خبر عملية خانيونس.. بين الواقع والحقيقة في تبني الفصائل!

الساعة 09:50 م|26 مارس 2010

عملية خانيونس.. بين الواقع والحقيقة في تبني الفصائل!

كتب/ محمود أبو عواد

في تمام الساعة 3:45 من بعد ظهر الجمعة 26-3-2010م، تيقظت أُذن المواطنين في منطقة شرق خانيونس على طلقات نارية وانفجار عنيف هز المنطقة الشرقية من المحافظة، وما إن لبث المواطنون لمعرفة ما يدور إذ بالطائرات الحربية بأنواعها المختلفة قد سمع دوي هديرها في أنحاء المنطقة، وبدأت تقصف المنطقة إلي جانب المدفعية المتمركزة داخل الأراضي المحتلة عام 48م.

 

وبدأ المواطنون في قاطبة مناطق القطاع ينتظرون الأخبار التي يتداولها الإعلام المحلي، ويتقمصون أي خبر عن ما يدور، إلى أن انكشفت الأمور رويداً – رويداً، وسربت المصادر الصهيونية أنباء عن مقتل اثنين من ضباطها على يد مقاومين فلسطينيين أثخنوا الجراح في العدو، وفيما كانت تعم حالة ممزوجة من الفرح والترقب لدى الفلسطينيين، بدأت تتوارد المعلومات عن وجود شهداء وإصابات إثر القصف الذي كان متواصلاً في المنطقة.

 

وقد خرجت وسائل الإعلام المحلية بذكر اسم "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنها تقف خلف العملية بما فيها وسائل الإعلام التي تتبع لحماس؛ وبعد صمت طويل ورفض تعقيب من قبل السرايا حفاظاً على أمن المجاهدين في المنطقة، خرجت "كتائب الأقصى" وتحدثت في بيان طويل عريض عن تبني العملية، ثم خرجت "كتائب القسام" لتبني العملية وقالت في رسائل "اس ام اس" وزعت على الصحفيين في غزة (أنها تتبني قتل جنديين إسرائيليين شرق خانيونس) دون أن توضح كيفية العمل كالعادة في الرسائل التي يتم توزيعها على الإعلام، ثم أوردت بياناً مقتضباً وقالت أن عناصرها تصدوا لقوة خاصة فقتلوا اثنين من عناصرها.

 

وبعد الصمت الطويل من قبل "سرايا القدس" التي أفردت وسائل الإعلام المحلية بالإضافة للمواطنين الفلسطينيين في منطقة خانيونس مسؤوليتها عن العملية نتيجة معلومات ميدانية كانت تتوارد، خرجت السرايا عن صمتها رغم الوضع الأمني الذي كان يحيط بعناصرها في المنطقة من منفذي العملية وأعلنت مسؤوليتها عن العملية بشكل كامل وقتل الضابطين الصهيونيين، والتي قالت في بيانها (أن عملية قتلهم جاءت بعد اشتباكات عن قرب بين عناصرها والقوة العسكرية الصهيونية والتي حاولت قتل عناصرها أثناء محاولتهم زرع عدة عبوات ناسفة وتفجير إحدى العبوات المجهزة).

 

وبدأت المناكفات بين عناصر الفصائل للتسابق حول التبني في المنتديات الحزبية وغيرها، أو في المساجد والشوارع، لكن روايات الجيش الصهيوني كشفت الكثير من زيف الروايات لفصائل عن أخرى، فجاءت على النحو التالي:

 

كتائب القسام قالت :التصدي لقوة صهيونية توغلت مسافة 500 متر تم استهدافها عبر القناصة والسلاح المتوسط فقتل ضابطين.

كتائب الأقصى قالت: تم محاصرة مجموعة من عناصرها وتمكنوا من مباغتة الاحتلال ومحاصرتهم وتفجير عبوة وقتل ضابطين.

سرايا القدس قالت: مجموعة من عناصر السرايا كانت تزرع عبوات ناسفة وحاولت قوة عسكرية بقتلهم فأقدم عناصرها على استهداف قوات الاحتلال عن قرب وتفجير عبوة ناسفة ومقتل الضابطين الصهيونيين.

 

ولتفسير حقيقة ما جاء في بيانات الفصائل نكتشف التالي من خلال روايات الجيش الصهيوني وقيادة الاحتلال التي معنية أكثر من غيرها بكشف التحقيق العلني على الأحداث لظروف وحسابات معقدة يعلمها الجميع.

