خبر رام الله وغزة تنتظران .. هآرتس

الساعة 02:14 م|25 مارس 2010

بقلم: عميرة هاس

الرضا – على الاقل في نظر الزائر اللحظي، الذي يصل من رام الله او من غزة، هو ما يبثه الاسرائيليون الذين يملأون شارع بن يهودا في القدس، المجمع التجاري في رمات افيف ومطار بن غوريون. في نظرهم لا يوجد شيء باستثناء هذه اللحظة. وهذا يشبه جدا لا مبالاة بنيامين نتنياهو في ساحته الخاصة، مؤتمر ايباك. دبلوماسيون يطردون؟ الادارة الامريكية غاضبة؟ لنحني الرأس لدقيقة، العاصفة ستمر وسنستقبل في النادي المحترم لمنظمة الـ OECD. المهم أن سياسة الفصل الاسرائيلية العنيدة نجحت، ونشأ وضع كيانين فلسطينيين متخاصمين.

        هذه تبني امارتنا الاسلامية في جيب منعزل، وتتبجح بالوعود بأن الخطوة الثانية نحو تحرير القدس وحيفا قد تمت؛ وتلك تستضيف باعتزاز ممثلي الدول المانحة في الجيوب الصغيرة والمكتظة فيها، وتحاول الاقناع بأن هكذا تبنى دولة؛ بما في ذلك المنطقة ج، بما في ذلك منطقة الحرام، بما في ذلك اللطرون وغزة والاقصى ونحو سبعين كيلومتر مربع ضمتها اسرائيل وتسميها القدس. ولكننا نحن الاسرائيليين نعرف بأن كل شيء خيالي بذات القدر. نحن فنانو الوضع الراهن. نوجهه كما نشاء، نحرك دونما هنا وقاعدة عسكرية هناك الى ان يقول العالم موافق أنا. عندما يريد الرب، رام الله ايضا ستسمى مدينة مقدسة وغزة ستتوج كمدينة لمحافظة مصرية.

        ليس هكذا يبدو المستقبل في الكيانين المنفصلين. الخطاب المعاكس لكليهما يقوم على اساس فرضية مشابهة. غزة ورام الله على حد سواء تقدران بأن التغيير سيأتي اخيرا من الخارج. هذا ايضا هو التوقع الشعبي.

        في حكومة رام الله ينتظرون بأن تصحو الولايات المتحدة واوروبا والدول العربية المؤيدة للغرب فتفرض على اسرائيل ما احبطته بنجاح منذ 1968: انسحاب ("مع تعديلات حدودية طفيفة") واعادة المستوطنين الى الديار. حكومة رام الله تتوقع بأن تدفع محافل خارجية اسرائيل لان تفهم ما لا تفهمه. ليس في هذا الموقف وقاحة بل بالذات رأفة تجاه الشعب في اسرائيل الذي حبس نفسه في فقاعة عدم الاكتراث الذي يتجاهل السياقات التاريخية.

        قبل أكثر من عقد من الزمان، في احدى المحادثات العابثة المتكررة بين اسرائيل والفلسطينيين، سمح لنفسه صائب عريقات بأن يتساءل: "ألا يفكر الاسرائيليون بأحفادهم؟" سؤال مشابه يطلقه غزيون هدمت منازلهم وقتل أبناؤهم بل ومن مزارعين في الضفة شبعوا من تنكيل المستوطنين. كلهم يتساءلون: ألا يفهم الاسرائيليون بأنهم لن يتمكنوا من أن يعتمدوا الى الابد على تفوقهم العسكري والاقتصادي؟ وأنه لا يمكن اقامة نظام عدواني الى الابد يستند الى عدم المساواة المتطرفة والامتيازات الزائدة لليهود؟ وبالصيغة الاخرى، هذا طلب من الغرب: "اذا كانت اسرائيل هامة جدا لكم، فانقذوها من نفسها". هذا نهج يرى في المجتمع اليهودي – الاسرائيلي كجزء مقبول في المنطقة: في دولة واحدة، في دولتين، في فيدرالية. لا يهم. وهو يقترح مسافات زمنية منظورة قابلة للتحقق: سنتين، خمس، عشر. هذا نهج لا يزال يحتفظ بالثقة بالمنطق الغربي.

        في حكومة غزة يتوقعون انتفاضة اسلامية في البلدان المجاورة والبعيدة تقلب رأسا على عقب الميزان الاقليمي ان لم يكن العالمي: العالم سيثور، الحكومات المؤيدة للغرب ستسقط والحكومات الجديدة لن تبدي التسامح تجاه المساعدة الغربية لاسرائيل والغرسة الغريبة التي زرعها الغرب في الشرق. هذا ايضا سيناريو يقول ان اسرائيل هي المسؤولة، ولكن ليس فيه رحمة لمن يعتبر مليار جار غير هام في نظره. مسافته الزمنية طويلة أكثر من المسافة الزمنية للسيناريو الرحيم. كتابه الصبورون مقتنعون بأنه السيناريو الواقعي الذي سيتحقق: فالغرب لن يحول جلدته.