خبر المسجد الأقصى والوُجهة الحقيقية للصراع ..هيثم محمد أبو الغزلان*

الساعة 02:31 م|25 مارس 2010

المسجد الأقصى والوُجهة الحقيقية للصراع ..هيثم محمد أبو الغزلان*

 

وافقت ما يسمى "بلدية القدس" على بناء 20 وحدة سكنية على أنقاض فندق فلسطيني في القدس الشرقية. كما ذكرت تقارير صحفية أن جماعات يهودية متطرفة تستعد لاقتحام المسجد الأقصى وذبح "قرابين" وذلك بالتزامن مع انعقاد القمة العربية الدورية الثانية والعشرين والمقررة في مدينة سرت الليبية الأسبوع المقبل.

 

هذا التهديد اليهودي الجديد للمسجد الأقصى يأتي بعد ساعات من خطاب نتنياهو، أمام اللوبي الصهيوني الأمريكي في واشنطن وتأكيده على استمرار خطط حكومته الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة باعتبارها عاصمة "إسرائيل" الموحدة  وليست مستوطنة، على حد تعبيره.

 

كما يأتي التهديد، في الوقت الذي حذر فيه مسؤولون فلسطينيون من وجود تحركات سياسية "إسرائيلية" لضم "الأقصى" لقائمة التراث "الإسرائيلية" المزعومة، أسوة بضم الحرم الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية الشهر الماضي، في ظل ردود الأفعال الباهتة ولم تصل إلى المستوى المطلوب سياسيًّا وجماهيريًّا وعربيًّا.

 

وكان تعهد رئيس وزراء العدو السابق أيهود أولمرت، في (29/01/2008)، أمام رئيس حزب شاس الصهيوني إيلي يشاي، بأن «إسرائيل» لن تجمد الاستيطان في القدس، كما أن وزير الحرب إيهود باراك تعهد بدراسة عدم وقف الاستيطان في جبل أبو غنيم بالقدس.

 

وفي سياق هذه السياسة الصهيونية المبرمجة التي تستهدف جميع المقدسات الإسلامية في فلسطين، هو قيام عشرات الصهاينة باقتحامات متكررة لساحة الأقصى ومنبر صلاح الدين، وكذلك قيام سلطة وجيش الاحتلال بتسجيل ممتلكات عقارية عربية وأوقاف إسلامية في البلدة القديمة بالقدس في قسم التسجيل بوزارة الداخلية الصهيونية «الطابو»، وتسجيلها على أساس أنها أملاك يهودية وإطلاق أسماء عبرية عليها رغم أنها أملاك عربية كانت تتبع الوقف الإسلامي.

 

فالكيان الصهيوني الغاصب يواصل إرهابه وإجرامه الدموي بغطاء ومباركة دولية، عبر الاعتداءات والاقتحامات وعبر التوسع في المشاريع الاستيطانية في القدس المحتلة وإنشاء المزيد من المغتصبات وتسمين القائم منها وطرح مناقصات لبناء أحياء استيطانية جديدة على أراضي صور باهر والمكبر، ناهيك عن القضم المنهجي لما تبقى من أرض مقدسية أتى عليها جدار الضم/ الفصل العنصري.

 

في الوقت نفسه تتواصل الحفريات أسفل المسجد الأقصى حتى بلغت أخطر مراحلها، وتهدد بقاءه تمهيداً لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.

 

إن الموقف الصهيوني ليس بالجديد بل إنه الموقف الطبيعي، إلا أن ما هو غير طبيعي هو هذا التخاذل العربي المطبق عن النصرة، نعم هناك أصوات تعلو هنا وهناك ولكنها تبقى أصواتاً باهتة، وغير مؤثرة، لقد غاب التأثير مع غياب التحرك المنظم لإنقاذ الأقصى والقدس، فلا نكاد نلمس ردود فعل عربية أو إسلامية قوية على عمليات التخريب والتهويد والتشويه المستمرة والمتواصلة، وكأني بأن ما يجري في هذه البقعة المقدسة هو خارج هذا العصر الصهيو ـ أمريكي بامتياز.

