خبر توقف للسلاح .. معاريف

الساعة 12:27 م|02 ابريل 2010

بقلم: سارة ليفوفتش - دار

هذا الاسبوع ستلتقي لي شاينكمن مع أبيها بعد أن انقطعت بهم الصلات على مدى نصف سنة. بوريس شاينكمن تاجر السلاح الذي عمل مع بعض من الصناعات الاسرائيلية في كازخستان اعتقل قبل نحو نصف سنة وحكم بالسجن لمدة 11 سنة. اجهزة الاستخبارات السرية الكازخستانية ادعت بان شاينكمن، عقيد سابق في الجيش الروسي، تلقى تقاعدا عسكريا خلافا للقانون، ولكن سرعان ما تبين بان الشبهات تخرج جدا عن التقاعد السوفييتي الهزيل. حسب الاشتباه، رشا شاينكمن مسؤولين كبار في كازخستان كي يدفعوا الى الامام بصفقة لبيع بطاريات مدفعية لسلطة سلطام بقيمة نحو 160 مليون دولار. محافل أمنية في كازخستان ادعت ايضا بان في نهاية المطاف تبين أن بطاريات المدفعية كانت مخلولة. واعتقل شاينكمن، حوكم وادين بالخيانة وباعطاء رشوة. وحتى شمعون بيرس، الذي زار كازخستان قبل نحو نصف سنة لم ينجح في اطلاق سراحه وسارعوا من مقر الرئيس الى نشر بيان يقول ان الموضوع لم يطرح على البحث على الاطلاق.

لي شاينكمن واثقة من انه لو كان أبوها واحدا من الجماعة المقربة لكان عاد الى الديار منذ زمن بعيد الى بيته في نتانيا. شاينكمن، ابن 62، مهندس في مهنته، متزوج وأب لثلاثة ولد في اوكرانيا وهاجر الى البلاد في 1994. عندما عين رفيقه من عهد الجيش كجيمورت مايرونوف ضابط مدفعية رئيس وبعد ذلك نائب وزير الدفاع في كازخستان، اصبح شاينكمن احد تجار السلاح الكبار في الدولة. "نحن نعرف أنه سيذهب الى المحكمة كي يشهد، وفجأة تبين لنا انه متهم. شيء ما هنا  لا يتدبر لنا في رأسنا. نحن مذهولون، ليس لدينا أي فكرة عما يدير الامر هناك".

التورط في بريطانيا

ليست هذه هي الفترة الافضل لصناعة السلاح الاسرائيلي. حسب منشورات في الصحف الهندية، اشتبه بشركات اسرائيلية باعطاء رشوة لمسؤولين كبار في الحكومة المحلية للفوز بعقود سمينة؛ ثلاثة تجار سلاح اسرائيليون محبوسون في سجون مختلفة في العالم؛ بعض من مصانع السلاح الاسرائيلية تخسر المال وهذا في الفترة التي تزدهر فيها صناعة الموت في العالم وترتفع وكأنه لا يوجد ركود. صناعة السلاح الاسرائيلية، كما يقول نشيط لحقوق الانسان يختص في مجال السلاح، تعود الى حجومها الطبيعية. "اذا كنا في الماضي في المكان الرابع في العالم، فاننا هبطنا الان الى المكان الثامن. في مجال التجارة القانونية ليس لدينا أمل للمنافسة مع المصدرين الكبار للسلاح. فهم يمثلون محطات كبرى للمعدات الامنية، بينما نحن نحسن فقط مستوى السلاح".

تاجر سلاح اسرائيلي كبير يحذر من استخلاص استنتاجات متسرعة. "سيغرسون لكِ سكينا في الظهر اذا ما كتبتِ ان الصناعة في الدرك الاسفل"، يقول ويضيف: "ستفاجأين مما سيفعلونك لكِ. لدي مصادر جدية وانا اقول لك ان هذا ليس صحيحا. في السنوات الاربع الاخيرة نجح العمل نجاعا كبيرا. دون الدخول في التفاصيل ودون اعطاء معلومات اقول لك انه يوجد الان طلب أكبر مما كان في الماضي. المجال يرتفع او على الاقل يبقى في ذات المستوى".

