خبر الأسير المقدسي إبراهيم مشعل يدخل عامه الإعتقالي الواحد والعشرين

الساعة 03:30 م|27 مارس 2010

الأسير المقدسي إبراهيم مشعل يدخل عامه الإعتقالي الواحد والعشرين

فلسطين اليوم: القدس المحتلة

بهمم الجبال و بخطى ثابتة يدخل الأسير المقدسي إبراهيم عبد الرزاق أحمد مشعل عامه الإعتقالي الواحد والعشرين و لينضم لقافلة عمداء الأسرى الذين مضى على إعتقالهم أكثر من عشرين عاما.

 

لن تنسى أم سامر زوجة الأسير إبراهيم تفاصيل تلك الليلة المؤلمة والتي إقتحمت فيها أعداد كبيرة من قوات الإحتلال  منزلها الآمن، ففي ساعات منتصف الليل و في مشهد إرهابي إستعراضي يختطف الحاقدون أبا سامر من بين أحبته و أهله، بينما كانت القدس تسعتد لإستقبال أول أيام  شهر رمضان المبارك و الذي صادف 28/3/1990م، وكانت أم سامر تحلم في تلك اللحظات كيف سيكون السحور في أول أيام الشهر الفضيل، فإذا بالأصوات و الصراخ تعلو و ترتفع !!! تسأل أم سامر نفسها و تجيب أهذا هو المسحراتي أتى ليوقذنا؟؟؟ لا و الله إنما الطارق هذه المرة  ... سارق و مجرم أتى ليروعنا، فتروي أم سامر إبنة الواحد و العشرين ربيعا في ذاك الوقت تفاصيل الأحداث في تلك الليلة و تصفها بالزلزال المدمر الذي لم يبقي أي شيء على حالة، فقد فجرت الأبواب و الشبابيك، و نبشت الأرض من تحتها و من فوقها.

 

و لتبدأ مسيرة الصبر و الثبات لدى إبراهيم و عائلته، وليخوض البطل صولات و جولات من التحقيق القاسي إستمرت لأكثر من ستة أشهر، مورست خلاله أبشع وسائل التعذيب النفسي و الجسدي و الإبتزاز، فإعتقلت المخابرات الإسرائيلية شقيقيه محمد و محمود و زوج شقيقته، بينما أوهمه المحققون بأن زوجته معتقلة بنفس القضية في محاولات حثيثة للنيل من إرادته و عزيمته إلا أنه بقي صامدا و ثابتا، وفي إحدى المرات أحضره المحققون إلى منزله هو مكبل و متعب و طالبوا زوجته بتسليم السلاح الموجود لديها و الخاص بإبراهيم، و كانت هذه محاولة إضافية للنيل من إرادته، وليحكم قضاة الظلم على إبراهيم بالسجن المؤبد بتهمة الإنتماء لحركة فتح و حيازة السلاح و تصنيعه و القيام بعمليات عسكرية و تصفية أحد العملاء.

 

الزوجة الصابرة ...

بعد عملية الإعتقال زادت المسؤوليات الملقاة على كاهل الزوجة أم سامر، فقد إعتقل زوجها و هي حامل في شهرها الثالث و أم لطفل و طفله، فأكملت الزوجة الصابرة تعليمها في مجال الخدمة الإجتماعية، وعملت في مدرسة جبل المكبر، ليكون عملها مصدر رزقها الأساسي في تربية أبنائها و ترتيب أمورها الحياتية.

 

و لتتواصل أم سامر مع زوجها في رحلة الوفاء و العهد، و تلحق به من سجن إلى آخر، فمن المسكوبية إلى الرملة، فعسقلان و بئر السبع، نفحة وهداريم و في جميع المحطات  لا تكل و لا تمل، تربي أبنائها خير تربية و تعلمهم أحسن تعليم، فهذا سامر سينهي تعليمه الجامعي في هندسة الديكور، بينما الإبنة فداء تدرس في جامعة بيت لحم في سنتها الثالثة تخصص تربية، و الإبن الأصغر جمال بل الشاب اليافع إبن العشرين ربيعا يدرس هندسة الكمبيوتر في الجامعة العبرية، جمال الذي تركه والده و هو في بطن أمه، تعرف على والده من خلف الشبك و القضبان اللعينة، تجول في باصات الزيارة و إنتظر أمام جميع السجون لساعات لينهل حنانا من والده، عاش طفولته التي يفتخر بها و لسان حاله يقول أنا جمال "إبراهيم البطل" مشعل.

 

محطات مؤلمة ...

إبراهيم مشعل المولود في القدس بتاريخ 9/8/1964م، وقبل إعتقاله  بعام واحد إستشهد شقيقه الدكتور أحمد، وترك ذلك أثرا في نفسه، و ما لبث إبراهيم أن إعتقل حتى فقد والد زوجته و الذي كان بمثابة أب ثان له، و في العام 1993 فجع إبراهيم بوفاة والده الحاج أبو أحمد، ولم تسمح سلطات السجون له بالمشاركة في الجنازة أو حتى إلقاء نظرة الوداع الأخيرة، ليوارى والده المرحوم الثرى و في قلبة الحسرة على فراق إبنه، أما العام 2000م فقد شكل لإبراهيم عام حزن و ألم على فراق والدة زوجته و التي أحبها حبا كبيرا، فصبر و إحتسب.

 

أم سامر وقفت سدا منيعا بالرغم من مرارة الأيام التي واكبتها، فتصف حالها أثناء حرب الخليج الأولى أي بعد إعتقال إبراهيم بعشرة اشهر، فالزوج أسير مغييب و يقضي حكما بالسجن المؤبد، الأهل "أي أهلها" منقطعين عنها بسبب تواجدهم في الضفة الغربية المغلقة، حصار هنا و ترويع هناك، ثلاثة أطفال صغار سامر،فداء و جمال إبن الثلاثة أشهر في عهدة الأم الشابة إبنة الواحد و العشرين ربيعا، و بالرغم من قلة الخبرة إلا أنها صبرت و ثبتت و إحتضنت أطفالها و أرضعتهم حبا و شموخا و كبرياء، و كانت دوما تستمد قوتها من خلال زوجها حيث تستذكر عبارته الرائعة  "إن الذين يدخلون السجن بسبب مبادئهم أكثر حرية من الذين يحسون بعبوديتهم و يسكتون عليها خوفا من السجن، ويعتقدون بأنهم أحرار وهم في واقع الأمرأكثر عبودية من الذين داخل السجن".

 

الوالدة الحاجة أم أحمد و التي تجاوزت سنوات عمرها الثمانين، فقد إنقطعت منذ ما يزيد عن العام عن زيارة إبراهيم بسبب تردي وضعها الصحي، فكانت سابقا تواظب على زيارته، و تحدت مرضها و عمرها المتقدم، وتحملت مشاق السفر و الإنتظار، فهي اليوم تدعو الله أن يكحل عينيها برؤية إبنها و أن تحتضنه و لو لمرة واحده قبل أن تلقى أجله

 

على موعد مع الفجر

الابنة فداء تطلق صرخة عالية مدوية و تقول للمسؤولين : أسرى القدس .... إلى متى ؟؟؟  أريد أبي !!!  فهل من مجيب ؟؟؟ 

 

أما أم سامر و جميع أبناء العائلة فإن أملهم بالله كبير بأن يلتم الشمل و يوجهون رسالة إلى آسري الجندي شاليط، بأن أسرى القدس هم جزء من القدس، و القدس هي البوصلة، و الإفراج عن أسرى القدس ضمن الصفقة يعني تمسكنا بالحق التاريخي و الوطني و الأخلاقي اتجاه القدس