خبر نظرة في فيديو القسام لعملية خانيونس!

الساعة 02:21 م|31 مارس 2010

نظرة في فيديو القسام لعملية خانيونس!

كتب/ محمود أبو عواد

في تمام الساعة الثانية من ظهر الأربعاء 31-3-2010م، طّل المكتب الإعلامي التابع لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بتوزيع خبر عاجل عن نية الكتائب بث فيديو قالت أنه للعملية التي نفذها عناصرها شرق خانيونس الجمعة الماضية.

ومع مرور الوقت وبعد أقل من ساعتين على صدور الخبر، تم بث الفيديو عبر موقع القسام، وهّب عناصر حركتي الجهاد الإسلامي وحماس وغيرهم لتحميل الفيديو لمشاهدة ما جاء به الفيديو من جديد حول العملية التي شهدت سجالاً إعلامياً واسعاً بين أكثر الفصائل الفلسطينية قوةً ميدانية وعتاداً عسكرياً.

وحين شاهد عناصر الحركتين الفيديو، سمعت الكثير من الطرفين يدافع كلٌ منهما عن رواية تنظيمه، وحرصت أن أكون أحد المشاهدين للفيديو بصفتي فلسطيني يهمني أن أشاهد قوة المقاومة وهي تردع العدو وتكيل له الضربات التي تثخن الجراح في صفوف الصهاينة وتشفي صدور الأمهات الثكالي على أبنائها وجراحات الآباء على فقدان فلذات أكبادهم.

لكن ما لاحظته تألم المواطن الغزي للحالة التي وصلت إليها بعض التنظيمات على الساحة بتبني جهد الآخرين، ومن خلال ملاحظاتي للفيديو الذي نشره القسام، تشبثت بقناعتي التي ترسخت بداخلي أن الدم أصدق من كل العبارات والكاميرات والمؤتمرات والتهافات الإعلامي هنا وهناك، واستخلصت التالي:

لقد تعدت مدة الفيديو الأربعة دقائق بثواني عديدة، ومن خلال ملاحظاتي وتدقيقي في الفيديو فإن الفيديو يجسد فقط عملية دخول للقوات الخاصة قرب حدود خانيونس بأمتار لا تتعدي الـ 200 متر فقط، والتمركز في منطقة جرداء تماماً مع وجود بعض الشجيرات في المكان، وقد وصلت بعد وقت قصير جداً دبابة إسرائيلية واسعاف في المنطقة وعاد الاسعاف إلي داخل الأراضي المحتلة، ثم عاد باقي أفراد المجموعة من القوة الخاصة إلي مراكزهم داخل الحدود وتوغلت جيبات في المنطقة ثم انتهي الفيديو إلي هنا.

وفي استعجال لخصت الدقائق الأربعة، لكن إن وصلنا لمرحلة التدقيق فالبداية كانت جنود قرب الحدود يتوغلون باتجاه أراضي المواطنين، ولم يبرز الفيديو إن كان هناك مجموعات من الجنود سابقاً أم لا وذلك يعطيني فرضية بالاعتقاد أن التصوير قد تم بعد العملية وذلك لحسابات سنأتي إليها خطوةً بأخرى، وما يثبت صحة الحديث الأخير أنه في (الثانية 25 من الدقيقة الأولي والثانية 57 من نفس الدقيقة، حين أظهرت الكاميرا وجود جنود قد كانوا في المقدمة ولم يبرزوا مع بداية التصوير، وقد يقول البعض أنه خلال عملية المونتاج تم الاقتصار على مقاطع، وإن كان ذلك صحيح فلماذا تم استهداف الجنود المتأخرين قليلاً ولم يتم استهداف المتقدمين ومن يري عملية تحرك الجنود، يدرك تماماً وكأن الجنود في نزهة، فهم كانوا يتحركون بشكل طبيعي وثابت وكنا نلاحظ الجيبات العسكرية وهي تقوم بعملية تحرك واسعة على قرب الجدار الحدودي، مما يُعطي أنطباعاً واضحاً على أن العملية كانت منتهية وخلال عملية المونتاج تم تقديم هذا المقطع من الفيديو على المقطع التالي).

وفي المقطع الثاني الذي لا يتعدي الخمسة عشر ثانيةً، وعُرض خلاله إطلاق النار باتجاه القوة المتوغلة يتضح التالي (أن إطلاق النار الذي أصاب الجنود المتأخرين وليس المتقدمين الذين دوماً هم من يكونوا عرضة الأهداف إلا في هذا التصوير الغريب!؛ فيبدو أن إطلاق النار من قبل مقاتلي القسام عن بعد لا يقل عن كيلو متر واحد، ولقد لاحظنا انبطاح بعض الجنود، وكان ذلك واضح نوعاً ما خلال الفيديو، ولن أكذب هذه الصورة، ولن أعلق عليها كثيراً رغم أنها لم تتعدي الخمسة عشر ثانيةً في عملية قتل فيها جنديين!، لكنني سأورد هنا حديث الجندي الصهيوني الذي أصيب بجراح خطيرة، وكان الشاهد على العملية حين تحدث للقناة العاشرة يوم الأحد الماضي بالحديث التالي:

"تلقينا قراراً بدخول المنطقة بحثا عن جسم مشبوه بالمكان تم رصده، وتم الطلب من قصاص الأثر أن يفحص الجسم الذي تبين انه عبوة ناسفة، حيث عثر على السلك الذي يؤدي إلى تفجيره وقام قصاص الأثر بقطع السلك، بعد ذلك سارت المجموعة لأمتار إضافية داخل قطاع غزة،  حيث فتحت عليهم النار دون معرفة الاتجاه الذي يطلق منه النار ما دفع أفراد المجموعة إلى الارتماء على الأرض".

