خبر الـتـوبـة يـا شـعبنا الـفـلـسطيني .. محمد سالم الأغا

الساعة 06:53 ص|03 ابريل 2010

الـتـوبـة يـا شـعبنا الـفـلـسطيني .. محمد سالم الأغا

 

بقلم : محمد سالم الأغا *

الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, وصلاة الله وسلامه ورحماته وبركاته على صفوة عباده وخيرته من خلقه, محمد عبده ورسوله, وعلى أهل بيته الطاهرين, وصحابته أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

" اللهم أشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي "  :

 

في خضم, الانقسام البغيض الذي يفصل جناحي الوطن, والأحداث القاسية التي تمس حياتنا اليومية, يكاد المرء يتفجر مما يصيب شعبنا الفلسطيني, بكل شرائحه وتنظيماته وبكل ألوان راياته, ولا نجد من بين النشامي, من يتحرك ليضيء لنا شمعة, أو يمنحنا بصيص أمل بالفرج القريب, حتى إعلامنا المقروء والمسموع والمرئي ـ ولا أنسي منابر المساجد ـ الذي جعل من شعبنا الفلسطيني نصفه مؤمن والآخر كافر, وكلا النصفين ينظر للآخر بأنه غير شرعي, كما نتنابذ بالألقاب, و بالبهتان يرمي بعضنا بعضاً بأبشع ما لا يرضي الله ورسوله وأظن أنه لا يختلف معي أحد في أن هذا ما يريده أعدائنا, لتدمير ما بنيناه وما حاربنا من أجله سنوات عديدة, ولتدمير ما بقي منا كشعب مهزوم, يدعي النصر إدعاءاً, ولا  يخلق منا إلا جيل "ممسوخ أجوف" وشعب لا يستحق الحياة فوق أرضه المباركة, شئنا ذلك أم أبينا ...!

 

   لقد تناسي زعماؤنا , وقادة فصائلنا ومن يدورون بفلكهم و بعض الإعلاميين عندنا أن وسائل الاتصال الحديثة والأجهزة الإعلامية المتعددة هي نعمة من الله عز وجل, حققت لنا كشعب فلسطيني الكثير من الانجازات, فاختصرت المسافات, وجعلت من العالم لدينا قرية صغيرة أو حتى غرفة في حارة من حارات مخيماتنا المنتشرة في أصقاع الأرض, وساهمت في نقل صورة الواقع والمشاعر والأحاسيس, وصياغة العقول, وتحديد المواقف السياسية, بل وبناء الإنسان وتربيته, ولكننا للأسف الشديد لم نوظفها لصالح شعبنا وقضيته العادلة.

 

   والعجيب أن كل الإعلاميين لدينا, يتحدثون عن أثر الإعلام على جميع نواحي حياة شعبنا إلا أثره في تعزيز الفرقة والانقسام, ونهشه في لحمنا الحي وإضعاف الجهد الفلسطيني في نيل حقوقه من أعدائه التاريخيين أعداء الإنسانية, وتكريس الفئوية والعنصرية والالتفاف حول الهويات والرايات الجاهلية, التي لا تزيد إلا الفتنة والفرقة وتذكي نارهما .

 

   وللأسف الشديد أيضاً أن أغلب قادة شعبنا و المتحدثين الرسميين باسم تنظيماتنا الفلسطينية, غاب عنهم, أننا لا زلنا تحت نير الاحتلال الإسرائيلي البغيض, وأننا لا زلنا نخوض الحرب معه لنيل حقوقنا المشروعة, والتاريخية ونسي الجميع أن الكلمة كالرصاصة إذا خرجت من الفم لا تعود إليه مطلقاً , وأن رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم قال:

 

" إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يري بها بأساً, يهوي سبعين خريفاً في النار"  حديث صحيح

 

   كما غاب عنهم وغيبوا عنا بإرادتهم المقيتة, أن ربنا واحد, وديننا واحد, ووطننا واحد, وأن دمنا واحد وأن شعبنا أمام العدو الصهيوني الغادر واحد, وأن المغرضين والمتآمرين من كل الملل, لا يبغون إلا تكريس العداوة والشقاق بيننا, وجعلوا منا شعب غائب عن وعيه شعب لا يحارب أعدائه بل شعب يحارب نفسه لتشويه صورة كفاح شعبنا الفلسطيني البطل, وإخفاء الجرائم التي يرتكبونها بحق شعبنا كل يوم بل وكل ساعة ولحظة.

