خبر التنازل عن حق العودة دون مقابل!! .. ياسر الزعاترة

الساعة 04:46 م|04 ابريل 2010

بقلم: ياسر الزعاترة

رغم أننا لم نعتقد للحظة واحدة أن حق العودة كان عائقا في وجه إنجاز التسوية الموعودة بين القيادة الفلسطينية وبين دولة الاحتلال، لا في قمة كامب ديفيد تموز 2000، ولا في سائر المحطات التالية، وآخرها محادثات أولمرت وليفني مع عباس، إلا أن تصريحات رئيس وزراء السلطة سلام فياض لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الجمعة تبدو بالغة الإثارة من زاوية أنها تقدم التنازل عن ذلك الحق من دون مقابل، و"قبل الهنا بسنة" كما يقال.

في الحوار المذكور كان موقف سلام فياض واضحا في تنازله عن حق العودة للاجئين، حيث قال للصحيفة "نحن نعد البنية التحتية لاستيعابهم، فلديهم الحق في العيش داخل الدولة الفلسطينية"، والدولة الفلسطينية التي يتحدث عنها هي ذات المشروع الذي سبق أن طرحه قبل شهور، وقال إنها ستعلن في شهر آب من العام المقبل، حيث تمنى على الإسرائيليين الذين هنأهم بعيد الفصح أن يشاركوا الفلسطينيين احتفالهم بإقامتها.

في تصريحاته المشار إليها، رحب "بن غوريون فلسطين" بحسب وصف الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس ببيان الرباعية الذي صدر من موسكو ورحب بخطته لإعلان الدولة، في ذات الوقت الذي أدان فيه قرار بناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة قرب القدس.

لكن ما تجاهله الرجل هو أن بيان الرباعية الذي جعل خطته مشروعا دوليا، بحسب قوله، قد انطوى على مصائب تجعله عبئا على الفلسطينيين، ليس فقط برفضه المقاومة بكل أشكالها، ولكن أيضا بموقفه من القدس التي رهن مصيرها بالمفاوضات الثنائية في حين يعلم الجميع أنها جزء من الأراضي المحتلة عام ,67 وتأكد ذلك عندما اعتبرها غاية في الأهمية "بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين، وبالنسبة لليهود والمسلمين والمسيحيين"، أي أن حقوق هؤلاء فيها متساوية أو شبه متساوية في أقل تقدير.

أما الدولة العتيدة التي تحدث عنها فياض، ودعمها البيان، فوصفت بأنها "قابلة للحياة"، ما يشير من دون مواربة إلى بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية في مكانها (ضمن ما يسمى تبادل الأراضي). والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أية دولة ستقوم في ظل بقاء تلك الكتل الاستيطانية في مكانها، وفي ظل بقاء الغور تحت السيادة الإسرائيلية بحسب تأكيدات نتنياهو، وهل مثل هذه الدولة "دولة الكانتونات" ستكون جاذبة للاجئين، أم ستكون طاردة لأعداد كبيرة من الموجودين فيها، مع العلم أن نسبة اللاجئين في الضفة والقطاع تزيد على 42 في المئة، بينما تصل نسبتهم في الضفة إلى حوالي ربع السكان.

هكذا قدم السيد سلام فياض حق العودة هدية مجانية لسلطات الاحتلال، وذلك بعد أيام من حديث وزير خارجية الدولة العبرية عن ضرورة إجراء تبادل للأراضي والسكان يضم مواطني المثلث العرب إلى الدول الفلسطينية العتيدة ويكرس يهودية الدولة العبرية (تسيبي ليفني زعيمة كاديما تبنت ذات الطرح قبل عامين)، فيما يعلم الجميع شروط نتنياهو للدولة وعلى رأسها بقاء القدس تحت السيادة الإسرائيلية وكذلك غور الأردن.

والحق أن دولة فياض التي يبشرنا بها صباح مساء هي ذاتها الدولة المؤقتة على حدود ما قبل انتفاضة الأقصى نهاية أيلول من العام 2000، وقد سمعنا عن زيارة وزير الداخلية في حكومته للولايات المتحدة من أجل تنسيق نقل الصلاحيات الأمنية للسلطة في عدد من المدن الجديدة.

وعندما ستتطور اللعبة ستكون الدولة العتيدة ضمن الحدود التي يرسمها الجدار الأمني، سواء قيل إنها الحدود النهائية أم قيل إن قضايا الوضع النهائي ستؤجل بسبب حساسيتها. والسؤال الذي يطرح نفسه ابتداءً هو: من الذي خوَّل هذا الرجل التنازل عن حقي وحق أمثالي في العودة إلى أرضنا وديارنا التي شردنا منها (دعك من التفاصيل الأخرى)؟، أما الأهم فيتمثل في إيماننا الذي لا يتزعزع بأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بمثل هذه الصفقة البائسة التي تبيع الحرية والأرض بفتات المانحين، وأنه سينتفض في وجهها كما انتفض من قبل في وجه أوسلو والاحتلال في آن؟.