وإلي هذا الجزء من حديث الجندي المصاب الذي نجا من الموت على أيدي الشهيد المجاهد "سليمان عرفات" أحد مجاهدي سرايا القدس الجناح العسكري، تكون كتائب القسام في هذا المقطع من الفيديو قد أدت دورها، ليضيف الجندي "الحقيقة المّرة" التي واجهته ولا يستطيع الآخرين من الفلسطينيين استيعابها، فيضيف الجندي في حديثه التالي:

"ولم نستطع الرد على مصادر النيران، ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث جاءت نيران إضافية من مسافة قصيرة لا تتجاوز المتر ونصف والتي أدت إلى إيقاع الإصابات، واذكر أنني صرخت لحظة إصابتي ونظرت إلى نائب قائد المجموعة الذي لم يكن بعيدا عني سوى متر واحد فوجدته ملقى على الأرض وقد فارق الحياة".

الجزء الأخير من حديث الجندي، يؤكد لنا رواية سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، حين قالت عن وجود عبوات مع عناصرها، وأن أحد مقاتليها كان مفقوداً، ثم تبين بعد يومين من العملية وجود جثته في مكان العملية، فإذاً كيف لشخص مقاتل يمكنه الانسحاب من مكان كانت الطائرات الحربية بأنواعها "أف16 وأباتشي" والمدفعية تستهدفه بكل ما أوتيت من قوة، فكان الدم هو الشاهد، ولخص الشهيد سليمان بدمه كل المهاترات التي انتهجتها بعض الفصائل.

ولا بد هنا من الإشارة لشيء مهم، عندما يتحدث جندي حول تعرضهم لإطلاق نار عن بُعد متر ونصف فقط ووقوع الإصابات إثر إطلاق النار، فهنا يوضح من خلال استخدام كلمة "وقوع الإصابات" إصابة الجنود ثم مقتلهم إثر عملية إطلاق النار التي كانت أقرب من غيرها وأدت لاستهدافهم المباشر.

وبعودتنا للفيديو، فقد أوردت الصورة أن عملية دخول دبابة عسكرية وانتشال القتلى والمصابين، وإن كان ذلك يفرض فرضية مهمة، كيف لمقاتل أن يري الجنود يترجلون بسهولة في مكان ما، ويجلس فقط لتصويرهم دون استهداف الآخرين، إن كانوا يتحدثون ببياناتهم وتصريحاتهم عن سهولة القنص والاستهداف، وقد يطل آخر ويقول ربما يكشف المجاهد مكانه من خلال إطلاق النار على الجنود، وهنا نصل لنقطة جديدة!، وهل وجود هذا المجاهد مكانه في ظل قصف الطائرات وقصف المدفعي ووجود العشرات من المواطنين في محيط المنطقة، لا يفتح المجال أمام العملاء الذين أكاد أجزم بوجود عدد كبير منهم في المكان من كشف المنطقة التي يتمركز فيها عناصر القسام ويمسكون بها أسلحتهم وكاميراتهم، والإبلاغ عنهم واستهدافهم!.

أما أن رواية أحد مقاتليهم التي منعته من إطلاق النار على الطائرة رغم قربها وهبوطها عن مكان قريب من المنطقة التي كان يتواجد بها وإمكانية إصابتها، بزعم أنها تنقل الجرحى وأن ذلك لا يجوز في الإسلام، منعته أيضاً من استهداف الجنود الذين استمر وجودهم بالمكان حتى اليوم التالي من العملية، أم أن ذلك يدخل أيضاً في أن الإسلام يحذرنا من استهداف الجنود المصابين وعلاجهم وتفير لهم الحماية!

ألا يعلم هذا الجندي المُتمترس بسلاحه وهو يدافع عن أبناء شعبه، أن العدو لا يفرق بين مدني وبين مقاوم، وبين مصاب وبين عافي، ألا يعلم أن كل طفل في الكيان الصهيوني يتم تعليمه على العشرات من أنواع السلاح لقتل كل فلسطيني وإن كان طفل!، وأن كل مدني إسرائيلي يقوم بدفع شيكل واحد من أمواله في شراء أي شئ، هو يدعم إلي دعم اقتصاد دولته الذي يُولد جيشاً وصفوه بأنه "لا يقهر"!.

وآخر الحديث الذي لا أريد فيه أن أنجر كثيراً خلف التهويل الإعلامي المتواصل، وحالة السجّال بين عناصر الحركتين، والذي أفقد بهجة العملية، لا يسعني هنا إلا الدعاء لمنفذ العملية البطل "سليمان عرفات"، ولكل مجاهد صادق في فلسطين، ودعوتي كفلسطيني، ودعوة كل فلسطيني هي أن يفيق الكبار، وأن يوقفوا مهازل الصغار؛ وليعلموا أن هناك عدواً يتربص بهم، فليعُدوا العدة، "وما النصر إلا من عند الله".