خبر تقرير مريدور .. معاريف

الساعة 10:29 ص|06 ابريل 2010

تقرير مريدور .. معاريف

بقلم: مايا بنغل

هذه ايام أزمة. رياح مجمدة تهب بين واشنطن والقدس. الولايات المتحدة لا تبقي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الكثير من المجال للعمل. لا توجد هوامش بعد الان. انتهت الغمازات والربتات على الكتف. على نتنياهو ان يختار: اما ان يتقدم في الطريق السياسي الذي تحدده امريكا حتى اقامة دولة فلسطينية او السير رأسا برأس مع الرئيس براك اوباما، الخضوع لضغط اليمين والبقاء لزمن ما آخر في الحكم. في مثل هذه الحالة، في الانتخابات القادمة سيتعين عليه ان يتنافس مع كاديما برئاسة لفني وهو عديم الانجازات السياسية والفلسطينيون يكونون على مسافة لمسة من اقامة دولة فرضت على اسرائيل.

الوزير مريدور التقيته قبل العيد في وزارة الدفاع في تل أبيب. عندما جرى معه الحديث الأول كان رئيس الوزراء في طريق عودته من اشنطن. في احدى الغرف في وزارة الدفاع في تل أبيب وجدته يراجع بقلق العناوين الرئيسة في مواقع الانترنت. "ايلي يشاي: أنا ممنون لبارىء العالم لاعطائي الحق في أن أكون الوزير الذي يقر بناء آلاف وحدات السكن في القدس"، يقول احد هذه العناوين. عنوان آخر يصرخ بأن الاردن يحذر من أن "اسرائيل تلعب بالنار". مريدور قلق. الازمة مع الولايات المتحدة تقض مضاجعه. في المساء سيتخلى عن التذاكر للاوبرا وسيذهب الى المشاركة في النقاش الطارىء للسباعية، بحيث سيسمع من رئيس الوزراء ماذا حصل في واشنطن. "يجب الفحص المعمق ما الذي يريده الامريكيون" يقول مريدور بوجه مقفهر. "هذا ليس سهل ولن يكون سهلا. هذه لحظة اختبار كبرى".

مريدور يعلم جيدا ان اسرائيل تحتاج الى امريكا. وان الحفاظ على علاقات طيبة مع زعيمة العالم الحر حيوي لمصالحنا. ومع ذلك، فهو ليس واثقا من أنه يتفق مع كمية القوة التي يستخدمها الرئيس على نتنياهو. ويدور الحديث عن الكثير جدا من القوة. لا مفاوضات.

في ضوء الازمة مع الولايات المتحدة، فان ورقة التين التي وفرها حزب العمل لرئيس الوزراء سقطت. والحكومة تنكشف في يمينيتها. مع ايلي يشاي، افيغدور ليبرمان، بوغي يعلون، بني بيغن، سلفان شالوم، دانييل هرتشكوفيتس، يعقوب ليتسمان وآخرين، من الصعب التصديق بأن هذه الحكومة ستقود خطوة سياسية ذات اهمية. وبدون تقدم في المسيرة السياسية، فان نتنياهو كفيل بأن يفقد حزب العمل. اذا ما انسحب العمل من الائتلاف، فستتقلص الحكومة وتضعف، وستزداد الاحتمالات بأن يضطر نتنياهو الى دعوة كاديما للانضمام اليه. هذا هو السبب الذي يجعل مسؤولين كبار يصرخون بأن "اوباما يريد اسقاط بيبي". اوباما حقا يتجاهل الاعتبارات الائتلافية لنتنياهو ليس لانه يريد ان يسقط رئيس الوزراء في اسرائيل بل لانه مصمم على ان يحطم الجمود والتجمد الذي في النزاع واحداث تغيير في الشرق الاوسط.

مهما يكن من أمر فان مريدور يعتقد بأن طريق كاديما للانضمام الى الحكومة شق منذ حزيران 2009، في خطاب بار ايلان لنتنياهو، حين أعلن بأنه يؤيد فكرة الدولتين للشعبين. "منذ البداية اعتقدت انه كان من الصحيح لكاديما ان يدخل الحكومة. نحن نحتاج بعضنا بعضا لمحاولة تحريك هذه العربة، وكذا لاحداث قرارات صعبة سنضطر اليها حقا وكذا كي نقف في وجه الضغط من الخارج. صحيح، سياسيا هذا ليس سهلا اليوم، توجد حكومة مع عدد كبير من الوزراء. ولكن ما العمل في أن شعب اسرائيل لا يريد حزبا واحدا يقوده حين فكك المنظومة الى احزاب متوسطة وصغيرة".

