خبر « عميد أسرى العالم » غير معروف لدى شعبه وشاليط ابن الثلاث سنوات يعرفه العالم

الساعة 06:59 ص|04 ابريل 2010

"عميد أسرى العالم" غير معروف لدى شعبه وشاليط ابن الثلاث سنوات يعرفه العالم

فلسطين اليوم- غزة  

- بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي "عميد أسرى العالم" أمضى 32 سنة في سجون الاحتلال الإسرائيلي وغير معروف لدى شعبه ، فيما " شاليط " ابن الثلاث سنوات يعرفه العالم أجمع.

 

" شاليط " ابن الثلاث سنوات، الذي أسر حينما كان ضمن قوات عسكرية مُحتلة جاءت لقطاع غزة على ظهر آليات عسكرية لقتل أبرياء فلسطينيين عُزَّل، وبعد مضي ثلاث سنوات ونيف على إقامته في ضيافة المقاومة بغزة، أصبح أشهر أسير في العالم ( لا ) بل من أشهر الشخصيات العالمية، واسمه حُفر في وثائق دولية، وصورته دخلت محافل عالمية وقصور زعماء ورؤساء .

 

فيما " عميد الأسرى وأقدمهم " ومن حفر اسمه في موسوعة " غينتس " للأرقام العالمية ، الأسير الفلسطيني " نائل البرغوثي" الذي اعتقل في الرابع من نيسان / ابريل عام 1978،  وهو يقاوم الاحتلال في إطار مقاومة مشروعة تكفلها كل المواثيق الدولية، وبعد أن أكمل اليوم عامه الثاني والثلاثين في مقابر إسرائيلية سُميت بالسجون في ظروف هي الأقسى في العالم، يجهل العالم اسمه ويغض النظر عن معاناته، ويصمت حينما تُستحضر سيرته ويرفض قادته وممثلي مؤسساته لقاء ممثلين عنه ، ويهربون من لقاء أطفال رفاقه الأسرى.

 

والمؤلم أكثر هو أن "نائل البرغوثي" اسم يجهله الكثيرين من أبناء شعبه، ولم يعرف عن حياته سوى القلائل وربما لم يسمع عنه الآلاف من الفلسطينيين .

 

وإذا كان هذا هو حال عميد الأسرى، فكيف هو حال من يليه من حيث الأقدمية فخري وأكرم وفؤاد ، إبراهيم وحسن وعثمان ، سامي وكريم وماهر ، سليم وحافظ وعيسى وأحمد ..

 

ذاكرة البعض خالية من أسمائهم ، ومكاتب فلسطين بتعدد أسمائها وأماكن وجودها لا تحتوي على قائمة بأسمائهم ومعلومات أساسية عنهم وبعض صور معاناتهم، ولا حتى فقط عن "عمداء الأسرى " الذين هم أقل عدداً، أو عن "جنرالات الصبر" الذين أمضوا أكثر من ربع قرن و لم يتجاوزوا الأربعة عشر أسيراً .

 

فيما لم ألحظ ولم أسمع بأن هناك قاعة ، ميدان ، نادي ، فندق ، مسجد ، جامعة ، مدرسة ، مؤسسة ، ساحة ، أو... قد وضعت أسمائهم على " لوحة شرف " ثُبتت بشكل دائم أمام الطلبة والمارة والرواد كجزء من الوفاء لهم وتقديراً لمكانتهم وتضحياتهم وللتعريف بهم..

 

عميد الأسرى " نائل البرغوثي " ورفاقه " الأسرى القدامى " عموماً هم مفخرة لنا بصمودهم وشموخهم ، بثباتهم وتمسكهم بالأهداف التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها وأمضوا زهرات شبابهم خلف القضبان لأجل تحقيقها وتجسيدها على أرض الواقع .

 

لكن استحضارهم اليوم ، يُشعرنا بالمرارة والخجل لاستمرار بقائهم في الأسر ، واستمرار معاناتهم ومعاناة ذويهم لعقود طويلة مضت ، مما يكشف عن عجزنا كشعب فلسطيني بكافة أطيافه السياسية وألوانه الحزبية ، وشرائحه وفئاته الاجتماعية .

 

و يدعونا إلى المناشدة بضرورة البحث جدياً عن كيفية إعادة الاعتبار لقضية الأسرى عموماً والقدامى منهم خصوصاً على المستوى المحلي أولاً ، وفي الإطار ذاته البحث عن آليات لتطوير فكرنا وآليات تعاملنا مع قضية الأسرى القدامى وملفاتهم الشائكة ، والارتقاء بمستوى عملنا وفعلنا وأدائنا في تناول وعرض معاناتهم وأوضاعهم وأخبارهم .

 

ويدعونا كذلك أن نفكر جدياً في توثيق معاناتهم ومعاناة ذويهم بالصوت والصورة والكلمة وتقديمها للقارئ بشكل متكامل ومؤثر، بعيداً عن الأخبار المجردة ، العابرة ، وإذا لم نستطع توظيفها وتسويقها بشكل جيد  فإننا سنبقى نراوح مكاننا ، وستبقى قضيتهم محصورة في اطارها الضيق المحدود .

 

فالأسرى القدامى ليسوا مجرد أرقام فحسب ، وسنوات السجن بأيامها ولياليها هي أكبر من مجرد تعدادها ، فهي تحمل في طياتها آلاف القصص والحكايات .

 

وأجزم ومن خلال متابعتي لقضية الأسرى بأننا لم نمنح قضية الأسرى القدامى حقهم من الاهتمام الكافي والحضور الدائم على المستوى المحلي لا سيما  في الإعلام و التوثيق والتعريف بهم وبتضحياتهم وصور معاناتهم .

 

والسؤال .. كيف يمكن لنا أن ننجح في توظيفها على المستويات الأخرى وكسب التعاطف الدولي مع قضيتهم ،  ونحن لا نزال غير قادرين على توثيقها وتقديمها بالشكل المناسب محلياً ...  ؟

 

هذه هي مهمة المؤسسات التي تعنى بالأسرى وبمشاركة المؤسسات الأخرى ووسائل الإعلام ، وأعتقد أن الإمكانيات متوفرة ، وهي مهمة ليست صعبة أو مستحيلة ، فقط تحتاج إلى  قرار يرافقه خطة ممنهجة وإستراتيجية واضحة ومحددة ،.

 

وليكن اليوم الأحد والذي يصادف دخول "عميد أسرى العالم " عامه الثالث والثلاثين بداية لمرحلة جديدة في التعامل مع قضايا الأسرى القدامى ، تكفل إعادة الاعتبار لها محلياً وتفعيل حضورها تدريجياً ومن ثم الانتقال بها إلى المستويات الأخرى .