خبر راشيل كوري .. حكاية فتاة جلبتها مشاهد الدماء كي تتضامن مع غزة

الساعة 05:28 ص|24 مارس 2010

فلسطين اليوم : بيت لحم

حين أنهت العاشرة من عمرها كتبت في كراس المدرسة "ثمة ملايين الأطفال الفقراء يعيشون في هذا العالم ... علينا العمل من أجلهم"، ولما تجاوزت العقد الثاني التحقت بالمتضامنين الدوليين مع الشعب الفلسطيني في الجامعة، ومنها انطلقت إلى فلسطين، وهناك.. في نابلس وجنين وغزة كتبت رواية عمدتها بالدم.

في 16 آذار (مارس) من العام 2003 وقفت الشابة راشيل المنحدرة من مدينة اولمبيا بواشنطن ذات الـ23 ربيعا أمام جرافة إسرائيلية ضخمة لمنعها من هدم منزل فلسطيني في مدينة رفح أقصى جنوب غزة، لكن سائق الجرافة سحق جسدها النحيل وداسه مرتين، وادعى لاحقا أنه لم يرها.

كانت إسرائيل التي لم تبرح غزة بعد (غادرته العام 2005) هدمت نحو 2000 بيت في مدينة رفح فقط حتى ذلك الوقت بذريعة منع الأنفاق.

يقول آلان ريكمان، مخرج مسرحية (اسمي راشيل) "منذ نعومة أظفارها كانت شديدة الاهتمام بما يجري في العالم وتحاول إيجاد مكان لها فيه".

وكتبت تقول في إحدى رسائلها بعد أحداث 11 أيلول العام 2001 "لدي شيء كامن في نفسي يدعوني إلى الذهاب لمكان ألاقي فيه أناسا يعيشون في الجانب الآخر من حصة الضريبة التي أدفعها وتذهب لتمويل الجيش الأميركي وسواه من الجيوش".

وأضافت "الناس يعرضون أنفسهم كدروع بشرية في فلسطين وأنا أمضي كامل وقتي في صنع الدمى الكبيرة".

كانت راشيل الرشيقة والجميلة والمشذبة ذات المستقبل الواعد تجلد ذاتها امام مشاهد الدم التي تبثها وسائل الإعلام في ذلك الوقت وهي تغطي انتفاضة الأقصى في أزقة وحواري الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي تلك المرحلة أيضا كان ينظر إلى الشاشة ذاتها عشرات الملايين من الشبان ممن هم قريبون من سنها في العالم العربي.

ذهبت راشيل إلى فلسطين، والذين تظاهروا من أمثالها في العالم العربي دعما للانتفاضة بضعة آلاف في أحسن الأحوال.

قالت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية 2-3-2008 "مذكرات راشيل تضم كتابات بخط يدها ونسخًا مطبوعة من رسائل إلكترونية وخطابات ورسومات خاصة بها تجسد جميعها مأساة الفلسطينيين".

وفي المذكرات التي تركتها في 184 صفحة كشفت راشيل عن جوانب مهمة من شخصيتها التي هي أقرب إلى التمرد الحساس والمندفع، فتقول في رسالتها الإلكترونية الأخيرة الى أمها "أعتقد أنها فكرة جيدة لنا جميعًا أن نتخلى عن كل شيء، ونكرّس حياتنا لوقف هذا الذي يحدث في فلسطين، لا أعتقد أنه تطرف أن نقوم بذلك".

وقالت أيضا "أحيانا كنت أجلس لتناول وجبة العشاء مع الناس وأنا أدرك تماما أن الآلة العسكرية الإسرائيلية الضخمة تحاصرنا، وتحاول قتل هؤلاء الفلسطينيين الذين أجلس معهم".

وقبلها بحين وصفت شعورها اتجاه ما يجري وهي في قلب الانتفاضة بالقول "أشعر بأني شاهدة عيان على التدمير المنهجي لقدرة الشعب الفلسطيني على الحياة.. إنه أمر مرعب حقا".

قبل استشهادها بأسبوعين أرسلت والدتها "رجاء يلفه اليأس عبر البريد الإلكتروني قالت فيه "في قلبي الكثير، لكني لا أجد الكلمات لتسلمي وتكوني بخير. هل تفكرين في العودة إلى البيت؟ بسبب الحرب وكل شيء آخر؟ أنا أعرف أن الجواب قد يكون بالنفي. ولكني أرجو أن تدركي أنه سوف يكون من الأفضل لو فعلت ذلك".

يقول ريكمان إن "الجانب النشيط في حياة راشيل ينسجم تماما مع جانب الخيال لديها"، لذلك كان من الطبيعي أن لا تعود راشيل إلى أمها، والأهم في سيرة راشيل.. أنها شهدت على أفكارها بدمها وأثبتت بلونه القاني أن ثمة إنسانية تجمع المخلصين لها في هذا العالم.