خبر التنافس الإعلام الحزبي.. إلي متى!!.. محمود أبو عواد

الساعة 08:07 م|29 مارس 2010

التنافس الإعلام الحزبي.. إلي متى!!.. محمود أبو عواد

كتب/ محمود أبو عواد

منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر عام 2000، بل ومع نشأة فصائل المقاومة على اختلاف أسمائها وتوجهاتها منذ عشرات الأعوام، كان حاضراً بين تلك الفصائل حالة من التنافس الإعلامي الحزبي التي شهدنا خلال الانتفاضة الحالية أوج تلك الحالات.

 

ولعل عملية خانيونس الأخيرة التي وقعت بعد ظهر الجمعة الماضية، فتح الباب على مصراعيه أمام حالة التنافس الشديد بين فصائل المقاومة المختلفة على تبني مقتل جنديين صهيونيين سقطا برصاص المقاومة شرق مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، فخرجت فصائل متعددة من بينها الفصائل الأكثر حضوراً "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، و "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس.

 

 ووقعت خلال انتفاضة الأقصى عدد من العمليات الاستشهادية والجهادية المشتركة بين فصائل المقاومة والتي أوقعت عدد من القتلى الصهاينة، فيما نُفذت عمليات أخرى للفصائل بشكل فردي وكانت توقع القتلى والجرحى أيضاً، فيما كانت تشهد الاجتياحات والعمليات الجهادية التي تؤدي لمقتل الجنود هنا وهناك كثيراً من التنافس الإعلامي بين الفصائل لتبني تلك العمليات.

 

وشهدت حالة التنافس أوجها بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، ممثلتي بذراعيهما العسكري السرايا والقسام، وكانت البداية لعلها خلال الاجتياحات التي كانت تنفذها قوات الاحتلال في المناطق المحيطة بالقطاع، وكانت أبرز تلك الحالات عملية الخليل البطولية التي نفذها ثلاثة من استشهاديي سرايا القدس وقتلت 14 جندياً وضابطاً صهيونياً على يد الاستشهاديين قرب مستوطنة كريات أربعة، أو كما سمتها السرايا بـِ "زقاق الموت"، في عام 2002، وشهدت العملية تنافساً شديداً بين عناصر الحركتين امتد من المساجد للشوارع إلي غيره رغم وضوح الدم الذي كان شاهداً على قوة الجهة الأكثر تنفيذاً للعملية والتي كانت للاحتلال فيها كلمة الفصل حين اغتالت المشرف المباشر على العملية الشهيد القائد "محمد سدر" واثنين من مساعديه.

 

وسبق تلك العملية، عمليتين آخرتين شهدتا حالة قوية من المنافسة بين حركتي الجهاد وحماس، ففي عام 2001، تبنت سرايا القدس عملية استشهادية في مطعم "سبارو" بمدينة القدس المحتلة وكان منفذها الاستشهادي "عز الدين المصري" من كتائب القسام، ولكن في ذاك الوقت وفي موقف يُسجل لقيادة حركة الجهاد الإسلامي، خرج شخصياً د. رمضان عبد الله شلح ليبارك العملية لكتائب القسام ولحركة حماس وقادتها في تأكيد على احترام هذه القيادة والشخصية لعمل الآخرين وتقديراً لأعمالهم.

 

وفي عام 2002، أقدم الاستشهادي راغب جرادات من جنين لتفجير جسده الطاهر في باص بمدينة حيفا المحتلة فقتل 17 صهيونياً وأصاب العشرات، فتبنت في بداية العملية كتائب القسام وأدرجت أسم شخص يُدعى "أيمن دراغمة" من عناصرها من مدينة جنين، إلا أن بثت السرايا وصية الاستشهادي جرادات.

 

وشهد عام 2004م، حالة جديد من السجال الإعلامي بين الجهاد وحماس، حين أقدم الشهيد المجاهد "فوزي المدهون" لتفجير ناقلة جند صهيونية فقتل وأصاب 8 جنود، وتمكن جنود سرايا القدس من الحصول على رأس أحد الجنود الذين قتلوا إثر تفجير عبوة ناسفة تزن 50 كغم، وتنازعت حماس والأقصى والجبهة الشعبية في الحصول على فتات من جسد الجنود لتخرج وتتبني العملية، لكن وفي كل مرة أثبت دوماً أن الدم هو الدليل الشرعي على هوية المنفذ، فكيف يمكن لمقاوم أن يفجر ويقتل الجنود وسط القصف والدمار الذي كانت تقوم به قوات الاحتلال في حي صغير، وكيف يمكن لمقاتلين قتلوا 14 جندياً صهيونياً من الانسحاب سالمين كما حصل في الخليل، وكان أيضاً اغتيال الشهيد القائد "حازم ارحيم" ومساعده "رأفت أبو عاصي" دليل تأكيد من الاحتلال على أنه كان المسؤول البارز عن عملية التفجير التي نفذها الشهيد المجاهد "فوزي المدهون".

