خبر كتاب صريح... إلى القمة العربية ..معن بشور

الساعة 09:15 ص|26 مارس 2010

كتاب صريح... إلى القمة العربية ..معن بشور

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا نطالبكم، وانتم تهيئون أنفسكم لقمة عربية جديدة، بأن تكونوا أبطالاً وأن كان بين مواطنيكم العديد من الأبطال الذين تعتز بأسمائهم الأوطان والأزمان.

ولا ندعوكم، وانتم تجهّزون خطبكم لإعلانها من منبر القمة، لأن تعلنوا حروباً على أعداء الأمة ومنتهكي سيادتها ومقدساتها ومغتصبي حقوق أبنائها، رغم أن في تاريخنا القريب والبعيد الكثير من الشواهد على حروب خاضتها امتنا وانتصرت فيها وحررت أرضها، سواء كانت حروباً دفاعية أو هجومية، حروب شنتها جيوش أو مقاومات احتضنتها شعوب.

ولا نناشدكم أن تكونوا مثاليين في تطلعاتكم، وطموحين في أهدافكم، رغم أن تحرر الأمم واستقلالها وتقدمها هو في الأساس ثمرة فكرة مثالية، ورؤية طموحة، مقرونتين بعزيمة صلبة وإرادة قوية.

ولا نتوقع منكم، والعياذ بالله، أن تكونوا ديمقراطيين فتفتحوا السجون أمام معتقلي الرأي من مواطنيكم، وتفتحوا ذراعي الأوطان لتستقبل أبناءها المبعدين والمنفيين، وتشركوا الشعوب في تقرير شؤونها، وان كنا نرى انه كلما ضاقت الفجوة بين الحاكم وشعبه، كلما ازداد الحاكم قوة والشعب حباً للحاكم واحتراماً له..

ما نطلبه منكم أن تكونوا فقط واقعيين، فتقرأوا جيداً ما يدور حولكم، وتدرسوا مليا ما مررتم به من تجارب، وتستخلصوا بتجرد الدروس والعبر التي تحفظكم حيث انتم، وتحفظ لشعوبكم استقلالها وكرامتها ومنعتها وازدهارها.

ألا تستحق مثلاً منكم، وقفة، كلمات قالتها هيلاري كلينتون أمام 'الايباك' الصهيوني، قبل أيام، بان الكيان الصهيوني مهدد بثلاث : التكنولوجيا والديموغرافيا والايديولوجيا رغم كل ما غلفت تحذيرها من كلمات الدعم لهذا الكيان، وتعابير المساندة لأمنه، وصيغ التمسك بوجوده. فكلينتون في النهاية تريد مصلحة حليفها الصهيوني لذلك تحذره من مخاطر تهدده.

ثم ألا يستحق منكم بعض التأمل تقرير البنتاغون الذي يعلن أن القدرة العسكرية الصهيونية على مساندة الاستراتيجية العسكرية الأمريكية باتت محدودة جداً بعد انكشافها وفشلها في حرب 2006 على لبنان، بل ألا تستحق تفكيراً منكم شهادة قائد المنطقة المركزية الوسطى الجنرال بترايوس أمام لجنة في الكونغرس 'بان الكيان الصهيوني بات يشكل 'عبئاً استراتيجياً' على مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي'.

ثم ألا تستحق منكم بعض الدراسة تلك الإشارات المتعددة التي تأتي من كل أنحاء العالم من تقرير غولدستون، إلى مطاردة مجرمة الحرب ليفني، وقبلها باراك، في لندن، ومناقشات البرلمان الفرنسي حول سياسة ساركوزي وكوشنير تجاه الممارسات الإسرائيلية، وبيان اللجنة الرباعية في موسكو، وتصريحات أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته إلى فلسطين المحتلة، والاهانات التي تلقاها من الصهاينة استكمالاً لاهانة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ومبعوث الرئيس اوباما جورج ميتشل، وصولاً إلى طرد ممثل الموساد من لندن استباقاً لخطوات مماثلة قد تتخذها فرنسا وايرلندا واستراليا بحق من زوّر جوازات سفر بلادها، وانتهك سيادتها، ونقل سلاحاً عبر طائراتها، وأرتكب جريمة إرهابية موصوفة كجريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح.

ثم ألا يحق للمواطن العربي أن يسأل كل واحد منكم، ملكاً أو رئيساً أو أميراً، عما حققته سياسات ومبادرات وعلاقات واتفاقيات كان النظام الرسمي العربي غارقاًُ في متطلباتها ومقتضياتها، فازداد ضعفناً ضعفاً، وهواننا هواناً، وانقسامنا انقساماً، وتراجعنا تراجعاً، وإذلالنا إذلالاً، وألمنا ألماً، وخذلاننا خذلاناً، وانهياراتنا انهياراً.

الم تؤد هذه السياسة إلى أن نخسر فلسطين شبراً شبراً، وبيتاً بيتاً، وحقلاً حقلاً، وشهيداً شهيداً، والى أن نرى العراق، هذا المدماك الشامخ العزيز في بناء امتنا، محتلاً مهدماً، ممزقاً، مسلوب الإرادة والخيرات، بل إلى أن يصبح كل قطر من أقطارنا مهدداً في أمنه الوطني، في لقمة خبز أبنائه، في مشاريع تنميته، وبشكل خاص في وحدته التي تحاصرها حروب أهلية معلنة أو كامنة، قائمة أو داهمة.

ولا يخفاكم، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أن المطلوب منكم كثير والمأمول قليل، وأن الحاجة إلى قرارات جريئة وحازمة كبيرة، فيما الثقة بإمكانية اتخاذها من قبلكم شحيحة، وبإمكانية تنفيذها من طرفكم أكثر شحه.

ولن أضيف هنا شيئاً إلى كلام كثير ورد في مذكرات موجهة إليكم، والى اقتراحات عملية ملموسة قدمها مختصون ومعنيون إلى اجتماعكم، لكن المطلوب رؤية وإرادة، رؤية تفتح السبل أمام الإرادات وإرادات تصوغ الرؤى.. فهل نسلك الدرب الصحيح؟ أم تتسع الهوة من جديد بين الحاكم والناس؟

 

' مفكر لبناني

والرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي