خبر أسطورة اوباما .. يديعوت

الساعة 12:22 م|02 ابريل 2010

بقلم: ناحوم برنياع

يوم الاحد سار الرئيس الامريكي براك اوباما في اعقاب ملايين اليهود في العالم ودعا بعضا من مساعديه ومعارفه اليهود الى عشاء ليل الفصح في البيت الابيض. الصيغة الانجليزية للاسطورة التي قرأ منها كانت مغسولة. فآية "صب جام غضبك على الاغيار الذين لا يعرفونك" ، لم تكن فيها، ولكن " عبيد كنا" كانت، وبالطبع "في كل جيل وجيل يجب على الانسان ان يرى نفسه وكأن به خرج من مصر".

النص هو ذات النص، ولكن كل واحد يرى فيه ما يريد أن يرى. التقارير من واشنطن التي وصفت عشاء ليل الفصح لدى اوباما كمناورة مصالحة مغطاة اعلاميا، تمنح تجميلا للخازوق الذي اعد لنتنياهو، فوتت الامر الاساس. فهذا عشاء فصح ثالث يعقده اوباما، وثان في البيت الابيض. الرجل يأخذ الاسطورة على محمل الجد. وهو يستمد منها تماثلا حسيا، اجندة، رسالة تربوية، مذهبا فكريا.

يمكن للمرء ان يستطيب مذهبه الفكري او لا يستطيبه، ولكن محظور أن يجحد وجوده: نحن متعلقون جدا بامريكا. موقف الادارات المختلفة من اسرائيل ومن النزاع تأثر دوما لاعتبارات استراتيجية وسياسية، ولكن لا يقل  عن ذلك تأثر من الغريزة الاساسية للرئيس. آيزنهاور يختلف عن ترومان؛ نكسون كان يختلف عن جونسون؛ بوش الاب كان مختلفا عن كلينتون وعن بوش الاب. واوباما يختلف عنهم جميعا.

الغريزة الاساس لكلينتون قالت له ان النزاع الشرق اوسطي يوجد فيه ضحية – اليهود – ان العالم العربي يسعى الى ابادة هذه الضحية. اليهود في اسرائيل هم ذات اليهود الذين عرفهم واعجب بهم في امريكا، ولكن قيميين اكثر، ديمقراطيين أكثر، شجعان أكثر. بوش الابن اضاف الى هذه المعادلة شحنة عاطفية افنجيلية، وحساب مرير مع العالم العربي والاسلامي فتح في عمليات ايلول 2001.

الغريزة الاساس لاوباما تقسم العالم الى مقموعين وقامعين. وليس صدفة أنه ذكر في خطابه في القاهرة الكارثة ونكبة الفلسطينيين في نفس واحد. هذه الجملة لم تكن في الخطاب الاصلي. اوباما اضافها خلافا لمشورة مساعديه.

وهكذا يقرأ ايضا اسطورة الفصح، كقصة شعب كان خاضعا للعبودية الوحشية الى أن ذات يوم حظي بحريته. ليست العودة الى بلاد كنعان هي التي تشعل خياله، ولا اليد القوية للرب، بل التحرر من العبودية. هذه هي الاجندة، هذه هي الرسالة. وبتعابير النزاع الشرق اوسطي الفلسطينيون هم العبيد، هم المضطَهَدون، والاسرائيليون هم المحتلون، هم المضطِهِدون.

في الاسبوع الماضي اجريت مقابلة مع جنوب افريقيا مع صحفية محلية سوداء. وانتقل الحديث الى العلاقات بين دولتها واسرائيل. قلت اني افترض ان الكثيرين يكنون ضغينة لاسرائيل بسبب علاقاتها مع النظام الابيض. فاجابت: "هذا ليس الموضوع على الاطلاق. في نظرنا الفلسطينيون هم السود وانتم البيض".

ولكن لون جلدتنا كلون جلدتهم، احتجيت.

"اللون ليس القصة"، قالت. يخيل لي انها ليست القصة حتى في اسطورة اوباما.

اضيفت الى ذلك حقيقة ان ادارة بوش خلفت لادارة اوباما حربين فاشلتين واوروبا مناهضة لامريكا، واعتقاد اوباما بانه بواسطة الحوار سيحل المشكلة. يضاف الى ذلك الاخطاء التي ارتكبها نتنياهو في اقامة حكومته وفي سلوكه حيال الرئيس الامريكي، والاخطاء التي ارتكبتها ادارة اوباما. يضاف الى ذلك التعب من اسرائيل في الرأي العام في الغرب بأسره وفي المعسكر الليبرالي في امريكا على نحو خاص.

اوباما ليس كارها لاسرائيل. وهو ليس فرعون رغم أن هناك يهودا جلسوا على طاولة الفصح وشبهوه بملك مصر. في المواضيع التي يشارك فيها اسرائيل يوظف جهدا اقصى. العقوبات ضد ايران مثلا: فهي تقف منذ اشهر على رأس سلم اولويات الادارة. اذا ما اوقفت هذه الخطوات ايران، فان اسرائيل ستكون مدينة لاوباما بالكثير جدا.

ولكنه يعارض الاحتلال اكثر من أي رئيس امريكي تولى الرئاسة منذ 1967. واكثر مما هو يعارض الاحتلال، يعارض المستوطنات.

حكومة اسرائيل الحالية لا تتفق معه وهي غير ملزمة بان تتفق معه. ولكنها ملزمة بان ترى الصورة الشاملة. "لنقل اننا نطلب منكم معروفا"، قال مصدر امريكي. "نحن نحتاج الى هذا المعروف بسبب افغانستان، العراق، ايران. فهل صعب عليكم جدا أن تقدموا لنا لمرة واحدة معروفا؟"

نتنياهو لم يولد امس. وهو يعرف بان الاعلانات التي علقت على كل جدار في دار الحكومة، والتي زعما تحتج على اهانته وتدعو الى تعزيزه، لا تروي الا الى افشاله في اليوم الذي يحاول فيه التوصل الى تفاهم مع الرئيس الامريكي. وزراء الليكود يقفون خلفه، ويدفعونه ويدفعونه الى ان يسقط.