- لو لكانت لفني لا ترغب في الانضمام الى الحكومة، فهل تعتقد بأن محاولات نتنياهو شق كاديما مشروعة؟

+ "لا يمكن شقها. اذا كان الناس يريدون ان يتركوا كاديما، فلا توجد قوة تجبرهم من الخارج. اعتقد انه من الافضل جلب كاديما الى الحكومة اذ لا توجد فجوة كبيرة في المواقف. توجد مسألة سياسية من يكون الوزراء وما هي الترتيبة. ولكن هذه الاعتبارات يجب ان تتراجع امام التحدي الكبير".

- هل حكومة التناوب واردة؟

+ "هذه ليست على جدول الاعمال".

دون صلة بالازمة مع الولايات المتحدة، يوجد لمريدور رأي متبلور وقاطع في الموضوع السياسي. فهو يدعي بأن الكرة عندنا وانه لا يمكن الاعتماد على الفلسطينيين. ويشرح مريدور فيقول "المفاوضات مع الفلسطينيين كانت وانتهت. اولمرت ادارها بشكل جد مكثف مع ابو مازن، على مدى سنة واكثر، ثنائيا وفي مجموعات. اولمرت روى بانه انهى المفاوضات وعرض على ابو مازن عرضا كاملا لا يوجد ما هو ابعد منه – 99 في المائة من الارض وحلول وسط في القدس غير مسبوقة. ولكن ابو مازن لم يرد على العرض. وعليه، ما ينقص ابو مازن ليس المزيد من المفاوضات اذ انه كان هناك ولم يعط جوابا ايجابيا. اذا لم يكن ابو مازن مستعدا للموافقة على هذا العرض اذن ما الذي يريده ان يحصل في نهاية المفاوضات؟"، يسأل مريدور.

مثل سياسيين اسرائيليين كثيرين يعنون بالمفاوضات منذ سنوات عديدة، مريدور ايضا يعتقد بأن للشريك الفلسطيني يوجد نقص في الشجاعة والانتباه. "ليس للفلسطينيين الرغبة والشجاعة لاتخاذ القرار لانهاء النزاع" يقرر قائلا. "السؤال هو ما هي غاية المفاوضات وهل يمكن الوصول الى تسوية دائمة. جوابي هو ان احتمال ذلك منخفض. لا يمكنني القول بأنه لا يوجد على الاطلاق احتمال لاتفاق. اذ ربما القيادة الفلسطينية ستصحو. ولكن في هذه الاثناء فانها لا تصحو". مريدور يقول هنا ما لا يتجرأ رئيس الوزراء على قوله بصوت عال خشية ان يثير ضده شاس ويهودت هتوراة. "نحن وافقنا على ادارة مفاوضات على التسوية الدائمة والحديث في كل المواضيع – الحدود، الامن، القدس واللاجئين. ولكن هذا خطير عندما يكون هناك احتمال عال في ألا نصل معهم الى اتفاق".

ويقصد مريدور الواقع الذي يؤدي فيه خيبة أمل الفلسطينيين جراء فشل المفاوضات مرة اخرى الى اشتعال العنف واستئناف الارهاب. "اذا فشلت المفاوضات، فقد ينفجر كل ما بنيناه في السنة الاخيرة: وضع جيد جدا في الحرب ضد الارهاب. اليوم لا يكاد يكون هناك ارهاب. بسببنا وبسبب التعاون مع الفلسطينيين على حد سواء".

في النهاية سننقطع

اذن ما العمل بحق الجحيم؟ جواب مريدور هي العمل. وعدم الجمود عندما هو موجود. أخذ المبادرة الى اليدين. يجب ان نكون حذرين، كما يقول، محظور علينا ان نصل الى واقع دولة ثنائية القومية.

