خبر تركيا في إستراتيجية الغد .. أيمن خالد

الساعة 05:01 ص|24 مارس 2010

نص مترجم من صحيفة "طرف الخبر" التركية للكاتب: أيمن خالد

في المنظور الاستراتيجي، تركيا تسبب قلقاً لواشنطن وأوروبا، أكثر من أي قوة عالمية كبيرة، ومع ذلك لا تستطيع أمريكا أو أوروبا الإفصاح عن هذا القلق، وأيضا لا تستطيع هذه الدول اتخاذ خطوات فاعلة واضحة ضد تركيا، باستثناء تأخيرها من دخول الاتحاد الأوروبي، وهذا بالطبع، خطأ إضافي يرتكبه الغرب بحق نفسه وبحق تركيا.

سبب القلق أن الغرب ساهم في جعل تركيا دولة معزولة، وأراد منها أن تكون مثل إسرائيل، دولة يحيطها الأعداء من كل جانب، وهكذا كانت مشاكل تركيا مع العرب وأرمينيا والسوفييت، وهذا كان يجعل من تركيا طوال العقود الماضية دولة بلا أهمية لأنها تنفذ استراتيجيات لغيرها، ولا تخدم نفسها اولا.

ما يميز حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا، أنه فتح أبواب تركيا للجوار، وأزال الأسوار بينه وبين هذه الدول، وأثبت للمواطن التركي بما لا يدع مجالا للشك، أن تركيا ليس لها أعداء بمحيطها أبدا، والأهم من ذلك، أن دول وشعوب جوار تركيا، كلها تعطي استعدادها لتركيا لكي تاخذ دورا سياسيا في المنطقة.

 نحن كعرب ندرك أن الأتراك هم قوى تملك مفاتيح السياسة المستقبلية، لأن قدراتهم التنظيمية عالية، لان انفتاحهم على الغرب اكسبهم فنون الادارة الحديثة، وهذا يجعل الرأسمال العربي يفكر بالزحف الى تركيا  وسيكون له دور هام في المستقبل، ونتوقع من هذه العلاقة ان تشكل امبراطورية اقتصادية هائلة مركزها تركيا ودول الشرق الاوسط، التي تملك المواد الخام والاسواق ايضا.

الذي يقلق أمريكا ان تركيا تمتلك رؤية واضحة للمنطقة، وشعوب المنطقة تثق بها بينما هذه الشعوب، كرهت السياسة الامريكية لانها منحازة الى اسرائيل، ولا تخدم شعوب المنطقة على المستوى الاقتصادي.

على الاتراك ان يدركوا انهم الان يشكلون القوة الثانية في العالم، وهي قوة العقل والمنطق والحوار وكل الاشياء الجيدة التي تحتاجها البشرية، وهم الان ومستقبلا سيكونون في مواجهة القوة الاولى، التي تقوم على قاعدة الظلم والحروب والطغيان والعنف والانقلابات وغيرها، وهي بالطبع قوة الغرب التي لا تريد ان ترحم البشرية.

الخطوة التي يقوم بها الساسة الاتراك في المنطقة والعالم تشبه رسائل الانبياء الذين يرسلون عادة الرسائل للشعوب والامم ويطلبون منهم ان يرحموا بعضهم بعضا، ومثل هذه الرسائل لا يستطيع ان احد ان يرفع السيف بوجهها، لذلك ان امريكا والغرب بحالة قلق من دور تركيا القادم، لكنهم يدركون ان أي تصرف خاطئ، سيجعل شعوب اوروبا وامريكا تغضب من حكامهم، فالاتراك ليس لديهم جيوش قادمة لاحتلال فيينا، لكن عندهم المنطق، والدواء الشافي الذي فيه علاج الغرب وعلاج المنطقة باكملها.