 

وفي أقل من 12 ساعة من عملية الخليل، كان جنود سرايا القدس يقتلون 4 جنود ويصيبون آخرين في عملية على حدود رفح نفذها الشهيد "خميس الراعي"، في صورة أخرى تجلى صدق الدم وصدق العمليات التي كان يسطرها جنود السرايا بحي الزيتون.

 

ومرت على حركتي الجهاد وحماس سجالات طويلة في عمليات التبني، واستمرت تلك العمليات لكن بحدة أخف إلي أن وصلت في اليوم الذي نُفذت فيه عملية "كسر الحصار" البطولية المشتركة بين سرايا القدس وكتائب المجاهدين وألوية الناصر صلاح الدين، ففي فجر ذلك اليوم قتل مجاهدو السرايا جندياً في مدينة خانيونس، وخرج القسام ليتبني تلك العملية التي أعلنت في بداياتها السرايا مسؤوليتها عن قتل جندي قبل اعتراف الاحتلال بساعات، وبعد مرور ما لا يقل عن ثلاث ساعات تحدث الاحتلال عن مقتل الجندي الذي أعلنت السرايا عن قتله، ومع مرور الوقت والأيام أثبتت في ذاك الوقت رواية الاحتلال صدق ما جاء في بيان سرايا القدس.

 

ولم تمر أقل من 9 ساعات حتى كان مجاهدو سرايا القدس بالاشتراك مع ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب المجاهدين يؤكدون من جديد أنهم الأقدر على إيلام العدو، فكانت عملية "كسر الحصار" تدك الاحتلال في عمق أكثر المواقع العسكرية تحصيناً، فقتل ثلاثة صهاينة وأصيب آخرين، وجددت هذه العملية روح الصورة التي تجلّت من جديد خلالها صدق الحكاية من البداية وحتى النهاية، ولم تسلم العملية رغم وجود استشهاديين فيها، من تبني القسام للعملية في بادئ الأمر حين خرج بياناً للقسام يقول أن الصهاينة الذين قتلوا تم استهدافهم بقذائف الهاون في وقت كان يتحدث فيه المتحدث باسم جيش الاحتلال عن اشتباكات ووجود استشهاديين في المكان وما إن لبث وتم سحب بيان كتائب القسام عن موقعهم العسكري وتم الاتصال في ذاك الوقت مع الصحفيين لسحب الخبر الذي تم توزيعه عليهم من قبل المكتب الإعلامي.

 

وبالوصول لعملية خانيونس الأخيرة، زادت حدة التنافس الإعلامي الحزبي، لكن دوماً الحقيقة تنتصر بالدم الذي كُتبت به، أو من حقيقة ما يتحدث به الاحتلال، وحين بدأت العملية كانت الوسائل الإعلامية بما فيها التابعة لحماس تقول أن العملية لسرايا القدس فيما أن المكتب الإعلامي للسرايا لم يصدر أي تعقيب في تأني واضح حفاظاً على حياة مجاهديها في أرض المعركة، إلى أن تبنت السرايا العمليةـ وأثبتت مع الوقت رويداً – رويداً حقيقة تبنيها بروايات الاحتلال والناطقين باسمها وقادة العدو، وكذلك الشهادة الأخيرة التي كانت لجندي صهيوني والذي قال "أننا تعرضنا لإطلاق نار من بعيد ولكننا انبطحنا أرضاً، وتفاجأنا بإطلاق نار عن بعد متر ونصف فقط أردنا مصابين".

 

لعل الكثير يتساءل لماذا اعتمد على الاحتلال في رواياته، لكني أوضح هنا أننا كفلسطينيين لا نثق بالاحتلال، لكن قادة الاحتلال يتعمدون نشر مثل هذه الحقيقة في مثل تلك العمليات ليُبين العدو للعالم أنه شعبٌ مضطهد وأنهم يتعرضون للظلم "الفلسطيني!" فيسعون للحقيقة في مثل هذه العمليات من أجل التعاطف الدولي وإجهاض أي تعاطف مع الفلسطينيين في حال تم استهداف هنا أو هناك.

 

لكن ما كان يؤلمنا كمواطنين ما وصل إليه الإعلام الحزبي من تحوير الكلام هنا وهناك، ما خلق حالة من التذمر لدي المواطنين مما وصلت إليه تلك الأحزاب، والسؤال هنا وما يطرح نفسه في ظل هذه الحالة التي خلقت نوع من الإحباط لدى المواطن الفلسطيني، إلى متى ستبقي الأمور كما هي، وإلي متى سيفيق قادة الفصائل لتشكيل مرجعية حقيقية يكون هدفها التنسيق على أعلى مستويات، إلي متى.. وإلي متى.. الأسئلة كثيرة، لكن لا أحد يجد الإجابة الشافية والوافية!.