خبر فلسطين – ايران – فلسطين.. هآرتس

الساعة 02:12 م|25 مارس 2010

بقلم: آري شافيت

عندما أصبح بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء أوضح في محادثات مغلقة ما هي مهمته: ايران، ايران، ايران. وحلل نتنياهو بشكل معمق المعنى التاريخي للتهديد الايراني؛ انتقد بشكل حاد فشل اسلافه في صد هذا التهديد؛ آمن بأنه مكلف بمهمة، مثلها لم يكلف بها أي رئيس وزراء منذ دافيد بن غوريون. عليه ان يتصدى لتطور استراتيجي من شأنه ان يعرض وجود دولة اليهود للخطر وان يلقي بظلال ثقيلة على مستقبل الغرب.

        فهم الواقع لدى نتنياهو لم يتغير في السنة الاخيرة، ولكن قدرته على ان يقول الحقيقة ضاعت منه. النشاط السياسي ضد ايران هو اساسه نشاط يجري في الخفاء. النشاط غير السياسي ضد ايران يجري بكامله في الخفاء. هكذا ايضا الاستعدادات ليوم الأمر. وعليه فان رئيس الوزراء لا يشرك الجمهور في جدول اعماله الحقيقي. فهو لا يبلغ عن أن مقدرات الزمن لديه وكذا مقدرات الدولة موضوعة بقدر كبير تحت تصرف الموضوع الاستراتيجي. وهو لا يروي، عندما يبدو البرق والرعد ويسمع في وسائل الاعلام كضجيج هامشي، وراءه تجري بصمت دراما محملة بالمصير.

        للتهديد الايراني أربعة ردود محتملة: عقوبات دولية، عملية امريكية بالقوة، عملية اسرائيلية بالقوة، استعداد أمريكي – اسرائيلي مشترك في ضوء ايران نووية. هذه الردود يختلف الواحد عن الاخر، ولكن لها جميعها قاسما مشتركا. فهي لا يمكنها أن تنجح دون تعاون امريكي – اسرائيلي وثيق. لا يمكنها ان تنجح عندما تكون اسرائيل دولة منبوذة. حين تكون الاسرة الدولية غارقة بكلها وكليلها في مسألة الاحتلال والمستوطنات. نزع الشرعية عن اسرائيل، مقتها وانعدام الانصات لها يؤدي الى أن كل محاولة لاعطاء رد حقيقي على التهديد الايراني قد تتعقد وتفشل.

        معنى الامور واضح. نتنياهو، حسب نهجه، كان ملزما بأن يبلور استراتيجية فلسطين – ايران – فلسطين. كان عليه ان يقترح مسيرة من ثلاث مراحل، تربط بشكل ايجابي بين تحدي الساحة الاقليمية وبين تحدي الساحة المحلية. كان عليه ان يبادر الى خطوة محدودة ولكن ذات أهمية مع الفلسطينيين، تسمح للامريكيين بأن يتصدوا لايران قبل ان يعودوا ويحاولوا انهاء الاحتلال والنزاع.

        صيغة واحدة كان يمكنها ان تكون صيغة لا يبنون ولا يخلون، الى ان تحسم مسألة ايران. صيغة اخرى كان يمكنها ان تكون صيغة اتفاق انتقالي، او وضع انتقالي في الضفة الغربية. صيغة ثالثة كان يمكنها ان تكون صيغة انسحاب جزئي أحادي الجانب. بهذه الطريقة او غيرها كان على نتنياهو ان يقوم بعمل حقيقي في الجبهة الفلسطينية، يسمح بفعل حقيقي في الجبهة الايرانية، يسمح في السياق بمحاولة التصدي لجوهر النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.

        يوم الثلاثاء ليلا علقت علاقات الولايات المتحدة – اسرائيل في أزمة خطيرة. في الغرفة البيضوية طلب براك اوباما من نتنياهو ان يحني رأسه في موضوع القدس، ونتنياهو رفض. هذه الأزمة هي أزمة غبية، زائدة وخطيرة. في لحظة تتطلب النضج والمسؤولية مع الامريكيين ومع الاسرائيليين على حد سواء لا يبديان ما يكفي من النضج والمسؤولية. وبدلا من الاتفاق على خطوات بناءة يصرون على المناكفة على موضوع أهميته الرمزية كبيرة ولكن أهميته الفورية قليلة. وهما يتركان لرمات شلومو، لفندق شيبرد ولسلوان ان تخدم احمدي نجاد، نصرالله ومشعل.

        أزمة اوباما – نتنياهو اندلعت الان بالذات بسبب بضعة احداث موضوعية: الاستفزاز لجو بايدن، اقرار خطة التأمين الصحي في الكونغرس، خطاب نتنياهو في مؤتمر ايباك. ولكن في أساس الامر، الأزمة تنبع من حقيقة انه في السنة الاخيرة لم يبلور الرئيس الامريكي ورئيس الوزراء الاسرائيلي استراتيجية مشتركة للتصدي للتحدي التاريخي الذي يقفا امامه.

        اغلب الظن، اوباما ونتنياهو لا يستطيبان الواحد الاخر. بل ولن يستطيبا. ولكن في  نهاية المطاف، كلاهما سينهضان أو سيسقطان معا. وكلاهما سيحكم التاريخ عليهما حسب طريقة تصديهما للنووي الايراني. وعليه فان الطريق الوحيد الذي يمكن لهما أن يأخذاه كي يخرجا من المعمان الذي علقا فيه هو الطريق المشترك: فلسطين – ايران – فلسطين.