خبر أزمة مع الولايات المتحدة- إسرائيل اليوم

الساعة 08:53 ص|28 مارس 2010

أزمة مع الولايات المتحدة- إسرائيل اليوم

بقلم: يوسي بيلين

 (المضمون: تقوم جماعة الضغط الموالية لاسرائيل في الولايات المتحدة، الايباك على تعارض مصلحة اسرائيل ومصلحة امريكا فقط وبغير ذلك لا يكون لها مسوغ للبقاء لان اكثر يهود الولايات المتحدة لا يميلون الى آرائها - المصدر).

ازدحم جمهور بلغ نحو 10 آلاف شخص لاستماع البث المكرور: ان القدس هي عاصمة اسرائيل وأننا اصدقاء جيدون للولايات المتحدة برغم جميع خلافات الرأي. تكريم كبير. واحتضان كثير. ولا نهاية للتصفيق مع الوقوف. سنة بعد أخرى يعدون الشيوخ الذين يأتون (أتى 60 هذا الاسبوع) وأعضاء مجلس النواب (لا يمكن العد)، ويطلقون تنفسا الصعداء: ما تزال الايباك في قيد الحياة.

        كل ذلك – برغم أزمة الاسبوع الماضي والكلمات الشديدة التي قيلت في واشنطن وفي القدس، وبرغم كلام الجنرال باتريوس، وبرغم جي ستريت، التي تعرض بديلا ليبراليا معتدلا من سياسة الايباك اليمينية المحافظة، وبرغم النقد الذي يزداد للمنظمة وذروته في الكتاب المشترك المشكل للاستاذين الجامعيين ستيفن وولت وجون ميرشهايمر الذي يزعم ان المنظمة تقود الولايات المتحدة الى قرارات تناقض مصلحتها وتناقض في الأمد البعيد أيضا مصلحة اسرائيل الحقيقة.

        ترى أقوى جماعة ضغط موالية لاسرائيل في العالم أنها جماعة الضغط السياسية الأقوى في العالم. ستحتفل في  السنة القادمة بمرور ستين سنة عليها لكن الحقيقة أن الايباك كانت مدة عشرات السنين جماعة ضغط متواضعة اصبحت أداة سياسية ذات شأن مع تولي توم ديان منصب المدير العام في 1980 فقط.

في الثلاثين سنة الاخيرة اصبحت الايباك أهم منظمة يهودية في أمريكا وأصبحت العامل القادر على تغيير القرارات. تحولت من جماعة ضغط عملت ازاء الكونغرس الى جماعة ضغط تعمل ازاء الادارة وبهذا سببت انتقادا غير قليل لانها مشاركة في تضارب مصالح. اتهموها بامتلاك "كتب سوداء" في مواجهة اعضاء كونغرس اجترأوا على التصويت خلافا لرأيها.

تكمن مزية الايباك في كون جماعة الضغط ذات صلة. ولدت منظمات يهودية كثيرة في النصف الاول من القرن العشرين، وكانت غايتها تمكين يهود الولايات المتحدة من الاندماج في المجتمع غير اليهودي او انشاء أبدال من أجهزة لم تترك لليهود المشاركة فيها. وكان هدف آخر هو مساعدة اسرائيل وكان هدف ثالث هو المساعدة في فتح أبواب الاتحاد السوفياتي للهجرة اليهودية.

أحرزت جميع الاهداف الاصلية. اصبحت منظمات مثل اللجنة اليهودية الامريكية، والمؤتمر اليهودي الامريكي، والجبهة اليهودية الموحدة، والمؤتمر اليهودي العالمي وغيرها قصص نجاح في الحقيقة لكن خلت من الاهداف.

***

منذ الستينيات اندمج يهود أمريكا في أجهزة الحكم حتى لقد أصبحوا موضوع انتقاد لتفضيلهم الزائد. فهم يتولون مناصب مركزية في السلطة التشريعية وفي السلطة التنفيذية وآخر شيء يحتاجون اليه منظمات تصر على حقهم في الاندماج في المجتمع الامريكي. ليست اسرائيل محتاجة الى مساعدة يهود أمريكا المالية، والمبلغ الضئيل الذي تحوله الاتحادات اليهودية الى اسرائيل بواسطة الوكالة أصبح في عشرات السنين الاخيرة الطريقة الوحيدة التي تنجح بها الجبهة في احراز تبرعات للاقامة الجارية لنشاط الاتحادات في أمريكا الشمالية.

