خبر أصبحنا فرعون -يديعوت

الساعة 08:50 ص|28 مارس 2010

أصبحنا فرعون -يديعوت

بقلم: أوري مسغاف

الفصح، عيد الحرية هو أكبر أعياد اسرائيل. الشعب المختار شهد في التاريخ فترات فاخرة من السيادة، ولكن الفكرة التي تعصف به أكثر من أي شيء آخر كانت ولا تزال قصة خروج مصر: التمرد على حكم قمعي، يتحرر من قيود العبودية، الخروج الى الاستقلال وبناء الامة. غير أن جموع بيت اسرائيل، بأنخاب النبيذ وبالطعام اللذيذ، يجدون صعوبة في أن يشخصوا المفارقة التاريخية التي توجد تحت انوفهم.

تذكير: ابتداءا من العام 1967 تسيطر اسرائيل، بيد من حديد وبذراع ممدودة، على الفلسطينيين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. 43 سنة. جيلان. أكثر من الفترة التي تاه فيها بنو اسرائيل في الصحراء. واذا اضفنا الى ذلك حقيقة أنه حتى 1966 كان يسود حكم عسكري في المناطق التي يسكن فيها عرب الدولة، يتبين أن فقط في سنة واحدة من الـ 62 سنة من استقلالها لم تتصرف فيها اسرائيل كاحتلال.

الاضطرارات والمعاذير ليست قوية بما فيه الكفاية. في الحساب التاريخي، يدور الحديث عن وصمة عار سوداء. اصبحنا فرعون.

يحتمل أن تكون المرحلة الاكثر خطورة في الاحتلال تجري بالذات في السنوات الاخيرة، تحت رعاية الهدوء الموهوم الذي حل بعد عاصفة الانتفاضة. يوجد في هذا الهدوء، مهما كان مباركا من ناحية التوفير في حياة الانسان، شيء فظيع.  ظلاله العنيفة هي موسيقى اليأس، اللامبالاة والتسليم. انتهى الجدال. ولكنه لم يحل ولم يحسم، بل مات فقط من شدة التعب.

في الاسبوع الماضي قتل في غضون يوم واحد أربعة فلسطينيين بنار جنود لواء كفير، قوة حفظ النظام العسكرية الاسرائيلية في الضفة. في الحادثتين اللتين ادتا الى موتهم ظهر استخفاف اجرامي في الانظمة، في المعقولية وفي الاخلاق. في الاولى اطلقت النار على متظاهرين من مسافة بعيدة، دون أن يشكلا أي خطر على الجنود. في الثانية اوقف للفحص المطول والزائد فلاحان وهما في طريقهما لكدح يومهما. في مرحلة معينة شعر العريف المسؤول عنهما بـ "احساس التهديد"، بعد ان تقدما نحوه على حد زعمه. كما أنه سمعهما "يثرثران بالعربية"، فأطلق النار عليهما فقتلهما. الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي سارع الى النشر بان القتيلين هاجما آسرهم بمذراة، وانه بسبب صحوة المقاتلين "منعت عملية مضادة"، ولكن في الغداة تبين بان المذراة بقيت على الارض في اثناء الحادثة.

المتظاهران والمزارعان القتلى لم يكونوا لا مخربين ولا ارهابيين. فقد قتلوا بخفة لا تطاق، عندما كانوا يحققون حقا أساسا هو "حق العمل وحق الاحتجاج".

عن اسحق رابين درج على القول انه تاق لوضع يكون فيه ممكنا مكافحة الارهاب "بدون محكمة العدل العليا وبدون بتسيلم". وفي استعارة يمكن ان القول ان الاحتلال وجد السبيل للتعايش مع محكمة العدل العليا ومع بتسيلم. المحكمة العليا تقلل من التدخل في ما يجري في الضفة، وتكثر من التعلق بتلويات دستورية واجراءات قانونية. وحتى عندما تقضي بحكمها، يسمح لنفسه جهاز الامن بالتعطيل والاذابة لقراراتها. هكذا يحصل في بلعين، وهكذا من المتوقع في طريق 443. اما بتسيلم، مثل منظمات حقوق الانسان الاخرى، فلم يتم الاعلان عنها خارجة عن القانون. الحقيقة العبثية لها ولمنظمات اخرى ببساطة كفت عن ان تعصف بالجمهور.

تحت السحابة المتواصلة هذه نمت زروع عشوائية من نوع خريجي حركة العمل موشيه يعلون. كرئيس أركان ساهم قدر مستطاعه في تصعيد المواجهة العسكرية مع الفلسطينيين. وكمفكر ساهم في تاريخ النزاع بالفكرة الرعناء عن "كي الوعي" في عقولهم. ليس لديه حلول يقدمها، بل مجرد شعارات.

في مقابلة مع "يديعوت احرونوت" في نهاية الاسبوع وصف يعلون اخلاء المستوطنات في اطار اتفاق السلام بانه "يودنرات حقيقي" (مثابة خيانة يهودية) – ولكل مشبه يوجد مشبه به. "يودنرات" هو الاسم الذي اعطي للادارة الذاتية للطوائف اليهودية تحت الحكم النازي. فمن هم النازيون في قصة يعلون؟ الفلسطينيون المقموعون والضعفاء؟ ربما الامريكيون الذين يحاولون انقاذ الاسرائيليين من لعنة الاحتلال الخالد، قبل أن يفقدوا كل افعالهم في البحر؟

الى متى سيبقى يعلون وأمثاله عميانا تجاه الدرس التاريخي، بينما ينشدون بتزمت على طاولة العيد "وكلما عذبوه فانه يكثر ويتفجر"؟