خبر شهيدا عورتا...رحلة « جمع الخردا » عقابها الموت

الساعة 03:41 م|27 مارس 2010

شهيدا عورتا...رحلة " جمع الخردا" عقابها الموت

فلسطين اليوم: نابلس

على بعد خطوات من موتهما كانا يمرحا و يضحكان كعادتهما، مرا على "دكانهما الصغير" وسط البلدة و اشتريا منه القليل من " العصير و البسكويت"، و شكرا البائعة التي سمحت لهما الأمس الأخير باستعمال الميزان للتأكد من وزن "غلتهما" من الخردة كي لا " يضحك عليهما الشاري" كما قالا لها.

 

"صلاح محمد قواريق" و "محمد فضل قواريق"، توجها كعادتهما من حارتهما " القديمة" إلى الجهة الشرقية من البلدة، ليجمعا من جديد بعض من أسلاك النحاس و الحديد ويكسبا آخر النهار القليل من " الشواكل" ليساعد صلاح عائلته، و ليتمكن "محمد" من جمع أقساط جامعته.

 

إلا أن ذهابهما لم يكن بعودة كما تعودت العائلتين، فكان خبر استشهادهما كالصاعقة عليهما و على البلدة التي تعودت على مرح اثنين من أبنائها، أصدقاء و إخوة و أبناء خالات.

 

غير عادي

يقول محمد شقيق الشهيد صلاح:"  صباح ذلك اليوم كل شئ كان طبيعي، إلا نظرات "صلاح" الذي يشاركني الغرفة، كأن يتأملني بدقه حتى أنني انزعجت و سألته لماذا تنظر إلي، فرد علي " جاي عبالي أطلع عليك" و حين انتهيت من لبسي و خرجت من البيت لحق بي و فتح الباب و بقي يتابعني بنظره حتى غبت".

 

"كأنه يودعني" قال محمد، " إلا أنني لم اشعر بشئ غريب، حتى أمي في البيت لم تذكر انه قام بشئ غير عادي، فبعد خروجي، مر عليه صديقه و أبن خالتي " محمد" ليتوجها إلى الأرض حيث يعملا و يجمعان الخردة" تابع.

 

و كما كل يوم أيضا مرا على دكان " دلال الزقح"، الدكان الصغير حيث اعتادا شراء بعض الأشياء "البسيطة"، و كما كل يوم أيضا حملا معهما بعض الأدوات لنكش الأرض و فلاحتها و أكياس كبيرة، بكبر أحلامهما بأن تكون غلتهما مربحة أكثر هذا اليوم.

 

حاولت عدم التصديق

يقول أيمن شقيق الشهيد " محمد" كنت في البيت وصلنا خبر أن هناك إصابات في المنطقة الشرقية من البلدة، خرجت إلى وسط البلدة لأعرف ما يجري، بعد ذلك بدأت الأخبار تصل أن هناك اثنين م المزارعين مصابين، فكرت إنهما هما، ولكنني أبعدت الفكرة من رأسي.

 

ويتابع أيمن:" من جديد تلقيت اتصالا قال لي احد أبناء البلدة  أن صحافيين في المنطقة قالوا أن أسماء المصابين هم " صلاح و محمد"، ولكني لم اصدق ذلك".

 

توجه أيمن مع أبناء خالته إلى مستشفى رفيديا، للتأكد من الخبر و الذي تطور لاستشهاد اثنين من البلدة :"كان الجميع ينظر إلي بحزن و كأنهم عجزوا عن إخباري انه أخي، ورغم ان كل شئ كان يؤكد أنهما " صلاح ومحمد" إلا أنني حاولت عدم التصديق، وكنت ادعوا ان يكون الجميع على خطأ، فلا يعقل ان يقتل مزارعين فقط لأنهم في أرضهم".

 

أمنيات ايمن لم تتحقق، فحين وصول سيارة الإسعاف طلب منه التقدم للتعرف عليهم، فكان ابن خالته صلاح، بينما لف " محمد" بغطاء كامل.

 

 

و تابع أيمن:" كان الأمر أبعد من الخيال، فلم يحدث أي مواجهات أو اشتباك بالمنطقة، و المزارعين توجهوا إلى الأرض في الأيام التي يتم التنسيق خلالها مع المجلس و السماح لهم بذلك، فلماذا قتلهم".

يسعون للسيطرة على الأرض

تساءل أيمن يجيب عليه رئيس قروي البلدة حسن أبو عواد، و الذي أكد على أن حلم "مستعمرة إيتمار" المقامة على جزء من أراضي البلدة بالتوسع هو السبب، فكما يقول:" المنطقة قريبة من مستوطنة ايتمار، و يحاول المستوطنين منذ فترة السيطرة عليها، إلا أن إصرار الأهالي بزراعتها و الحفاظ عليها حال دون ذلك، ومن هنا كانت محاولات إخافة السكان لإبعادهما عنها".

 

و يذكر رئيس المجلس القروي انه و قبل ستة أشهر استشهد احد أبناء القرية ويبلغ من العمر 28 عاما عندما طاردته جيب عسكري و دهسه في نفس المنطقة.

 

و يشير أبو عواد إلى المنطقة التي استشهد فيها كل من "صلاح ومحمد" منطقة مغلقة باستثناء أيام محددة يتم التنسيق فيها مع المجلس القروي للسماح للمزارعين بفلاحة أراضيهم، وهذا ما يشير إلى نيه مبيته لدى سلطات الاحتلال بالقتل.

 

وكان جنود الاحتلال قد ادعوا ان احد الشهداء حاول الاعتداء عليهما قبل ان يتم إطلاق النار عليهما، وهذا ما أكده الأطباء الذين قالوا ان الرصاص الذي تعرض له الشهداء من منطقة قريبة و أن هناك آثار لقيود على جسمهما.