خبر صبي الخيالي .. هآرتس

الساعة 08:37 ص|31 مارس 2010

بقلم: أمير اورن

في مبنى الكنيست، في القدس  الصغيرة والقديمة، انتظر رئيس المخابرات عاموس منور رئيس الوزراء دافيد بن غوريون الذي القى كلمة عن نيته في أن يشكل مرة اخرى حكومة "بدون حيروت وبدون ماكي" (بدون حزب اليمين المتطرف واليسار المتطرف الشيوعي)، بعد سنوات من ذلك روى مانور لصديقه، رجل الاعمال اسحاق غديش، عن حديثه مع بن غوريون، في طريقهما الى مكتبه.

"لماذا بدون حيروت؟" تساءل مانور. "بدون ماكي، أفهم، ولكن بدون حيروت؟ لماذا فهم يهود، صهاينة، وطنيون". بن غوريون، على عادته، لم يرد فورا على السؤال، ولكن عندما وصلا الى رواق ديوان رئيس الوزراء، توقف فجأة، وكأن به وجد الكلمة التي بحث عنها، أمسك بمانور من زر سترته وقال له: "يا عاموس، هم خياليون! اعطهم السلطة وقد يؤدوا الى تصفية الدولة!".

مصالحته المتأخرة لبن غوريون مع مناحيم بيغن، بمناسبة منافستهما المشتركة مع ليفي اشكول، لم تلغ صحة القول. بنيامين نتنياهو هو سليل لسلالة خياليين. خطاء، أنبياء، شعراء، محبون للشفقة الذاتية، يذوبون لسماع صوتهم العالي الذي يشق العموم. ما له وايهود باراك، الذي يتردد فيما اذا كان سيجعل نفسه صبي الخيالي في حكومة الرأس في الحائط كي يعود الى مدرسة بن غوريون.

باراك يندم الان على حماسته للانضمام قبل سنة لجوقة الجفاف لدى نتنياهو، ككمان ثالث؛ بينما هو عازف بيانو اجمالا. وهو يعرف منذ الان بأن النتيجة بائسة. سخيف أن نسمع على لسانه ثناء على جدية السباعية؛ مواساة صغيرة هي أنه سيسبق خراب اسرائيل دراسة مرتبة (باستثناء القطيعة المؤسفة بين لجان التخطيط البلدية والوزراء). فهذه لم تكن فاخرة كخلية غولدا مئير، مع موشيه ديان وابا ايبان، يغئال الون وبنحاس سابير، الى ان تبدد البهاء في يوم الغفران 1973 وفي عائلة نتنياهو، فانه ليس السبعة اقزام هم الذين يقررون بل بيضاء الثلج.

ما للعمل برئاسة باراك والمناورة المكشوفة والسخيفة لنتنياهو الذي ينبش في السياسة الامريكية الداخلية وكأن حزبا واحدا، الجمهوري، يمتد على جانبي المحيط. جون باينر، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، طلب هذا الاسبوع من مؤيديه تبرعات للكفاح ضد اوباما في جبهتين – اسرائيل والتأمين الصحي – وهكذا أكد اشتباه الديمقراطيين بأن نتنياهو هو خصمهم السياسي. غير ان 300 عضو كونغرس من الحزبين، ممن وقعوا على الرسالة التي تؤيد زعما اسرائيل صمتوا بانضباط شديد في مسألة البناء في القدس وركزوا فقط على مسألة التشريفات وأنظمة العلاقات.

حتى لو كان يجلس الان في البيت الابيض جورج دبليو بوش – الرئيس الاول الذي تحدث عن اقامة دولة فلسطينية والذي اجبر شارون على ان اقول آمين – أو جون مكين، لما كانت هناك سياسة اخرى للادارة. رونالد ريغان اياه صاحب "مشروع ريغان" للعام 1982، كان جمهوريا، مثله كنائبه وخليفته جورج بوش، هنري كيسينجر وجيمس بيكر. عند السلام، المتعلق أساسا ولكن ليس فقط بتسليم عربي باسرائيل، الاتجاه كان دوما ولا يزال الخط الاخضر. السؤال الوحيد كان هو هل انتظار حلول السلام بصفر عمل وفي هذه الاثناء ترك المستوطنات لحالها وباقي "الحقائق على الارض" تقلص الفرصة في ان يحل السلام حقا.

اوباما لن يتنازل. ليس لديه وقت. وهو يتطلع لان يكون رئيسا محبوبا، وليس مجرد رقم في السلسلة. يقلب الميول ويغير انظمة العالم، يحدد أهدافا ويحققها. وفي سياق الشرق الاوسط، هدفه معقول ويتناسب مع الفريضة العليا لأمن اسرائيل. صحيح أنه يختلف عن موشيه فايغلين والمستوطنين، الذين بدونهم ليس لنتنياهو حزب، وربما حتى عن موقف سارة نتنياهو.

هذا ليس اوباما: هذا بيبي. باراك عين نفسه محولا لهما – الجهاز الذي يحول 220 فولت نتنياهو الى 110 فولت اوباما. مرت سنة وثبت ان لا غطاء لهذا. احد الطرفين سيحترق، هو والمحول. عندما يكون الفارق بين الخيال والواقع بهذا العمق فان نجاعة باراك في دوره هذا صفر. فهو ينظر الى باب مكتبه ويصارع بقوة الجذب الهائلة التي تشله في كرسيه، تحت صورة بن غوريون. هذا الاسبوع بدا اخيرا، بانه بدأ ينهض وان كان ايضا كي يعود الى ذات المكان في حكومة اخرى، وتتميز بحرص حقيقي على أمن اسرائيل.