خبر يوم الأرض: أراضي النقب ما تزال تحت تهديد المصادرة

الساعة 08:29 ص|30 مارس 2010

يوم الأرض: أراضي النقب ما تزال تحت تهديد المصادرة

فلسطين اليوم: وكالات

عرب النقب يتذكرون يوم الأرض كل يوم تقريبا، فمنذ تأسيس دولة إسرائيل وقضية الأرض تطفو على وجه القضايا التي تعد من أسخن القضايا التي يعاني منها عرب الداخل، قضايا المصادرة، وهدم البيوت التي تجعل العرب يشعرون وكأنهم في دولة تمارس حربا ضدهم، فلا استقرار ولا طمأنينة.

 

الأمن الشخصي، لا يتمثل في أن ينام الإنسان في بيته فحسب، بل الأمن الشخصي مركب من عدة مقومات من أهمها أن أعيش في بيت لا يتهدده خطر الهدم، وعلى ارض هي بملكي لا يطاردني عليها احد، وهذه الأمور غير متوفرة لأكثر من 70% من عرب النقب، حتى من الذين يقطنون في قرى معترف بها، وخاصة في قضايا الأرض لأن أن جزء ليس بقليل ممن يقطنون البلدان المعترف بها ما زال يحتفظ بأرضه خارج البلد الذي يسكنه، وأمثال ذلك كثر.

 

ومن هنا نعرج على معطيات ومعلومات حصلنا عليها من مركز "عدالة"، ومن المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، ومن معطيات حكومية مختلفة.

 

سياسة الاستيطان اليهودي و"تهويد الحيز"

أن سياسة الاستيطان اليهودي و"تهويد الحيز"، ما زالت تهيمن في صفوف صناع القرار ومؤسسات التخطيط والأراضي. وعلى الرغم من أن مصطلح "تهويد الحيز" قد اختفى من الخطاب التخطيطي المعلن للحكومات في إسرائيل، لتحل محله مصطلحات أخرى مثل "اجتذاب السكان" و" تحسين مستوى المعيشة"، والـ "تطوير" إلا انه -من حيث الجوهر- ما زال حيا يرزق، على المستوى التخطيطي الفعلي.

 

هُجّر معظم العرب البدو (80%-85%) أو فرّوا خلال أو بعيد حرب 48 إلى ما وراء الحدود، وبقي منهم داخل البلاد حوالي 11 ألفا، تم تجميعهم في منطقة تدعى "السياج" في شمال النقب. وخضع العرب، للحكم العسكري حتى العام 1966، ونقلت معظم الأراضي التي كانت بملكيتهم للمدن والقرى اليهودية. يعيش اليوم في النقب حوالي 171,654 ألفا من العرب البدو، ويقطن حوالي نصفهم في قرى غير معترف بها. في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، أقيمت سبع بلدات في منطقة السياج بهدف تجميع السكان البدو في النقب على حد أدنى من الأرض، وانطلاقا من الهدف المحدد لتهويد النقب، ومن خلال تجاهل مطلق لنمط حياة السكان العرب واحتياجاتهم.

 

و تصل نسبة السكان العرب في لواء الجنوب حوالي 14% من مجموع السكان هناك، يعكس هذا الأمر حالة عبثية، خصوصا إذا ما عرفنا أن الدولة لم تعترف بعد بحوالي 35 قرية عربية بدوية، ( على اعتبار أن 11 قرية من القرى غير المعترف بها، تم الاعتراف بها وتتبع لمجلس إقليمي أبو بسمة المعين حكوميا).

 

والقرى غير المعترف بها تواجد بعضها حتى قبل قيام الدولة، وأقيم بعضها الآخر بأوامر من الحاكم العسكري. يزيد إغلاق الباب أمام دخول العرب لحوالي 89% من أصل 200 من البلدات القروية اليهودية (التعاونيات، والكيبوتسات، والبلدات الجماهيرية) من حدة العبثية والتمييز. ويتم تنظيم الانضمام إلى هذه البلدات من خلال لجان القبول التي تشكل الوكالة اليهودية أحد مركباتها الأساسية.الهدف المعلن لهذه اللجان هو فحص مدى ملائمة المرشحين للأيديولوجية التعاونية، لكن النتيجة الفعلية هي إقصاء المواطنين العرب (كما يحدث الآن مع احمد الترابين في قضية دخوله لموشاف نبطيم في النقب).

 

قبل الـ 48 كان بملكية العرب في النقب 12,600,00 واليوم يناضلون للاحتفاظ بملكية 240,000 دونم فقط من الأرض التي لا يزالون يمتلكونها.