 

 ومع احترامي الشديد للرئيس أبو مازن ورؤساء حكومتي رام الله وغزة,ولكل الكتاب, ومعدي البرامج في الإذاعات المرئية والمسموعة الفلسطينية بكل ألوانها وراياتها, فإن عليهم أن يتقوا الله فينا, وعيب عليهم أن يستخفوا بعقولنا لهذه الدرجة, ونحن تتباهي بأننا الشعب المتعلم أو الأعلى تعليما في الوطن العربي, ويكون إعلامنا المقروء والمسموع والمشاهد على ما هو عليه اليوم, من ردح كل طرف للآخر,فليس لديهم إلا الغسيل "ـــــ" . وعلى سادتنا المذكورين عاليه, ومن يمثلونهم إعلاميا أن يكونوا بقامة شعبهم الفلسطيني ويخلصونا من بذاءة هؤلاء, لان فلسطين وشعبها أكبر من فخامة الرئيس ورؤساء الحكومات بل أكبر من فتح وحماس وكل فصائلنا المقاتلة والمجاهدة .

 

  لقد آن الأوان أن نستخلص العبر, وأن يقف كل واحد فينا وكل إعلامي وكل مسئول عن هذا الـعـار البغيض أمام نفسه, قبل أن يقف بين يد الله, لتقييم واقعنا الفلسطيني بصورة جدية تحقق المصلحة الوطنية, وإعادة الجسور بين أبناء الشعب الواحد لتسود الثقة, والود والاحترام المتبادل بينهم, وإعادة النظر أيضاً في ترشيد التربية والثقافة التي تغذت بها جماهير شعبنا في السنوات القليلة الماضية, والقضاء على ثقافة العنف بين أبناء الشعب الواحد, حتي لا ينفرد كلٌ برأيه وبمسدسه على أخيه, وحتي لا نكون جميعا كمن قال الله فيهم قرآناً بعد بسم الله الرحمن الرحيم:    

 

"قُل ْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا  * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا "                                                    (  الكهف 103ـ 105 )

 

لقد آن الأوان أن نعرف ونعترف جميعاً أن قُرآننا الكريم وسنة نبينا محمد صلي الله عليه وسلم, جاءت إلينا كأمة إسلامية ,كمؤمنين بالله وباليوم الآخر, ومؤمنين بكتبه ورسله, وكشعب فلسطيني واحد, وأننا أخطئنا جميعا بحق أنفسنا كمؤمنين بالله, وكشعب فلسطيني واحد. وليس فينا أحدٌ أحسن من أحد إلا بـ التقوى, وقربه أو بعده عن قضية أبناء شعبه,  وأن علينا  التوبة من الذنوب والآثام والجرائم التي إرتكبناها بحق أنفسنا, وبحق الوطن الذي أفقدتموه وعيه, وحملتموه ما لا يحتمل, و وجب على الجميع العودة عن ما يعرقل مسيرتنا نحو تحقيق أهدافنا والوصول بأمان إليها كبقية الشعوب التي تحترم نفسها, وتحترم تاريخها, وتحترم نضالها ومناضليها .         ً

 

   وأخيراً, أوصيكم ونفسي علي تخير الكلمات الطيبة القوية السوية التي تُعبر عن حكمة وتوازن صاحبها, وتصون لصاحبها هدوءه ووقاره وتحفظ له سكينته, وراحة باله, وسط هذه الفتن وعواصف الحياة الهوجاء, ,وأن  يكون قادراً علي ضبط النفس, وكظم الغيظ, وأن يعفو عمن ظلمه, وأن نكون كمن قال الله فيهم قرآنا بعد, بسم الله الرحمن الرحيم :

 

" الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "-آل عمران.

 

 وعلينا جميعا أن نتجنب القيل والقال, ونتحرى الصدق فيما نقول ونكتب وأن نضع حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أعيننا " إن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة, ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً, وأن الكذب يهدي إلي الفجور, وأن الفجور يهدي إلي النار, ولا يزال الرجل يكذب, حتى يكتب عند الله كذابا " حديث صحيح

 

 وأن تزين نفسك باللطف والمحبة والتآلف والرقة, تشعر بدفء الحياة والسعادة مع من حولك من الأهل والجيران لأنهم أبناء الوطن الفلسطيني فالدين المعاملة ...

 

 

 

* كاتب وصحفي فلسطيني