ليس بالنسبة لغيورا سريغ، تاجر سلاح غير كبير من لندن، نجح في وصم اسم اسرائيل حين حكم في شباط الماضي بالسجن لتسع سنوات على تجارة السلاح دون ترخيص من خلال شركة بريطانية وشركة من بنما. الى جانب شريكه البريطان، هورد فركلتون، باع أنواع من الذخيرة المختلفة من اوكرانيا، الصرب ومونتينغرو الى سريلانكا وبدون مساعدة شريكه توسط في صفقات سلاح بين تركيا واسرائيل، بعضها في اثناء حرب لبنان الثانية واخرى قبل وقت قصير من حملة رصاص مصبوب. بل انه باع دون تراخيص سلاحا لفنيزويلا، بيرو، السنغال، نيجيريا وغابون. "كلاكما عرفتما بالضبط ماذا تفعلان"، وبخهما القاضي البريطاني. "من حققكما ان تقاتلا ولكنكما منعتما امكانية مراعاتكما بسبب الندم".

سريغ، ابن 58، هو ذو جنسية مزدوجة بريطانية واسرائيلية، ووصل الى لندن مع ايتي زوجته، ارملة حرب، وابنتيه، لدراسة الامان البحري وسرعان ما انتقل الى تجارة السلاح. وروت سريغ للصحيفة الاسرائيلية  "علندون" تقول كلنا فوجئنا من النتيجة.

في الطائفة الاسرائيلية في لندن قالوا ان سريغ ما كان ليصدق أنه سيحكم بالسجن الفعلي. اما محاميه فقال "انه لا ريب انهما لو كانا طلبا رخصة لحصلا عليها".

رشوة لوكيل الـ "اف.بي.اي"

حبس عوفر باز في الولايات المتحدة في كانون الثاني الماضي كان محرجا على نحو خاص. وكلاء الـ "اف.بي.اي" اعتقلوا في حملة غير مسبوقة 22 مشبوها في لاس فيغاس عندما زاروا معرض السلاح الشهير "شوط شو". ووصل باز الى هناك مثل الكثير من تجار السلاح الاسرائيليين الذين يتاجرون مع امريكا الجنوبية. والاعتقال الذي تم  خارج المعرض وقع بعد تحقيق سريع يعتبر الاكبر في الولايات المتحدة ضد شخصيات خاصة.

باز هو واحد من 22 مشبوها من الولايات المتحدة، اسرائيل وبريطانيا رفعت بحقهم لوائح اتهام. والمشبوهون عرضوا رشوة على وكلاء الـ "اف.بي.اي" الذين ادعوا بانهم يمثلون وزير دفاع دولة افريقية. وقد وقع المشبوهون في الفخ.

رفاق باز، اصحاب شركة "باز لوجستيكس" من كفار سابا واحد سكان كديما في السامرة يجدون صعوبة في التصديق بان صديقهم وقع في الفخ. في نزهة الى نبال، قبل بضعة اشهر شارك ايضا موشيه غاءون وغادي شيفر الذي يعمل في معدات التخييم. وهو يقول اننا لا نعرف ان باز يعمل في تجارة السلاح.

توجد ارتفاعات وانخفاضات

محرجة لا تقل عن ذلك قضايا الرشوة في الهند. قبل اربع سنوات ثار اشتباه بان سودهير شاودري، تاجر سلاح هندي، تلقى ملايين الدولارات من الصناعات الجوية لرشوة وزير الدفاع الهندي في صفقة لبيع صواريخ بحر – جو من طراز "براك". وادعى وزير الدفاع بان الصفقة نظيفة تماما. قبل نحو سنة اعتقل مدير عام اتحاد الشركات العسكرية في الهند سودفتا غوش، للاشتباه بانه تلقى رشوة من شركات اجنبية بينها الصناعات العسكرية. كما اعتقل فرديب رانا، مستشار الصناعات العسكرية في الهند، للاشتباه بانه دفع عشرات الاف الدولارات الى غوش. اما الصناعة العسكرية فنفت أن تكون لديها أي معلومات عن الاعتقال او انها تعرف رانا .

تراجع الصناعات العسكرية، الشركة التي تنتج السلاح والذخيرة، بما في ذلك القنابل العنقودية، هو تراجع عميق ومتواصل. عجز الشركة الحكومية يصل الى 220 مليون شيكل وقد يتضخم حتى نهاية السنة الى 360 مليون شيكل. حسب خطة الاشفاء التي عرضتها الشركة على سلطة الشركات الحكومية فان 500 من بين الـ 3.400 عامل سيتم اقالتهم، بينهم 70 عامل في مصنع في كريات شمونا تظاهروا قبل بضعة اسابيع بجوار ساحة تل حي، حيث انعقدت جلسة الحكومة.

