيادة العسكرية الإسرائيلية في متابعة هذه القضية ومعاقبة من كشف الأمر.

وبحسب ما نشر في صحيفة «الاندبندنت» البريطانية فإن الصحافي الإسرائيلي أوري بلاو، الذي نشر التقرير في «هآرتس»، يختبئ الآن في بريطانيا. وكان بلاو في الصين عند اعتقال كام، وبالتالي لم يعد لإسرائيل خشية اعتقاله. وأشارت الصحيفة إلى أن «هآرتس» تجري مباحثات مع النيابة العامة حول شروط عودته إلى إسرائيل.

ورغم نشر تفاصيل القضية واسم عنات كام فإن أمر حظر النشر سار، وبتشدد كبير في إسرائيل. ولا تذكر القضية إلا باسم «القضية الأمنية» أو «القضية الأمنية - الإعلامية». ويضطر كل إسرائيلي يريد معرفة ماهية هذه القضية أن ينقب في الانترنت ليجد هنا وهناك مقالات منشورة، شرط أن يكون قد عرف أن الأمر يدور عن عنات كام. ويبدو أن أهل وأصدقاء كام كانوا في البداية يعتقدون أن تسليمهم أمر حظر النشر سيخدم ابنتهم، ولكن سرعان ما تبين أن الضغط من أجل نشر المعلومات عنها قد يكون أكثر فائدة. وهذا ما جرى حيث بدأت مواقع مدونين مختلفة تتحدث عن المسألة وتنشر تفاصيلها. وبعد ذلك نشرت القضية في مقالات صحافيين في صحف كبرى في العالم.

ومن المثير للسخرية بشأن الرقابة الإسرائيلية أن صحيفة «يديعوت احرونوت» نشرت مقالة مترجمة للكاتبة جودي ميلر في صحيفة «ديلي بيست»، بعنوان «فضيحة الرقابة الإسرائيلية» بالصيغة التي سـمحت بها الرقابة. وظهر أن المقالة كانت شبه فارغة لأن المحظور نشـره أكبر بكثير من المسموح نشره. وردت العميد سيما فاكنين على ذلك بالإعلان أن الموضوع يخضع لأمر سرية فرضته محكمة، ولهـذا فإن الرقابة لا تتدخل لا سماحاً ولا منعاً.

وبحسب وسائل الإعلام الأجنبية فإن كام ستنال عقاباً لا يقل عن 14 سنة سجن إذا ثبت أنها من قامت بتسريب وثيقتين عسكريتين بالغتي السرية. وهناك في إسرائيل من يعتبر أن كام ستتعرض للضغوط ذاتها التي سبق وتعرضت لها الناشطة اليسارية طالي فحيمة التي وقفت إلى جانب مخيم جنين.

وقالت القاضية دورنر إن «إسرائيل دولة ديموقراطية وحينما تتخذ السلطة قراراً لا يروق لمواطن أو لصحيفة فإن هناك سبلاً لمهاجمته». ويذكر أن «هآرتس» وعدداً من الصحف ومحطات التلفزة رفعوا دعوى ضد «الشاباك» لإلغاء الحظر المفروض على نشر هذه القضية. ومن المقرر أن تبحث المحكمة العليا في المسألة في 12 الحالي.