"اعتقد ان المصلحة الاسرائيلية الهامة اليوم هي عدم ترك الوضع القائم على حاله. من الوهم ان يكون يمكن للوضع ان يبقى كما هو. منذ نحو 43 سنة وهناك وضع ليس طبيعيا – في القدس ينطبق القانون الاسرائيلي، في هضبة الجولان يمكنني ان اتناول الحمص في القرى العربية وان اشعر في بيتي، انا لا اشعر هناك بواقع الاحتلال. ولكن في رام الله، في قلقيلية وفي الخليل الوضع مختلف. في الخليل يوجد يهود يقترعون وعرب لا يقترعون، وهذا ليس وضعا يمكن ابقاءه للاجيال. نحن لا نريد ان نجعل كل البلاد دولة واحدة اذ ان معنى هذا سيكون صعبا جدا على الصهيونية.

"وعليه فلدينا مصلحة حقيقية في تقدم المسيرة السياسية. نحن في هذه اللحظة غير قادرين على الوصول الى تسوية دائمة – رغم اني ابقي هذه الامكانية مفتوحة اذ ربما انا مخطىء وسيكون هناك موافقة فلسطينية. بالتوازي بالمفاوضات السياسية، يجب ادارة مفاوضات هي بالذات ذات أمل: مفاوضات من تحت الى فوق. بناء الدولة الفلسطينية التي وافق نتنياهو عليها في خطابه في بار ايلان، بشروط مجردة من السلاح والتقدم الى الامام".

مريدور تعلم من التجربة. فقد كان واحدا من 12 عضو للوفد في كامب  ديفيد. ورأى عن كثب ياسر عرفات يتراجع عن العرض السخي الذي تقدم له به ايهود باراك. "ما كان يمكن ألا نرى الواقع الاليم: لعل ابو مازن يقول لا او لا يقول نعم لان ايديولوجيته تعود الى مؤسسي م.ت.ف و م.ت.ف لم تقم ابدا من اجل المناطق. مجرد وجود اسرائيل لا يبدو له شرعيا. وربما هو مستعد لان يسير نحو اتفاق مع اسرائيل ولكنه لا يمكنه لان حماس سيطرت على نصف المنطقة – على غزة وعلى نصف الشعب الفلسطيني – وعليه فانه لا يريد ان يتخذ القرار".

في القيادة الفلسطينية يوجد بالذات زعيم واحد القيادة السياسية في اسرائيل تكن له التقدير. هناك من حتى يسمونه "بن غوريون الفلسطينيين". ولكن بالتوازي مع التقدير له، يوجد ايضا تخوف. خطة سلام فياض، الزعيم المدني للفلسطينيين، تراكم العطف في العالم: اقامة دولة فلسطينية في ختام عامين من المفاوضات، سواء تحقق اتفاق ام لا، تصبح النبرة في العالم. وحتى في البيت الابيض هذا الحديث يلقى الدعم. مريدور يعتقد أن من المهم التعاون مع فياض بالذات لمنع وضع تفرض فيه دولة فلسطينية على اسرائيل.

"انا قلق"، يقول. "فياض لا يريد مفاوضات. هو يريد دولة يفرضها قرار العالم. هذا شيء غير جيد. نحن لا نوافق على هذا. خطة فياض هذه تشير الى اخفاق خطير في القيادة الفلسطينية. فهم لا يريدون ان يتخذوا القرارات، يريدون ان يتخذ آخرون القرارات عنهم. لا يريدون مفاوضات على التسوية الدائمة، يريدون ان يحسمها العالم من الخارج.

" يمكن العمل مع فياض لدفع الدولة الفلسطينية الى الامام من خلال الاقتصاد، فرض القانون والنظام، التعاون الامني وبناء المؤسسات الفلسطينية، يقول مريدور. "يوجد تطور اقتصادي في يهودا والسامرة – مستوى الأمن والنظام عاليان هناك، الناس لم يعودوا يخافون، يوجد نمو اقتصادي بنحو 10 في المائة. اذا ما سرنا فقط في طريق التسوية الدائمة ولم نصل الى اتفاق، عندها تفجر الامر يمكن ان يكون خطيرا جدا. وعليه فيجب السير في مسارين – من فوق الى تحت ومن تحت الى فوق – نهاية المسيرة وعبر المراحل. اذا سرنا في هذين المسارين فهناك احتمال بالتقدم".

- ومع ذلك، ماذا ستفعل اسرائيل في وضع يحسم فيه مجلس الامن اقامة دولة فلسطينية في حدود الـ 67؟

+ "هذا لن ينجح. لنفترض ان تصريحا سياسيا سيحسم بأن رموت اشكول هي أرض فلسطينية فهل هذا ما سيكون؟ هل القانون الفلسطيني سينطبق على معاليه ادوميم؟ القرار ليس كافيا. لا توجد امكانية لان تحسم الحدود من الخارج. هذا ليس واقعيا. يجب الاتفاق عليها. اذا اردنا الوصول الى حدود كهذه او غيرها او حل مشكلة اللاجئين، القدس والأمن، فهناك حاجة الى تسويات".

