خبر ما هذا « العالم لا يقبل » .. معاريف

الساعة 08:39 ص|31 مارس 2010

بقلم: عوفر شيلح

الاستعراض الذي قدمه ايهود باراك للمراسلين العسكريين عشية العيد وصف كحديث خلفية، وليس لان مضمونه يمكن لان يسقط احد منكم عن كرسيه. في اثنائه، ردا على سؤال، كرر باراك بشكل طبيعي، وكأن به يقول حقيقة مقبولة على الجميع، جملة نكثر من سماعها: فقد قال، العالم ببساطة لم يعد يقبل حقيقة أنه بعد 42 سنة من حرب الايام الستة نبدو نحن كمن نعتزم مواصلة السيطرة على شعب آخر لزمن غير محدود.

نحن، من  الوزير وحتى آخر المواطنين، نعود ونقول هذه الجملة، بعضنا بأمل وبعضنا بغضب، ولكننا لا نتوقف عند مضمونها. فهو يعتبر في نظرنا حجة في الجدال ليس أكثر. ولكن توقفوا للحظة وفكروا فيه، هذه المرة دون ان تبكوا على اللاسامية وتغضبوا على عمى عيون الاغيار عن الرؤية. العالم، ذاك الذي نتاجر معه ونقيم معه علاقات اكاديمية وثقافية ورياضية بل واستخبارات وأمن، ببساطة غير مستعد لان يقبل ما يبدو لنا بانه معطيات اضافية في مسألة ما.

أعرف بان المقارنة مثيرة للحفيظة، أعرب بان اسرائيل لا تقوم على اساس ظلم شديد مثلما كانت جنوب افريقيا البيضاء. ولكني افترض بان هذه بالضبط الجملة التي قالها سياسيون ومواطنون بيض هناك الواحد الى الاخر، في العقود التي سبقت سقوط نظام الابرتهايد. حيث أنه كان هناك أناس لا يقلون فهما، لا يقلون ذكاءا، لا يقلون ايمانا بعدالتهم عنا. بالنسبة لهم، "العالم لا يقبل" لم يكن تحذيرا فارغا، بل واقعا معروفا: العالم لم يعقد مع جنوب افريقيا علاقات في كثير من المسائل على مدى عشرات السنين. وفي النهاية، في خطوة بدت من الخارج محتمة والتوقف عندها زائد ومحمل بالمصيبة، سقط الابرتهايد.

هذا ما ينتظرنا: واقع التنديد ورفع الحاجب عندما نذكر نحن من اين جئنا بتنا نعرفه، ولكننا لم نعرف المقاطعة بعد. لا الوضع الذي يتعين فيه على فنان اسرائيلي أن يتنكر للمكان الذي يعيش فيه كي يتمكن من أن يعرض فنه في العالم، لا الوضع الذي لا تكون فيه المقاطعة الاكاديمية مبادرة محلية لكارهي اسرائيل بل أمرا عاديا، لا الوضع الذي يجد فيه رجل الاعمال الاسرائيلي صعوبة في التجارة مع العالم. لا الوضع الذي كل فعل لحكومة اسرائيل وجيشها، مهما كان منطقيا ومبررا موضعيا، سيعتبر غير شرعي.

عميق في داخلنا لا زلنا نؤمن باننا محقون وجميلون، وبعد قليل شيء ما سيحصل والجميع سيعودون ليرون ذلك، مثلما كانوا ذات مرة. نحن لا نزال نؤمن باننا مهمون: معقل منعزل امامي وغربي في قلب الاسلام المعادي ليس فقط لنا بل وايضا لهم، نموذج مخلص لمصالح لا يمكن للدول الغربية أن تتجاهلها. كل هذا صحيح، ولكن في الواقع الذي ينشأ عن الجملة التي تبدأ بكلمات "العالم لا يقبل" لم يعد الامر ذا صلة. في جنوب افريقيا ايضا تم تمثيل بعض من هذه المعتقدات والمصالح، وفي مرحلة معينة العالم قرر بان هذا لم يعد هاما.

باراك، بالطبع، قال الامور اساس كحجة. هو وحزبه تنازلا منذ زمن بعيد عن الكفاح الحقيقي لتطبيق ما تفترضه. عمليا، حزب العمل وباراك شخصيا مسؤولان ربما اكثر من الجميع عن انهيار ما سمي في اسرائيل "باليسار"، الحركة السياسية التي آمنت بانه يجب عمل شيء ما فاعل لتغيير الوضع من اساسه. عندما يقول هو هذه الجملة، فان باراك يقصد ما يقصده اصولي حين يقول: "عندما يأتي المسيح" – ذات مرة – ليس في زمني، ليس بمسؤوليتي. يحتمل أن يأتي المسيح، من يدري؛ مشكوك اذا كان هذا سيحصل قبل أن نبدأ بان نشعر على جلدتنا، ملاصقا وأليما، ما يقصد العالم به حين يقول انه لا يقبل.