خبر « خبايا » قمة سرت « الليبية »

الساعة 07:06 ص|29 مارس 2010

"خبايا" قمة سرت "الليبية"

فلسطين اليوم-وكالات

لا يمكن التعامل مع قمة سرت العربية من حيث المضمون والشكل الا باعتبارها قمة 'تجنب الاثارة' بكل انواعها، فقد بات واضحا ان جهودا مضنية بذلت في الكواليس لتمكين القمة من القفز على حاجز الاثارة المتوقع دائما ما دامت القمة قد عقدت اصلا وسط اجواء مثيرة ومتوترة في الكثير من الاحيان.

ومن المرجح ان الروح 'الأبوية' المرنة التي ظهرت في اداء مستضيف القمة وأقدم الزعماء العرب معمر القذافي رسمت سياسيا في حدود تمكين اجتماع سرت من تحقيق الحد الادنى الممكن من العائد السياسي على ليبيا وانصار معسكر خطابها السياسي، بهدف تكتيكي مرسوم بعناية وهو تخييب ظن من قدر بأن القمة فاشلة قبل عقدها سواء بسبب غياب ثمانية زعماء عرب عنها او بسبب ما اثير من صور استدعتها النخب اللبنانية وهي تتناقش بمسألة مشاركة بيروت.

وهنا لا بد من الاشارة لما لاحظه وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في الكواليس فرئيس القمة خطط بعناية فيما يبدو لمنع تفجيرها وسحب الدسم منها على أساس غياب زعيمين بارزين هما السعودي عبدلله بن عبد العزيز والمصري حسني مبارك، فمثل هذا الغياب سبق ان اثار حنق الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ودفعه لإلغاء قمة دورية قبل ساعات فقط من عقدها في تجربة ما زالت تطرح مثالا لأزمة مؤسسة القمة العربية في كل الاجتماعات التنسيقية.

اذا الزعيم الليبي اراد لقمته ان تنجح بتحقيق ولو الحد الادنى من الاهداف فظهرت نوازع الادارة 'الأبوية' لديه في الاحتواء واحتمال بعض التفاصيل وفي رسم مسار سياسي للقمة لا يتأثر او يتاثر بادنى حد ممكن بغياب مصر والسعودية على مستوى التمثيل الارفع.

دبلوماسي تونسي عريق تحدث لـ'القدس العربي' بعد الاختتام لاحظ بأن الزعيم القذافي حرص على اظهار اقصى طاقات الاحتفال والكرم والتكريم لاثارة انطباعات فعالة وايجابية حتى على مستوى الاعلاميين والوزراء ومسؤولي الصف الثاني، فكانت بعض تفاصيل ولمسات الضيافة الفخمة وغير الاعتيادية والتي تجاوزت حسب وزراء خارجية كل ما رصدوه في قمم سابقة الاشارة الاولى التي تدلل على ان طرابلس تريد تجاوز مأزق غياب ملك السعودية ورئيس مصر او على الاقل لا تريد للاجتماع ان ينفجر لاي سبب بصرف النظر عن مستوى التباين السياسي الذي يمكن ان يظهر.

لذلك يعتقد ان المشهد الاساسي الذي يخطف الابصار في مدينة سرت الساحلية الصغيرة التي تعتبر بمثابة عاصمة شخصية للزعيم الليبي كان اطنان اللافتات المزروعة في كل مكان وعلى كل جدار وسيارة وعمود كهرباء والتي تتحدث حصريا بفكرة واحدة فقط وهي نبذ الخلافات والانقسام والتوافق قدر الامكان على الاقل امام الاعلام.

ونفس الدبلوماسي مر على ملاحظات'قذافية' كما سماها لا يمكن اسقاطها من الحساب فاقدم القادة العرب اغدق في اظهار الاحتفاء بوزير الخارجية السعودي، وتجنب عباراته النقدية المعتادة لمواقف بعض الدول العربية والقى في الافتتاح خطبة قصيرة جدا مليئة بالود والابوية، واسترسل في ابعاد قمته عن الاثارة عندما احتوى 'حرد' الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنعه من المغادرة بعد ساعات قليلة من الافتتاح حيث كان الرجل قد جهز طائرته للمغادرة احتجاجا.

فوق ذلك اعاد القذافي للاجتماع الرئيس اليمني علي عبدلله صالح والسوداني عمر البشير بعدما فكرا بالمغادرة لاسباب شخصية وابلغ الزعماء العرب بأن ضيافته مستمرة لثلاثة ايام.

واجواء تجنب الاثارة سياسيا واعلاميا رصدها ثم ركب موجتها الجميع فقد خطط الجانب الليبي لمنع النقاش التجاذبي بقصة نقل مقر الامانة العامة للجامعة العربية حتى لا تغضب القاهرة ولم يدخل كطرف تجاذبي في مشاريع ومبادرات القرار الخلافية ولعب دور الوسيط في التجسير والتسيير.

وعليه دخل جميع القادة وقبلهم الوزراء في حالة مزاجية قوامها تجنب الاثارة والشقاق الاعلامي قدر الامكان، الامر الذي انتهى بقرار تنظيمي نادر عمليا لم تسبقه اي من القمم العربية وهو تجنب الزعماء للخطابات المتلفزة وللمايكروفون العلني والاكتفاء بما حصل داخل قاعات الاجتماع المغلق وتوزيع كلمات مكتوبة على الاعلاميين كما فعل العاهل الاردني عبد الله الثاني.