- ولكن في هذه الاثناء، في ظل عدم وجود اتفاق، فياض يحظى بأذن صاغية في اوساط زعماء دول العالم؟

+ "نحن نوجد في معركة دولية جدية، وكلما كنا أكثر فأكثر داخل المفاوضات سيكون هناك ميل أقل لايجاد بدائل لها. يجب الايضاح للفلسطينيين بأن هذا الطريق الذي لا يديرون فيه مفاوضات، ليس طريقا ممكنا. ليس لديهم بديل أخر".

- ومع ذلك اذا كان هناك قرار، فهل سنتجاهله؟ ألا تخشى بأن نصبح دولة ابرتهايد؟

+ "لا سمح الله ابرتهايد. انا ليست مستعدا لان اكون هناك. بالعكس، اقترح ان ننقطع في نهاية هذه المسيرة عن الفلسطينيين".

مناطق ام ديمقراطية

آذان الكثيرين في اليمين مسدودة أمام سماع التحذيرات من الخطر في أن تصبح اسرائيل دولة ابرتهايد. مريدور يذكر خطة الحكم الذاتي لمناحيم بيغن في 1977. وهذا هو سبيله، لان يجسد، ربما، لكل اعضاء الليكود "الايديولوجين" بأن الرؤيا السياسية الواعية والبراغماتية بالذات، يعود مصدرها الى الزعيم غير المتنازع عليه لحركتهم. وبالتالي، في الليكود ايضا مسموح للمرء ان يكون محبا لحقوق الانسان والمواطن.

"تعبير دولة ابرتهايد قاله مناحيم بيغن في كانون الاول 1977. فقد قال نحن لسنا روديسيا. هذه هي الخطة الكبرى والاكثر تفصيلا التي عرضتها اسرائيل، حتى قبل أوسلو، لحل مشكلة الفلسطينيين. بيغن عرضها في الكنيست. وقد عرض هناك حكما ذاتيا وسأل ماذا سيكون مع جنسية الاشخاص الذين في يهودا والسامرة وهو يقول نحن لن نفرض السيادة ولا هم ايضا. سنعرض على كل واحد منهم امكانية ان يكون مواطنا اسرائيليا وان يصوت في الكنيست. نحن ضد العنصرية، نحن نعرض الجنسية على أساس متبادل".

ولكن هذا الحل، الذي كان ثوريا في حينه لم يعد واقعيا حسب مريدور. "لا يمكن للصهيونية ان تتعايش مع جنسية لكل هؤلاء العرب. كلنا في الليكود ينبغي لنا ان نقرر اذا كنا نريد ان نتخلى عن الديمقراطية وان نحافظ على الارض ام نتخلى عن جزء من الارض ونحافظ على الديمقراطية.

لسنوات عديدة أردت ان تكون النهاية في ان كل أرض اسرائيل من النهر وحتى البحر تحت السيادة الاسرائيلية مع حقوق متساوية كاملة لكل مواطنيها – اليهود والعرب. ولكن الاعداد لا تسمح بذلك. وهكذا ايضا الكراهية والخوف في الجانبين. نحن ملزمون بأن نفكك الامر الحالي. هذا وجع قلب عسير، ولكني اقوله بصوت عال. بعض من رجال الليكود لا يستطيبون ذلك، ولكني لا اخفي مواقفي: في بلاد اسرائيل يوجد اليوم ملايين العرب الذين لا يريدون ان يكونوا جزءا منا، ونحن لا نريدهم ان يكونوا جزءا منا. لا يمكن، غير صحيح، غير نزيه، وغير صهيوني ان يبقى هؤلاء الاشخاص على مدى الزمن، حتى لو لم يكن هناك ارهاب ولم تكن حرب، الا يقرروا القوانين التي تفرض عليهم، والجيش الذي يسيطر عليهم. وعليه فينبغي الوصول الى اتفاق يضمن امن اسرائيل. هذا حسم تاريخي يجب الوصول اليه. هدفنا اليوم هو خلق حدود حتى لو لم يكن هناك سلام وحتى لو لم يكن السلام كاملا".