ويطالب العمال باكتتاب الشركة في البورصة وعدم بيعها لمستثمر خاص، مستندين الى تجربة الماضي. فقبل نحو خمس سنوات بيع مصنع "مغين" من الصناعات العسكرية، والذي ينتج بندقية تبور الى سامي قصاب مقابل 10 مليون شيكل. نشاط شركة "نسكا" التي اشترت مصنع "مغين" ، يصل اليوم الى نحو نصف مليار شيكل. عملية الخصخصة للصناعات العسكرية ستصل الى نحو 3 مليار دولار.

وضع شركة "سلطام" التي تنتمي الى شركة "ميكال" لروني نفتالي وروني غيلات، مشابه. الشركة، التي كانت في الماضي من مصدرات السلاح الكبرى في الدولة، تنتج اجهزة الكترونية، سيارة حربية مدرعة والكترونيات عسكرية. اصحابها أملوا في أن يجعلوها الشركة الامنية الخاصة الثانية في حجمها في الدولة، بعد "البيت" ولكن في السنة الاخيرة خسرت عشرات ملايين الشواكل، معظمها تنسب الى فشل الصفقة في كازخستان. في الاشهر الاخيرة يحاول اصحاب الشركة بيعها.

شركة "البيت"، الشركة الامنية الخاصة الاكبر انهت العام 2009 بربح صافي بمقدار 215 مليون دولار مقابل 204 مليون دولار في 2008. يوسي اكرمان، رئيس الشركة، قال ان السنة الاخيرة كانت طيبة لشركة "البيت" ولكن محللين في السوق المالية أقل حماسة منه. فقد افادت "البيت" عن ابطاء جوهري في وتيرة التبليغ عن العقود الجديدة والذي بدأ يعطي اشاراته في الربع الاخير من العام 2009 وسيتعاظم في اثناء السنة. وتيرة نمو الشركة بطيئة على نحو خاص كما كتب في الصحافة الاقتصادية، وحجم الطلب لا يصل حتى الى السنة والنصف القريبتين. وقال اكرمان ان الشركة مستقرة جيدا استعدادا للسنوات القادمة.

الصناعات الجوية أنهت العام 2009 بربح صافٍ بمقدار 61 مليون دولار في السنة الماضي. مبيعات الشركة في 2009 بلغت 2.9 مليار دولار، مقابل 3.6 مليار في السنة السابقة. الربح الخام بلغ 436 مليون دولار مقابل 509 مليون في السنة السابقة. منشه سغيف، نائب مدير الشؤون المالية في الصناعات الجوية يقول انه "رغم الانخفاض بمعدل 20 في المائة في المبيعات ولكن معظم هذا الانخفاض كان بسبب الانخفاض في السوق المدنية والذي بلغ نحو 50 في المائة. أما في السوق العسكرية فقد حققنا نموا بمعدل اكثر من 1 في المائة".

في شركة "رفائيل" ايضا بلغوا عن ارباح طيبة بمقدار 112 مليون دولار مقابل 46 مليون دولار في السنة الماضي. ايلان بيران، رئيس "رفائيل" تحدث في وسائل الاعلام عن جاذبية الاسلحة الاسرائيلية، ولكن مدير عام الشركة يديديا يعاري، شرح للصحفيين، بان ثلث الربح يأتي من الفائدة ومن الادارة الحكيمة لمحفظة الاستثمارات – وليس من المبيعات. حجم المبيعات ارتفع بشكل معتدل، من 5.5 مليار شيكل في 2008 الى 6.3 مليار شيكل في 2009.

في دائرة البحوث في الكونغرس الامريكي يرفضون التأثر بالارقام العالية. حسب معطيات وزارة الدفاع التي نشرت في نهاية السنة الماضي، اسرائيل هي مصدرة السلاح الثالثة في حجمها في العالم، بعد الولايات المتحدة وروسيا، مع عقود بمبلغ 6.3 مليار دولار في العام 2008 و 6.75 مليار دولار في العام 2009. ولكن المعطيات الامريكية تضع اسرائيل في المكان السابع، مع عقود بمبلغ 500 مليون دولار فقط. واضع البحث، ريتشارد جريمت، شرح لمجلة "ديفنس نيوز" بان المعطيات تركز على المحطات الكبرى فيما ان اسرائيل تنتج منظومات فرعية، تحسينات ودعم فني. مسؤول كبير سابق في الصناعة الامنية لم يتأثر بالمعطيات وهو يقول: "دوما هناك ارتفاعا وانخفاضات. انا لا ارى انخفاضا كبيرا على نحو خاص. الجميع تضرر. الازمة الاقتصادية تأثرت بتأخير ما حتى على المشتريات الامنية المتوسطة".