 

القدس اليوم في أخطر مراحل احتلالها، ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية لم تنجح في توجيه أية رسائل تفيد بأن الأمة تتحرك وتتصدى، مما يغري بالمزيد من التطرف والمزيد من الأذى.

 

فالتحذيرات التي أطلقها ويطلقها الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل أراضي عام 1948، من أن الحفريات التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وصلت إلى «منطقة الكأس في عمق المسجد الأقصى المبارك تحت الأرض، الواقعة بين قبة الصخرة المشرفة والمسجد القبلي داخل المسجد الأقصى»، تدق ناقوس خطر يشير إلى أن المسجد الأقصى مقبل على انهيار قد يقع أقرب مما يٌتوقع، بسبب قرب وعمق حفريات سلطات الاحتلال المتعمدة، وبسبب نوعية الحوامض الكيماوية المستخدمة، التي تتغلغل تحت عمق المسجد الأقصى، بحيث تشكل خطراً على الأركان التي يقوم عليها المسجد.

 

فسرائيل تسعى أن تكون القدس عاصمتها الموحدة. لكن منذ اتفاقات أوسلو عام 1993 تجري مفاوضات مع بعض القيادات الفلسطينية التي تريد أن تقيم عاصمة لدولتها في نهاية المطاف في القدس.

 

ومن بين النتائج المحتملة إقامة عاصمة فلسطينية في المنطقة الشرقية من القدس مع التوصل إلى صيغة ما لسيطرة مشتركة أو دولية على الأماكن المقدسة. وترفض معظم القوى والحركات وعموم الشعب الفلسطيني التنازل عن القدس أو عن أجزاء منها.

 

فإسرائيل تمضي ببناء مستوطنات يهودية تفصل القدس الشرقية بالفعل عن الضفة الغربية ومن خلال التفرقة في المعاملة التي تدفع الفلسطينيين إلى الرحيل عن المدينة المقدسة.

 

ويواجه العرب كثيرا من العقبات للحصول على حق الإقامة في القدس وبخاصة إذا عاشوا خارجها لأي فترة من الزمن وأنهم لا يحصلون عادة على تراخيص لبناء منازل جديدة كما أن خدمات البلدية ضعيفة في مناطقهم. ويقتطع الجدار العازل في الضفة الغربية بالفعل بعض المناطق النائية التي يسكنها عرب من بلدية القدس عن مركز المدينة.

 

ويدرك الجميع بما فيهم الكثير من الإسرائيليين، بأن الممارسات والإجراءات الإسرائيلية بحق المقدسيين العرب، تدفع بهم إلى التصدي ومقاومة الاحتلال والدفاع عن حقوقهم ووجودهم في المدينة المقدسة، وأن جذر المشاكل وسببها المباشر هو الاحتلال، والذي يقتل الإنسان المقدسي في اليوم ألف مرة؟!

 

وهنا أجد من الهام جداً أن أؤكد على قضية خطيرة جداً.. وهي أن التركيز على قضية الحفريات والانهيارات في أرضية المسجد الأقصى المبارك في الفترة الحالية ينبغي أن لا يعمي نظرنا عن الخطر الحقيقي على المسجد الأقصى ، وهو الاحتلال نفسه؛ فهذا الاحتلال كان وما زال وسيبقى الخطر الأكبر الذي كان يتهدد الأقصى، وكل ما نراه اليوم ما هو إلا نتيجة لذلك الاحتلال الظالم، وكل هذه الانهيارات لا تعدو أن تكون مقدمة لاستكمال الاحتلال بإخراج المسجد الأقصى أو أجزاء منه من حوزة المسلمين نهائياً، وما حائط البراق منا ببعيد. فهل يستطيعون؟!!

 

 

 

·        كاتب فلسطيني