مؤخرا صعدت القدس مرة اخرى الى رأس اهتمامنا. وهي تقف في بؤرة الازمة مع الولايات المتحدة. نتنياهو سبق ان انتصر مرة واحدة في الانتخابات عندما جند القدس الى الحملة. "بيرس سيقسم القدس"، اخاف نتنياهو الجمهور في 1996. اليوم ايضا نتنياهو يحاول ان يبلور اجماعا جماهيريا حوله من خلال التهديد الذي في تقسيم القدس. هذه المرة ليس في الحملة امام بيرس بل ضد الرئيس اوباما.

 أين انت في هذا الجدال، سئل مريدور. جوابه متملص. لا يقول ان القدس ستقسم، ولكنه ايضا لا يقول انها لن تقسم. "هذا الموضوع صعب جدا. حتى اقتراحات ايهود باراك في كامب ديفيد رفضت. باراك حطم المحظور في كامب ديفيد. وافق ان يقترح كلينتون تقسيم القدس وهذا لم يكفِ عرفات. القدس لم تكن في أي مرة من المرات عاصمة لاي دولة عربية. كانت هذه عاصمة الشعب اليهودي عمليا وعاصمة الاحلام والاماني للشعب ا ليهودي. أنا اعترف بانه من اجل الوصول  الى حل متفق عليه هنا، هذا صعب جدا. ولكنني لا اراه بسهولة. عندها فاني اقول: "في هذه الاثناء، هيا نتقدم. المقصود هو بناء دولة فلسطينية من تحت الى فوق وترسيم حدود".

- إذن في واقع الامر انت تقول ان هناك ما يمكن الحديث فيه في موضوع تقسيم القدس؟

+ "نحن مستعدون للحديث في كل شيء. لا نقرر شروطا مسبقة. اعتقد أنه اذا قلنا مسبقا "لست مستعدا" فهذا خطأ. في القدس يوجد ثلثين يهود وثلث عرب. أنا اعيش فيها منذ اكثر من اربعين سنة".

- لماذا تواصل السكن في القدس؟ فهي تتأصل، تبعث على اليأس، فقيرة وقاتمة.

+ "اذا تركتها فسيكون هناك اصوليون اقل وستكون اقل فقرا؟ أنا مرتبط بالقدس، انا احبها، انا اعيش فيها، وانا اريد ان احافظ عليها كي تصبح مدينة مهمشة لا يتماثل الشعب معها. اريدها ان تكون صهيونية ولكن ان يحظى فيها غير الصهاينة وغير اليهود بالمساواة في الحقوق".

بيبي الجديد

عودة مريدور الى السياسة الاسرائيلية في الانتخابات الاخيرة لم تكن مفاجأة تامة. فقد ترك الليكود في العام 1997، بالغضب والاحباط من بنيامين نتنياهو الذي كان في حينه رئيس الوزراء. وعندما تكون هناك مشاعر بهذه القوة، فهذا يعني ان هناك شيئا ما بقي دون حل. وبالفعل فقد عاد. اما اليوم فهو يبدو متصالحا اكثر ويبدو حضوره في الساحة السياسية حيويا اكثر من أي وقت مضى.

- هل تصدق ان نتنياهو تغير وانه قادر على القيام بالخطوة التاريخية – اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل؟

+ "اعتقد أن نعم. انا اعمل معه بانسجام في الكثير من المواضيع. كرئيس وزراء هو من اولئك الذين غيروا تصريحاتهم. أنا لا اعرف الكثير من الاشخاص القادرين على تغيير ارائهم. وافترض بان رئيس  الوزراء درس الواقع السياسي والامني واتخذ عدة خطوات مثل خطاب بار ايلان الذي هو ليس سهلا في الجانب الايديولوجي العميق وكبح جماح البناء في المستوطنات. التغييرات الكبرى تتم بداية في عالم المثل. العالم العملي يأتي بعد ذلك".

- إذن لماذا لا يصدقه الامريكيون، الاوروبيون، الفلسطينيون وحتى سياسيون في البلاد؟

+ " حتى عندما صدقوا آخرين لم يخرج من هذا اتفاق".

- لعل الامريكيين لا يصدقونه لانه يوجد ليبرمان وايلي يشاي في الحكومة؟

+ "عندما جاء مناحيم بيغن اعتقد انه ستنشب حرب وفي النهاية اتخذ خطوة دراماتيكية جدا اتفاق سلام مع مصر واقترح مشروع الحكم الذاتي. غير موقف العالم منه. وحتى عندما جاء السيد شارون اعتقدوا انه سيجلب الكوارث على اسرائيل وهو ايضا غير رأيه وفاجأ العالم".

