خبر جواز سفر تركي للفلسطينيين

الساعة 07:31 ص|27 مارس 2010

جواز سفر تركي للفلسطينيين

بقلم الإعلامي التركي الشهير حقان البيرق

عبر ممثل مجلة غيرتشك حياة (الحياة الحقة) في سوريا آدم أوزكوسه تمكنا أخيرا من تحويل صداقتنا لأيمن خالد الذي كنا على اتصال معه من بعيد طيلة سنوات من صداقة غيابية إلى صداقة وجها لوجه. ففي الأسبوع الماضي ـ وعبر آدم أيضا ـ تقابلنا في الشام الشريفة وتعانقنا وسألنا بعضنا عن أحوالنا. وأيمن خالد صحفي وكاتب فلسطيني يُعد الرأي العام العربي لـ "شرق أوسط جديد مركزه تركيا" من خلال مقالاته التي يكتبها في بعض الصحف كالقدس العربي والاستقلال والوفاق، وعبر تعليقاته التي قدمها من خلال تلفزيون الجديد أثناء حرب غزة. هو فلسطيني لكنه أردني المولد، يحمل الجنسية اليمنية، ويقيم في سوريا. لقد ولد وترعرع لاجئا. هُجَّر والده من حيفا إبان تأسيس نظام الاحتلال الصهيوني. وهو لم يرى حيفا قط لكنه يقول وبإصرار "أنا حيفاوي".

 

 ويضيف "بما أن تركيا هي وريثة الدولة العثمانية فإن تركيا هي دولتي أنا أيضا". وهو لا يقول هذا بدافع العاطفة فقط بل يرى أن الأمر كذلك / يجب أن يكون كذلك من الناحية القانونية أيضا. ومقصده عبارة عن الآتي: "لقد كانت فلسطين أرضا عثمانية وفي عام 1917 دخلت تحت الانتداب البريطاني إلا أنها لم تصبح أرضا بريطانية بل ظل الفلسطينيون مواطنون عثمانيون. ومع انتهاء الانتداب البريطاني عام 1948 كان يجب أن يجنس الفلسطينيون بالجنسية التركية ونحن نرجو من تركيا التي نشعر تجاهها برابطة قلبية وقانونية أن تنظر إلينا كمواطنيها وأن تقوم بما ينبغي لذلك. لقد قال فخامة رئيس جمهوريتنا عبد الله غول ‘إن صك فلسطين لدينا’ وبالفعل إن صك فلسطين في تركيا لهذا السبب فإننا نحن الفلسطينيين نستحق الجنسية التركية".

 

( إنها نظرية جادة وجديرة بالاهتمام)  .  لكن يمكن بالتأكيد التفكير بمنح الهوية التركية للفلسطينيين الذين اضطروا لمغادرة أوطانهم عام 1948وما قبل ذلك وعلى الأخص للذين لم يتجنسوا / يجنسوا منذ ذلك الحين بجنسية أي دولة ويذوقون الأمرين في مخيمات اللاجئين في دول كالأردن ولبنان. يمكن على الأقل منح جواز سفر تركي لفلسطينيي المهجر.

 

 إن جواز سفر تركي يمكن له أن يخفف ولو نذرا يسيرا من المعاناة التي يكابدها اللاجئون الفلسطينيون منذ 62 عاما الذين يتعرضون عادة لضغوط إدارات الدول العربية التي يقيمون فيها كلاجئين باستثناء سوريا واليمن والسودان.

 

لقد تمزقت عائلات معظمهم وبات جزء منها في فلسطين والآخر في الأردن والآخر في لبنان وفي سوريا واليمن ومصر والسودان وأمريكا وأوربا. ولأن وثائق السفر (جوازات خاصة للاجئين) التي يحصلون عليها من الدول العربية التي يلتجئون إليها "غير كافية" عادة ـ أو لأنهم لا يحصلون على أي وثيقة سفر أصلا ـ قد لا يتمكن اللاجئون الفلسطينيون حتى من رؤية أقاربهم في الدول المجاورة طيلة سنوات. وكي يتمكن فلسطيني مثلا يحمل جواز سفر فلسطيني - سوري من زيارة قريب له في الأردن يتعين على قريبه في الاردن رهن منزل... في إطار السياسة التي ينتهجها العرب للوقوف إلى جانبهم منح اليمن الفلسطينيين جوازات سفر يمنية. إلا أن لاجئا فلسطينيا لا يعيش على أرض اليمن لا يستطيع الحصول على تأشيرة من القنصلية التركية وإن كان صحفيا وكاتبا مشهورا يدافع عن تركيا بشغف وشوق مثل أيمن خالد الذي رُفض طلبه للحصول على تأشيرة وقالوا له "اذهب وراجع القنصلية التركية في اليمن". كما أن الفلسطينيين الذين يحملون جوازات تابعة للسلطة الفلسطينية دون أن يتمكنوا من دخول الضفة الغربية بسبب العوائق التي تفرضها إسرائيل ـوالذين بالتالي لا يستطيعون مراجعة القنصلية في رام الله أو القدس ـمحرومون هم أيضا من التأشيرة... فليمنح جواز السفر التركي للاجئين الفلسطينيين وحتى لجميع أهالي غزة والضفة الغربية، أجل. فليمنح كي يتمكنوا على الأقل من الدخول بيسر إلى الدول التي لا تفرض تأشيرة على تركيا وليتمكنوا من زيارة أقاربهم. ليتمكنوا من الدخول بيسر إلى تركيا أيضا التي يرفعون علمها في المظاهرات. يتعين على رئيس الوزراء أردوغان الذي يعتبره الفلسطينيون بمثابة رئيس وزراء لهم، وعلى حكومة حزب العدالة والتنمية التي يعتبرها الفلسطينيون بمثابة حكومتهم، وعلى الجمهورية التركية التي يعتبرها الفلسطينيون بمثابة جمهوريتهم ينبغي عليهم حتما بحث هذا الأمر.

 

 عند انتهاء الانتداب البريطاني لقبرص زعمت تركيا أحقيتها في الجزيرة وأصبحت ضامنة للقبارصة الأتراك الذين كانوا مواطنين عثمانيين سابقين. وكي يتمكنوا من التجول بحرية منحتهم تركيا جواز سفر الجمهورية التركية وهي لا تزال تمنحه لهم رغم أنهم مواطنو جمهورية شمال قبرص التركية... إذا لم تكن الجمهورية التركية دولة عرقية (وهي ليست كذلك كما ينص عليه الدستور) فإنه يجب عدم رؤية فرق بين وضع القبارصة الأتراك ووضع الفلسطينيين.

 

 *** ملاحظة: أول ما يجب عمله على المدى القصير هو إعفاء المواطنين الذين يحملون جواز سفر صادر عن السلطة الفلسطينية من التأشيرة. ولماذا لا تمنح لهم التسهيلات التي تمنح للمواطنين السوريين واللبنانيين والأردنيين والليبيين؟