خبر القدس العربي: الخلاف يحتدم بين حماس والجماعات المتشددة في غزة

الساعة 05:18 ص|26 مارس 2010

فلسطين اليوم-القدس العربي

رغم انخفاض حجم المواجهات الخفية بين شبان يحملون افكارا متشددة وبين حكومة حماس في غزة بسبب تراجع الهجمات التي ينفذها الشبان ضد مقاهي الانترنت وصالونات التجميل، الا ان الاحتدام عاد من جديد بسبب الخلاف على عمليات اطلاق الصواريخ في هذه الأوقات على جنوب اسرائيل.

وفي مؤشر يعتبره مسؤولون في حكومة غزة بانه يدل على قدرتهم على ضبط الامن، تراجعت بشكل كبير خلال الاسابيع القليلة الماضية عمليات التفجير الليلية التي كانت تستهدف مقاهي للانترنت وصالونات تجميل، ومحال بيع اشرطة الكاسيت، والتي كانت حكومة غزة تتهم افرادا يحملون افكارا متشددة بالوقوف خلفها.

فخلال الشهرين المنصرمين تحدثت تقارير حقوقية عن ارتفاع عمليات التفجير التي طالت الى جانب المحال السابقة عربات تعود لضباط في شرطة حماس، وهدأت هذه الموجة من الاستهداف مع مطلع الشهر الجاري، وتفيد معلومات وردت لـ 'القدس العربي' ان الامر عائد لحملة امنية نفذتها قوات الامن، بدأت باعتقال محمود طالب قائد احدى هذه المجموعات المتشددة.

ورغم نفي 'ابو البراء المصري' احد مسؤولي جماعة 'جند انصار الله' في بيان مسؤولية تنظيمه عن شن هذه الهجمات، التي قال انها نتاج 'خلافات داخلية'، الا ان المهندس ايهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة قال لـ 'القدس العربي' انه جرى اعتقال شبان يحملون افكارا متشددة لضلوعهم في هذه العمليات، لافتا الى ان اعمارهم في الغالب تقل عن العشرين عاما.

لكن الغصين نفى بشدة ان يكون لهؤلاء المتشددين الذين وصفهم بـ'الجماعات التكفيرية'، اي ارتباط بتنظيم 'القاعدة' الدولي، الذي يقوده اسامة بن لادن، واكد ان المعلومات الامنية تؤكد عدم وجود اي ارتباطات خارجية او داخلية لهؤلاء الشبان، لافتا الى ان الاسلحة التي يستخدمونها في عمليات تفجير المحال بدائية ولا تحتاج اموالا كثيرة لتصنيعها.

وهو امر ينفيه ايضا المتشددون الذين يقولون انهم يلتقون مع القاعدة التي يحترمون زعيمها بن لادن في 'الدعوة الى الجهاد'.

كذلك ينفي المسؤول في وزارة الداخلية وجود رأس او هيكل تنظيمي لهؤلاء المتشددين، مشيرا الى انهم 'لم يصلوا لمستوى المجموعات المنظمة او الفصيل'، ويذكر انهم مجرد افراد، وان بعض المجموعات التي ينتمون لها لا يتعدى افرادها عدد اصابع اليد الواحدة. ومنذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف شهر حزيران (يونيو) من العام 2007، تشهد العلاقة بين الحركة والمتشددين اضطرابا، وتتهم هذه الجماعات حركة حماس بانها ابتعدت عن مبادئ الاسلام.

وتفيد معلومات حصلت عليها 'القدس العربي' ان الجماعات المتشددة وتحمل اكثر من مسمى مثل 'جند انصار الله'، المعروفة باسم 'جلجلت' و 'كتائب التوحيد'، و'جيش الامة' تحاول لململة اوضاعها الداخلية من جديد والتي تأثرت كثيرا بعد تلقيها ضربة موجعة ادت الى اضعاف قوتها بعد مقتل الدكتور عبد اللطيف موسى الأب الروحي لها، خلال اشتباكات دارت صيف العام الماضي بينهم وبين قوات امن حماس في مدينة رفح جنوب القطاع، اسفرت وقتها عن مقتل 26 مسلحا من الطرفين.