وحسب مريدور فان احد اسباب عودته الى الحياة السياسية هي حرب لبنان الثانية. "من يوم اندلاعها في 12 تموز، قلت للناس الذين يمكنهم ان يعقدوا اتصالا مع اولمرت، اوقفوه. هذا لن ينتهي بخير. لا يمكن الانتصار في هذه الحرب". الاشخاص الذين توجه اليهم كانوا في معظمهم صحفيين: دان مرغليت، ناحوم برنياع وعوزي بنزيمان. ولكن حتى في اذني ايهود باراك، الذي كان في حينه مدنيا، صرخ.

"الوزراء في الحكومة صوتوا الى جانب القرار الاصعب – حرب يقتل فيها أناس ومساكين كثيرون جدا – دون ان يسألوا الى اين هذا يسير. شعرت انه كان ينبغي لي ان اكون هناك".

يجب الوصول الى الاسد

في الحملة الانتخابية الاخيرة صعد نتنياهو الى الجولان واعلن هناك على الملأ بان اسرائيل لن تنسحب من الجولان. في الغالب مثل هذه التصريحات جيدة للحملات الانتخابية فقط. في الولاية الاولى له حاول نتنياهو على الاقل احداث اختراق مع سوريا. ولكن هذه المرة رتب لنفسه حكومة حتى لو صرخت اسرة الاستخبارات والولايات المتحدة في اذنيه بان الاسد هو السادات الجديد، فلن يكون بوسعه ان يتحرك ولو ملمتر واحد. في حكومة يوجد فيها بوغي يعلون، افيغدور ليبرمان وايلي يشاي، فان الموضوع السوري يهمل. بالمقابل، وزير الدفاع ايهود باراك ومريدور يعتقدان بان هذا خطأ استراتيجي.

"يجب الحديث مع السوريين دون شروط مسبقة"، يقول مريدور. "لست واثقا ان يخرج من هذا اتفاق. ولكن يجب أن نكون مستعدين لان نأخذ مخاطر غير صغيرة. الحكومة لم تقرر عمل ذلك، وهذه ساحة محظور هجرها. اعتقد أنه في اللحظة التي يريد فيها الاسد الحديث معنا، وهكذا هو الحال منذ سنين فيجب بحث هذا الامر بجدية.

"التهديدات والتحديات في العالم وفي الشرق الاوسط تتغير، ومعها القدرات الامنية. النزعة القومية تضعف في اماكن معينة والدينية تتصاعد. حماس وحزب الله هما منظمتان ارهابيتان اصوليتان. اما سوريا بالمقابل فهي لا تزال دولة. الاسد يريد الدولة السورية. وعليه، فبرأيي، اذا كان ممكنا جلب سوريا وفي اعقابها لبنان للسلام مع اسرائيل، في اعقاب الاردن ومصر، فهذا تغيير كبير في الشرق الاوسط. هذا تغيير تاريخي.

" ايران تلوح كتهديد صاعد ليس فقط في الجانب النووي. وهي تحاول خلق هيمنة اقليمية النووي هو تعبير لها. وهم يحاولون الارتباط بالسوريين وان يوسعوا عبرهم الدائرة الى لبنان – مثل استخدام حزب الله لاهداف ثورية هناك. اذا كان ممكنا قطع سوريا عن ايران فسيكون هذا انجازا استراتيجيا ذا مغزى لاسرائيل. اذا كان ممكنا ضرب حزب الله بشدة من خلال قطعه عن سوريا، سيكون هذا انجازا كبيرا لاسرائيل. هذه امور اريدها".

- هل أنت مستعد لان تدفع الثمن – انسحاب من الجولان؟

+ "الثمن الذي يطالب به عال وغال جدا. اسرائيل موجودة منذ 62 سنة منها 43 سنة ونحن مع الجولان. ان نشرح فجأة اليوم بان في عين جيف تنتهي الدولة هو امر غير قابل للادراك. وعليه، فان مطلبه الاقليمي صعب جدا. متى يمكن ربما تخفيف حدته وايجاد حلول له؟ عندما تكون سوريا في حالة ضغط وليس عندما تكون على ظهر الجواد. في السنوات الاخيرة كانت في حالة ضغط – مثلما في عهد محكمة الحريري والعزلة عن العالم العربي. اما اليوم فقد ارتبطوا بدولة غير عربية تهدد العالم العربي.