        من نتيجة ذلك أن ما يحدث لاكثر المنظمات اليهودية (ما عدا التيارات الدينية الثلاثة التي تقدم الخدمات الدينية) هو ان عليها ان توجد أنفسها من جديد أو أن تزول. المؤتمر اليهودي الامريكي يفنى بهدوء. والجبهة اليهودية واتحاد الاتحادات أقاما منظمة مشتركة فشلت، أما منظمة البوندس فلا تسويغ لبقائها.

        بقيت الايباك ذات صلة. فلها هدف – هو تقديم مصالح اسرائيل في الولايات المتحدة. وهي تغالب توجيهات معاكسة، وللمنظمة التي تناضل امكان تجنيد أعضاء. يشارك في عضويتها قدماء مع شبان. ليست ميزانيتها كبيرة على نحو خاص وميزتها الكبرى فهمها للجهاز السياسي الامريكي وقدرتها على استغلال قوانين تمويل الانتخابات بطريقة تجعل جزءا كبيرا من أعضاء الكونغرس (ولا سيما في مجلس  الشيوخ) معلقين بها او يخافونها. لقد نجحت في أن تصبح منظمة مهددة تجعل المشرعين وأصحاب القرار يشاركون في مناسباتها ويوقعون على الرسائل الكثيرة التي تبادر اليها، وتخيف اشخاصا وجهات في الادارة يخطر في بالهم الضغط على اسرائيل.

        ينتخب رئيس المنظمة كل سنتين وليست له أي أهمية. تجتهد الايباك في انتخاب شخص يكون من حزب الرئيس لكن الحديث دائما عن صاحب ملايين متطوع، لا يكاد يعيش في واشنطن البتة ولهذا تأثيره في جماعة الضغط ونشاطها معدوم. السيطرة في يد البيروقراطية التنظيمية وهي تميل على نحو عام الى اليمين جدا وتهب الى المعركة مع الادارة مع استعمال مجلس النواب. عندما يوجد اتفاق في الرأي بين حكومة اسرائيل والادارة الامريكية تقع جماعة الضغط تحت الضغط لانها تخسر تسويغ وجودها. في مقابلة ذلك عندما يكون الحديث عن مواجهة بين حكومة يمين في اسرائيل وبين ادارة امريكية تحاول تقديم مسارات سلام، تجند الايباك اشخاصا وموارد وموقعين على عرائض ورسائل وتحاول اخضاع الادارة.

        ليست الايباك منظمة تمثل يهود الولايات المتحدة. ففي حين توجد فيها هيمنة جمهورية، 80 في المائة من يهود أمريكا ديمقراطيون. وهي تشعر بنفسها أنها سفير اسرائيل الحقيقي في الولايات المتحدة وتدخل أكثر من مرة أيضا مواجهات شديدة مع السفارة عندما تطلب هذه الاخيرة تقديم مسار ما، وتكون الايباك على قناعة من أنه مخالف لمصلحة اسرائيل الحقيقية. هكذا مثلا أحبطت الايباك مساعدة مالية خاصة لاسرائيل قبل أكثر من عشر سنين لانه كانت تصحبها مساعدة خاصة لمصر. حاولت حكومة اسرائيل بغير نجاح جعل الايباك تتنازل وفي آخر الأمر اضطرت اسرائيل خاصة للتخلي من المال.

        ولما كان أكثر يهود أمريكا بعيدين جدا من أهداف الايباك اليمينية، لم يكن من الصعب على نحو خاص اقامة جماعة ضغط تشايع اسرائيل لكنها تشايع السلام وتسمى جي ستريت. ترى الايباك هذه المنظمة التي اقيمت قبل اكثر من سنة وتحظى بعدد كبير من الاعضاء وبمساعدة مالية كبيرة، تراها منافسة خطرة، وتحاول فعل كل شيء تستطيعه لمنع نماء المنظمة المنافسة (وفي ضمن ذلك اقناع مسؤولين كبار في القدس بألا يلقوا أعضاء كونغرس أتوا في المدة الاخيرة لزيارة اسرائيل تحت رعاية جي ستريت).

        ان الازمة بين اسرائيل والولايات المتحدة منحت الايباك حياة من جديد وما كان شيء يستطيع أن يكون خلفية أنجح للمؤتمر السنوي. فالأزمات وحلولها الناجحة ترياق حياتها. ان الايباك، المنظمة اليهودية الاشد صلة، والتي هي نموذج تحتذي عليه جهات مختلفة (ولا سيما عربية) في العالم، تواجه اليوم موجات انتقاد داخل الجماعة اليهودية الامريكية وخارجها. ان حكومة يمين غير مستعدة لدفع أدنى ثمن للسلام وتواصل زخم الاستيطان، هي أكبر احتمال لتعزيز جماعة الضغط ازاء موجات الانتقاد هذه ايضا.