حيث اكد احد نشطاء هذه الجماعات ان 'عدد افراد التنظيم تراجع'، بعد مقتل الدكتور موسى، المكنى بـ'ابو النور المقدسي'، ولفت الى ان هناك محاولات للملمة الحالة من خلال 'التركيز على جهاد الصهاينة'، حسبما قال.

وهو امر بدا جليا من خلال زيادة عمليات اطلاق الصواريخ محلية الصنع على جنوب اسرائيل خلال الاسابيع القليلة الماضية، والتي تبنت جماعات متشددة في عدة بيانات مسئؤليتها، والتي ادت احداها الى مقتل عامل تايلندي يعمل في احدى الدفيئات الزراعية. لكن الامر لم يلاق استحسانا من حركة حماس وحكومتها في غزة، التي تطالب بتوافق فلسطيني على شن الهجمات، وتنتقد اي اعمال لا يكون لها مرجعيات او توافق وطني.

يشار في هذا السياق الى الفصائل الفلسطينية المسلحة الكبيرة توقفت عن مهاجمة جنوب اسرائيل بالصواريخ، واكتفت بمواجهة عمليات التوغل الحدودية، في اطار استراتيجية انتهجتها منذ انتهاء حرب 'الرصاص المصبوب'.

وقبل ايام قليلة وصف الدكتور محمود الزهار عضو المكتب السياسي في حماس في مقابلة تلفزيونية مع قناة 'العالم' عملية اطلاق الصواريخ في هذه الاوقات بأنها 'عمل مشبوه'، مشيرا الى انها 'تهدف الى افساح المجال امام الاحتلال للاستفادة من ذلك اعلاميا وحرف الانظار عن جرائمه في الاراضي المحتلة'، واشار القيادي في حماس الى ان بعض الفصائل التي تطلق الصواريخ 'لا تحمل رأسا حربيا للاستفادة من ذلك'.

وقد وجهت تصريحات الزهار باستنكار من الفصائل، غير ان حماس قالت في وقت لاحق ان تصريحاته 'استخدمت بشكل مغلوط'، واكدت دعمها للمقاومة، مشيرة الى ان الزهار قصد بتصريحاته 'عناصر منفلتة عن بعض التنظيمات المجاهدة وبعض عناصر يعملون بتوجيهات من جهات غامضة عبر الانترنت، وضمن خطة مرسومة لهم لا يدركون اهدافها'.

وفي هذا الصدد قال ايهاب الغصين لـ 'القدس العربي' ان الفصائل الفلسطينية المعروفة هي من تقرر الاستراتيجية الفلسطينية وليس تسميات (يقصد بها الجماعات المتشددة) لم تر في حرب غزة الماضية'.

وذكر الغصين ان افراد هذه الجماعات التي يصفها بـ'التكفيرية'، يحاولون 'صياغة مستقبل الشعب دون حكمة'، متهما بعضهم بالعمل اما لصالح المخابرات الاسرائيلية، او لصالح المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية، وقال ان اجهزة الامن في غزة كشفت عن مجموعة تتلقى اوامر من المخابرات الفلسطينية في مدينة نابلس.

ويؤكد احد نشطاء الجماعات المتشددة ان قوات الامن في غزة واصلت عمليات الاعتقال والملاحقة لعناصر الجماعات الجهادية، 'بهدف وقف عمليات المقاومة'.

وحاولت 'القدس العربي' التعرف على هذه الجماعات، وقال احد رجال الدين المطلعين على اوضاعها وطلب عدم ذكر اسمه ان تنظيم 'القاعدة' لم يعط البيعة لأي من هذه الجماعات، مؤكدا ان ايا منها لا يرتبط بأي علاقة رسمية بالتنظيم العالمي.

واشار الى الانتشار الواسع للانترنت، ووجود مواقع مقربة من تنظيم القاعدة ساهمت في 'تحويل فكر الشبان الى التشدد'.

وارجع سبب توجه هؤلاء الشبان الى التشدد لـ'الخلافات القائمة بين جميع الفصائل الفلسطينية، خاصة فتح وحماس'، اضافة الى 'الانتصارات' التي حققها تنظيم القاعدة في العراق وافغانستان.

لكن رجل الدين قال في هذا السياق ان تنامي الفكر المتشدد في غزة لن يكون على غرار العراق وافغانستان وباكستان 'لان الوضع هنا مختلف تماما'.