مشكلة ايران

مريدور يدعي بان الصراع ضد ايران هو قبل كل شيء صراع الولايات المتحدة. معركة رأس برأس. الرئيس اوباما حيال محمود احمدي نجاد. زعيم دول العالم الحر حيال زعيم الاسلام الاصولي.

"الصراع الاهم في هذه اللحظة هو بين الولايات المتحدة وايران. نهايته يمكن أن تؤثر جدا ليس فقط على ميزان القوى الشرق اوسطي بل وعلى مكان الولايات المتحدة في العالم. هذا اختبار كبير ينبغي للولايات المتحدة ان تنجح فيه.

"اذا في نهاية هذا الصراع كانت ايران نووية، فسيحصل على الاقل ثلاثة امور: 1. نهاية عصر اتفاق منع انتشار السلاح النووي. مصر، السعودية ودول اخرى تقول انه اذا كانت ايران ستصبح نووية فهي كذلك ايضا. هذا تغيير في قواعد اللعب في العالم، وستقام هنا كالفط إثر المطر دول نووية وسيصبح هذا عالما آخر من ناحية القوى العظمى وقدرة الرقابة والتحكم بالنزاعات المحلية. 2. دول النفط، دول الخليج العربية، تنظر بقلق شديد الى ايران المتحولة نوويا وتصبح مهيمنة. اذا رأت ان امريكا لا تنجح في وقفها، فان بعضها سيسير مع ايران. 3. انتصار ايراني هو خطر كبير على استقرار العالم الاسلامي بأسره. حركات الاقلية الكبيرة للثورة والراديكالية في محاولة لتحويل الانظمة العربية الى أكثر تزمتا من الناحية الدينية – من طالبان وحتى الجزائر – ترى ايران كرائدة. تصوري كم وقحا سيكون حزب الله اذا ما انتصرت ايران على امريكا. كيف ستحتفل حماس التي هي جزء من المعسكر المنتصر، وكم مسكينة ستكون م.ت.ف".

- إذن ما الذي ينبغي عمله كي لا يحصل هذا؟

+ "لصد هذه الخطوات توجد اهمية كبيرة لان تقود امريكا في الاشهر القادمة خطوة حازمة ضد البرنامج الايراني. خطوة تتضمن عقوبات وخطوات سياسية. يوجد عالم كبير يريد الانضمام الى الصراع، وتوجد طاقة كامنة لخلق جبهة واسعة جدا. ايران ليست كوريا الشمالية – هي امة عزيزة من التجار: تحتاج الى العالم، تدير معه حوارا ولهذا يجب نصب حائط حديدي واضح يقول: "لا تصلوا الى النووي". الجميع ينتظر القيادة الامريكية".

- هل أنت خائب الامل من اوباما في هذا السياق؟

+ "اوباما جرب نهج معاكس لبوش. ومثلما قال الرئيس روزفيلت ذات مرة ؟؟؟ اعتقد أن ايران ليست قوية جدا وامريكا ليست ضعيفة. نحن نريد لامريكا في القرن الـ 21 ان تكون الدولة الرائدة في العالم لاننا جزءا من هذا المعسكر وهي تتناسب مع قيمنا ومصالحنا. هذا الاختبار سيؤثر على قدرة الغرب في ريادة هذه القيم. وكل يوم يمر يقرب الايرانيين من القنبلة".

- وماذا ستعمل اسرائيل اذا لم ينجح الامريكيون في وقف الايرانيين؟

+ "اقترح الا ندخل في هذا. اعتقد ان الايرانيين سيجرون في النهاية حسابا عقلانيا، اذا ما نصب في وجههم حائط حديدي، سيكون ممكنا الوصول الى اتفاق لا تكون فيه ايران نووية".

- أمريكا بعثت هنا بمسؤوليها كي تتأكد من أننا لن نضغط على الزناد حيال ايران. هل توجد امكانية كهذه؟

+ "اعتقد أن الامر السليم الذي يجب عمله هو التركيز على الساحة السياسية التي لا نقودها نحن بل نساعدها. حكمة الدولة، حتى لو كانت صغيرة، هي الا تعتمد على قوتها وحدها، بل أن تجند العالم".