 

في راوية الجيش الصهيوني الأولي قال البيان الصادر عن الجيش (إن وحدة من كتيبة 12 في لواء جولاني في الجيش الإسرائيلي، دخلت إلى مناطق قطاع غزة بالقرب من معبر "كوسوفيم" وذلك بهدف فحص أجسام مشبوهة شوهدت في المنطقة منذ الصباح، حيث أعطي القرار للمجموعة الساعة الرابعة عصرا بدخول المنطقة من اجل التأكد إذا كانت هذه الأجسام المشبوهة عبوات ناسفة؛ وأنه لحظة دخول الجنود إلى المنطقة الفلسطينية اصطدموا مع مجموعة من المقاومين تضع عبوة ناسفة ليس بعيدا عنهم إلا عشرات الأمتار، حيث فتحوا النيران على المجموعة الفلسطينية وجرى ملاحقة لهم، وأثناء ذلك انفجرت عبوة ناسفة في الجنود الإسرائيليين وتم إطلاق نار من أسلحة خفيفة من قبل عناصر المقاومة).

 

ثم عاد الجيش الصهيوني لإصدار بيان آخر جاء فيه (لقد اشتبهت قوة عسكرية بوجود عبوات ناسفة قرب كوسوفيم، واقتربت القوة من المنطقة فاصطدمت بمجموعة من المقاومين تزرع العبوات فأطلقت النار اتجاههم إلا أن أحد المقاتلين أطلق النار من بعد أمتار فقتل الجنود).

 

ثم قال رئيس المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال اللواء يوآف غالانت في تصريح لوسائل الإعلام العبرية حول تفاصيل العملية (إن الجنود الإسرائيليين حاولوا قتل مقاومين فلسطينيين كانوا يخططون لزرع عبوة ناسفة بالقرب من الجدار الأمني على حدود قطاع غزة، حيث اخترقوا الجدار لعدة أمتار؛ وقام أحد المقاومين الفلسطينيين بإطلاق النار على الجنود من مسافة قريبة للغاية، حيث قتل الضابط "اليزر بيرتس" بالرصاص، فيما قتل جندي وأصيب اثنان جراء انفجار قنبلة يدوية كانت بحوزتهم).

 

وإن جئنا لبيانات الفصائل ومقارنتها ببيانات وتصريحات قادة الاحتلال فنجد التالي::-

كتائب القسام قالت أنه بالسلاح المتوسط والقناصة تمكنت من قتل الضابطين، فكيف حدث ذلك والاحتلال يؤكد في ثلاث روايات متتالية ورسمية أن قتل ضابطيها كان عن قرب أمتار رغم اختلاف الراوية إن كان بعبوة ناسفة أو بإطلاق نار عن قرب؛ ومن المعروف أن أي عملية قنص أو استخدام السلاح المتوسط يتوجب أن يتم عن بُعد لا يقل عن 250 متر.

 

كتائب الأقصى قالت تم محاصرة مجموعة من عناصرها وتمكنوا من مباغتة الاحتلال ومحاصرتهم وتفجير عبوة وقتل ضابطين، فكيف حدث ذلك وغالبية المواطنين في شرق خانيونس كانوا يتحدثون عن أسماء منفذي العملية من عناصر السرايا عندما أشيع عن استشهادهم، وأصيب اثنين منهم وتم فقدان آخر حسب بيان السرايا، ثم أن الاحتلال لم يتحدث عن محاصرة قوته العسكرية، فيما قال أنه اصطدم بالمجموعة التي كانت تزرع العبوات واشتبك معها.

 

سرايا القدس قالت مجموعة من عناصرها كانت تزرع عبوات ناسفة وحاولت قوة عسكرية بقتلهم فأقدم عناصرها على استهداف قوات الاحتلال عن قرب وتفجير عبوة ناسفة ومقتل الضابطين الصهيونيين؛ ولعلها كانت الراوية الأقرب تماماً لروايات جيش الاحتلال سواء من الرواية الأولى لبيان الجيش الإسرائيلي الذي تحدث عن انفجار عبوة ناسفة واشتباكات عن قرب، أو البيان الآخر الذي تحدث عن اشتباكات عن قرب وانفجار قنبلة يدوية كانت على صدر يد أحد الجنود اثر إصابتها بالرصاص، أو الرواية الثالثة لقائد المنطقة الجنوبية "غالنت" الذي قال أن مجموعة كانت تزرع عبوات عدة أمتار إلي داخل الحدود، وتم محاولة مباغتتها فقتل أحد المسلحين عن قرب ضابط وأصاب آخرين".

 

هذا التوضيح الذي أوردته لا يعبر عن حالة تعصب حزبي، إنما جاء لكشف حقيقة غائبة عن أصحاب العقول الذي قتل فيهم التعصب الحزبي الأعمى كل روح لتقبل الآخر وتقبل أي حقيقة لا تناسب مزاجه ومزاج الحزب الذي ينتمي إليه.

 

وفي الخلاصة لا يمكنني إنكار دور المقاومين الآخرين في الميدان أينما كانوا، ولا يمكنني إلا أن أدعو الله بثبات المجاهدين وتوحيد صفوفهم.