 

ووفقًا لسجلات الانتداب البريطاني فإنّ 12,600,00 دونم من أراضي النقب هي ملك للعرب البدو. ويكافح البدو، اليوم، للاحتفاظ بملكية 240,000 دونم فقط من الأرض التي لا يزالون يمتلكونها.

 

بين اعوام 1970- 1973 كانت حملة خاصة اعلنتها الحكومة من اجل تحديد الأراضي التي يدعي البدو ملكيتها، وقد قدم العرب دعاوى ملكية لحوالي 1,500,000 دونم، منها 529,000 دونم تم إلغاء الدعاوى من قبل الحكومة بحجة أنها أراض جبلية، أو مشتركة الملكية، الموجودة شرقي عراد، وعلى جبال البحر الميت.

 

وبقي 971,000 دونم، منها 220,000 دونم تم شطبها بحجة أن التسوية تمت عليها وسجلت باسم الدولة، وحوالي 387,000 دونم تحت سيطرة العرب البدو الذي قدموا دعاوى ملكية "للتسوية".

 

وهناك 240,000 دونم، قدم العرب ضدها دعاوى ملكية، لكنهم ليسوا متواجدين فيها، وهي ما يسمى أراضي النقب الغربي، المقامة عليها مستوطنات يهودية.

حوالي 155,000 دونم، تمت عليها تسوية توفيقية ( قسم منها في أيطار قانون السلام)، و 250,000 دونم فيها بدو نقلوا إليها من قبل الدولة إبان الخمسينات على أنها أراض تابعة للدولة في منطقة ما يسمى بـ "السياج".

 

وهناك حوالي 100,000 دونم من مجمل الدعاوى، أراض أملاك غائبين، ومنها تابعة لليهود، وللكيرين كاييمت، وبسبب الإهمال لم يتم وضعها في فئة معينة حتى اليوم.

 

وهناك 180000 دونم أراض دولة كما يدعى، ولم تقدم عليها دعاوى ملكية للتسوية.

القرى غير المعترف بها

أخذت هذه التسمية من عدم اعتراف الحكومات الإسرائيلية بهذه القرى لأسباب سياسية وذلك بالرغم من أن هذه القرى شرعية من الناحية التاريخية وقائم معظمها قبل عام 194، وهي توافق الشروط الاسرائيلية للاعتراف بها كقرى.

 

و يبلغ عدد القرى غير المعترف بها في النقب 46 قرية ويقطنها ما يقارب 75,000 ألف نسمة وحسب الإحصائيات تبلغ مساحة الأرض التي هي بحوزة هذه القرى أكثر من 180,000 دونم، ومنها ما تم الاعتراف به وهو تحت مسؤولية مجلس اقليميم "أبو بسمة" المعين حكوميا، وتفتقر هذه القرى إلى الحد الأدنى من البنية التحتية, الكهرباء الهواتف , الصرف الصحي, الشوارع, العيادات الصحية, والنقص الكبير في المدارس ومياه الشرب وتعيش أكثرها في ضائقة وتعاني من البطالة والفقر بشكل مأساوي وبالرغم من هذا يصمد سكانها ويتمسكون بالأرض ويرفضون الإغراءات السلطوية والأساليب التي تحاصر هذه القرى اقتصاديا وإنسانيا حتى تجبر سكانها على الرحيل إلى تجمعات التوطين القسري.

خطة شارون

في العقد الأخير، طوّرت الدولة ومؤسساتها استراتيجيات وأدوات جديدة، تتميز بتكثيف النشاط تجاه المدن والقرى العربية،مقابل إقامة البلدات للجمهور اليهودي، وتوسيع البلدات القائمة. في تاريخ 4.9.2003 صادقت "لجنة وزارية لشؤون الوسط غير اليهودي" على خطة لـ"معالجة الوسط البدوي في النقب" والمعروفة باسم "خطة شارون". رصد لهذه الخطة ميزانية 1.175 مليارد شاقل جديد لفترة خمس سنوات. وعلى الرغم من الإعلان بأن الخطة ترمي إلى "تغيير وتحسين وضع السكان البدو"، يوضح الفحص الدقيق، أن الغرض منها هو السيطرة على أراضي العرب في النقب، وتهجير السكان وتجميعهم في سبع بلدات، وتصفية القرى غير المعترف بها. وتشتمل خطة شارون على أربعة بنود مركزية وهي:

ادعاءات الملكية وتسويات الأراضي: تسرع هذه الخطة من عملية تنظيم تسجيل الأراضي في منطقة النقب، التي بدأ العمل بها في سنوات السبعين.وبالاعتماد معطيات دائرة أراضي إسرائيل، قام السكان العرب البدو في النقب بتقديم دعاوى ملكية على حوالي مليون دونم في منطقة النقب. اليوم، وبعد مضي 30 عاما قررت الحكومة تكثيف مسار التسويات، بهدف تعجيل "تهجير" السكان العرب من القرى غير المعترف بها، إلى التجمعات التي تقوم الدولة بالتخطيط لإقامتها. وخصصت الخطة، لهذا الغرض، مبلغ 48.85 مليون شاقل جديد، للفترة الواقعة بين الأعوام 2003-2007. رصد هذا المبلغ لدعم الأجسام التي تقوم بمعالجة وتنظيم الحقوق في الأراضي، ولتعزيز الجهاز القضائي. نذكر هنا ان التعويضات (بالمال والأرض) التي حددتها دائرة أراضي إسرائيل في القرار رقم 932 من تاريخ 24.6.02، مقابل تنازل أصحاب الأرض عن دعاوى الملكية، من غير أن تدعو الحاجة للحسم بشكل نهائي في هذه القضية المهمة، هي رمزية، ولا تعوض أصحاب الأراضي عن القيمة الحقيقية لأراضيهم.

 

ممارسة حقوق الدولة على الأراضي وفرض قوانين التخطيط والبناء: يهدف هذا البند كما تكشف الخطة، إلى "تطبيق كامل لقرار الحكومة رقم 2425 من تاريخ 4.8.2002 بخصوص تعزيز فرض قوانين التخطيط والبناء وقضايا الأراضي"، أي تكثيف جهود السلطات لهدم البيوت وإخلائها لتطبيق طرد السكان البدو وتهجيرهم. ولهذا الغرض، ستعمل وزارات الحكومة المختلفة على فرض حقوق الدولة وقوانين التنظيم والبناء.

 

استكمال تطوير وإقامة البنى التحتية للبلدات القائمة: كما هو معروف، تعاني هذه القرى، من مشاكل اجتماعية واقتصادية وبيئية، بسبب تجاهل مؤسسات التخطيط لاحتياجات السكان، وتجاهل أسلوب الحياة المغاير للسكان العرب في النقب. تبعد المبالغ المخصصة لهذا الغرض كل البعد عن تلبية حاجة تطوير البلدات القائمة، والارتقاء يها الى المستويات المقبولة في المجالات المختلفة، كالبنى التحتية وجهاز التربية، وجهاز الصحة، والمناطق الصناعية والتشغيلية وغيرها.

 

تخطيط البلدات الجديدة: الميزانية مخصصة ايضا لتخطيط سبع بلدات عربية في النقب، اعترفت بهم الدولة في الآونة الأخيرة. المبلغ المخصص لهذا البند هو بعيد كل البعد عن امكانية تخطيط هذه البلدات.

 

ترمي إقامة البلدات اليهودية الجديدة إلى الحد من عملية تطور البلدات غير المعترف بها، ومن تطوير وتوسيع البلدات المعترف بها، والسيطرة على الأرض، ومنع العرب من استخدامها. تجسدت جميع هذه الأمور في أقوال الوزير يتسحاق ليفي(في جلسة الحكومة من تاريخ 21.7.200):" تهدف هذه البلدات إلى الحد من انتشار الاستيطان العربي غير القانوني".

 

يشكل الاستيطان وإقامة البلدات اليهودية أدوات مركزية تقوم الدولة ومؤسساتها بتوظيفها من اجل تكريس سياسة السيطرة على الأراضي وتهويد الحيز. منذ إقامة الدولة وحتى أيامنا هذه، عملت الدولة بكد ونشاط على إقامة البلدات اليهودية الجديدة في جميع أنحاء البلاد. طُوّرت في العقد الأخير استراتيجيات وأدوات جديدة تتميز بتكثيف النشاط تجاه القرى العربية البدوية، بهدف إقامة القرى للسكان اليهود وتطويرها. تنعكس هذه النشاطات من خلال قرارات الحكومة بإقامة البلدات اليهودية الجديدة، والمخططات التي تضمن استعمالا حصريا للأرض من قبل اليهود، ومن خلال خلق أشكال جديدة من الاستيطان. وفي المقابل يتم إرسال الإنذارات وأوامر الإخلاء والهدم للسكان العرب البدو.

 

يفترض بالتخطيط أن يضمن ويطبق مبادئ المساواة الاجتماعية والحيّزية، ويضمن المساواة والعدل التخطيطي بين المجموعات المختلفة، ويفترض به كذلك أن يشكل رافعة للتطوير الاجتماعي والاقتصادي للمجموعات السكانية المختلفة. على الرغم من ذلك، يستخدم التخطيط في إسرائيل، كأداة لتنفيذ سياسة التخطيط غير العادلة والتي تميز ضد السكان العرب.