غير أن معطيات اقتصادية نشرت في العالم تكشف عن واقع آخر. حسب بحث نشر قبل اسبوعين في "SIPRI" معهد البحوث السويدي من أجل السلام الدولي وركز في مجال التصدير الامني، فان النفقات العسكرية في أرجاء العالم، ارتفعت بـ 22 في المائة في السنوات الخمس الاخيرة. ورغم الازمة الاقتصادية، فان دولا عديدة تواصل التزود بالسلاح. مبيعات السلاح الى جنوب امريكا ارتفعت بـ 150 في المائة. فنزويلا اشترت في السنة الماضي من روسيا منظومات دفاع جوية، دبابات، سيارات مجنزرة ومدفعية بمبلغ 2.2 مليار دولار. وفي جنوب شرق آسيا ايضا تحتفل صناعة السلاح. اندونيسيا وماليزيا زادتا مشتريات لسلاح لديهما بشكل كبير وسنغافورة كانت الاولى بين دول المنطقة التي دخلت الى قائمة عشر المستوردات الكبار للسلاح في العالم منذ حرب فيتنام. المكان الاول في قائمة الدول المستوردة للسلاح توجد الصين، مع نصيب من السوق بمعدل 9 في المائة. بعدها تأتي الهند، كوريا الجنوبية، اتحاد الامارات واليونان.

تقرير الكونغرس الامريكي، الذي نشر قبل نحو نصف سنة اشار الى ميل مشابه. الولايات المتحدة حسب التقرير، زادت عقود مبيعاتها من 25 مليار دولار في 2007 الى 37.8 مليار دولار في 2008 وذلك بفضل الزبائن في الشرق الادنى وفي آسيا. مبيعات السلاح الى الدول النامية ارتفعت قليلا، من 41.1 مليار دولار في 2007 الى 42.2 مليار دولار في 2008. بين الصفقات الامنية الكبرى يحصي التقرير بيع منظومات دفاع جوي الى اتحاد الامارات بـ 6.5 مليار دولار، طائرات حربية بـ 2.1 مليار دولار للمغرب وطائرات هجومية بمبلغ مشابه لتايوان. منظمات حقوق الانسان سارعت الى نشر بيان يقول ان الارقام الخيالية تشير الى أن حكومات في الدول النامية تنفق مبالغ طائلة على شراء سلاح فتاك بدلا من شراء وسائل تنقذ الحياة من أجل ابناء شعوبها.

حسب معطيات نشرت في موسكو توجد روسيا في ازدهار مشابه. البحث الامريكي وان كان يدعي بان مبيعات السلاح الروسي هبطت من 11 مليار دولار الى 3.5 مليار في 2008 الا ان معطيات الجهاز الفيدرالي للتعاون العسكري والتكنولوجي في موسكو تكشف النقاب عن ارتفاع بـ 10 في المائة في مبيعات السلاح الروسي في العالم، رغم الازمة الاقتصادية. ويدعي الجهاز بانه في العام 2009 باعت روسيا 7.4 مليار دولار، وهو ارتفاع بمعدل 10 في المائة بالقياس الى 2008. "نحن ننظر الى المستقبل بتفاؤل"، قال للصحفيين أناتولي ايزايكين، مدير شركة التصدير الحكومية. حسب المبيعات العام، حسب الجهاز، وصل الى 8.5 مليار دولار في 2009. روسيا تبيع السلاح للهند، الصين، الجزائر وماليزيا. وكذا فنزويلا وسوريا انضمتا مؤخرا الى قائمة مشتري السلاح من روسيا. الهدف هو الوصول الى ليبيا والسعودية، قال ايزاكين، لوسائل الاعلام الروسية.

بيتر فيزمن من SIPRI ، المسؤول عن الشرق الاوسط، يقول ان اسرائيل تصدر سلاحا ومعدات أمنية تقريبا لكل دولة في العالم. "ليس مؤكدا أن بالفعل طرأ انخفاض في مكانة اسرائيل كمصدرة سلاح. المشكلة هي انه عند الوصول الى اسرائيل، من الصعب معرفة كم هي تصدر. المانيا تصدر غواصات. من الصعب اخفاءها. نحن يمكننا أن نقرر بيقين حجم التصدير الامني الالماني. اسرائيل تلعب دورا كبيرا في تجارة السلاح وان كان في قسم منه كعناصر داخل الاطارات الكبرى. هذا لا يعني انكم لستم مصدرين كبار بل ببساطة يصعب تحديد حجمكم.