خبر استعدوا للازمة التالية- يديعوت

الساعة 09:32 ص|23 مارس 2010

استعدوا للازمة التالية- يديعوت

بقلم: دوف فايسغلاس

المواجهة الاخيرة مع الولايات المتحدة هي نتيجة فجوة آخذة في الاتساع بين مواقف الدولتين في المسألة الاقليمية – كيف ستتقرر في التسوية الدائمة حدود دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية التي ستقوم، وماذا ستكون عليه التسوية الاقليمية في القدس. في هذا الموضوع تغير الولايات المتحدة موقفها في الماضي غير البعيد جدا.

الصيغة السياسية التي صممتها ادارة بوش وحكومة شارون، المعروفة بـ "خريطة الطريق" ترمي، ضمن امور اخرى، الى منح طرفي النزاع مساحة زمنية وعملية لخلق الاجواء العامة اللازمة للتنازلات وللقرارات الحاسمة التي تستوجبها التسويات الدائمة. لهذا الغرض اشترط التقدم السياسي والحسم في مسائل اللباب بتحقيق أهداف عملية "على الارض": الفلسطينيون تعهدوا بالعمل على تغيير الواقع الفوضوي في اراضيهم: تصفية الارهاب ومنظماته واقامة الامن الجاري؛ فرض أنظمة حكم مناسبة؛ وقف التحريض ضد اسرائيل. أما اسرائيل فتعهدت ضمن أمور اخرى، بتجميد النشاط الاستيطاني، سحب جيشها من المدن الفلسطينية، والتخفيف على شروط العيش للمواطنين والمساعدة في التنمية الاقتصادية وبناء الحكم الفلسطيني.

كجزء من جملة المطالب الاسرائيلية بحثت بين اسرائيل والولايات المتحدة ايضا المسألة الاقليمية المستقبلية، وتبلور الفهم بان المبدأ المناسب لتحديد حدود الدولة الفلسطينية، مع قدوم الوقت، هو ترسيم حدود تعكس "الواقع الديمغرافي الجديد"، الذي نشأ في يهودا والسامرة بعد العام 1967. بتعبير آخر: تلك المناطق التي نشأت فيها أغلبية يهودية واضحة – الكتل الاستيطانية، تجمعات المراكز السكانية في المنطقة الموجودة خلف الخط الاخضر ومحاذية لمركز البلاد والاحياء الجديدة حول القدس – ستبقى تحت حكم اسرائيلي. اما الباقي فستكون للدولة الفلسطينية التي ستقوم.

في رسالة الرئيس بوش لشارون في العام 2004 أعربت الادارة عن تأييدها للمطلب الاسرائيلي بالسيادة المستقبلية في الكتل الاستيطانية الكبرى التي نشأت بعد 1967؛ من هنا ايضا منطق جملة التفاهمات، السرية ولكن الواضحة، والتي بموجبها من حق اسرائيل أن تواصل البناء في هذه المستوطنات التي هي "واقع ديمغرافي جديد" تملي ابقاءها في يدها. بالمقابل في مناطق يهودا والسامرة، التي لا ينطبق فيها المبدأ المذكور، تعهدت اسرائيل بعدم العمل على تشويش "الواقع الديمغرافي" والامتناع عن اسكانها، بنائها او تطويرها.

حكومة نتنياهو تنازلت عمليا عن "خريطة الطريق" وامتنعت عن تحقيقها (بل وتجاهلت مبدأ "الديمغرافيا" بالسماح باسكان اليهود في احياء عربية مكتظة). ادارة اوباما قفزت على اللقية. ادارة جديدة دوما يطيب لها أن تصرف ما فعلته سابقتها. وما أن هجرت "خريطة الطريق"، حتى نسيت على أي حال جملة التفاهمات والافتراضات التي قبعت في اساسها. ودفعة واحدة تم التشكيك بمسألة حق اسرائيل في أن تحتفظ، في اطار التسويات الدائمة، بالكتل الاستيطانية وبالاحياء الجديدة حول القدس، وفي ظل غياب الادعاء بالملكية المعترف بها لا توافق الولايات المتحدة والعالم على بنائها "في هذه الاثناء".

الازمة التالية متوقعة، بالتالي، قريبا، حين ينشب، بمناسبة محادثات التقارب التي توشك على البدء، خلاف اسرائيلي – فلسطيني في موضوع الحدود والقدس. وترى الادارة في التركيبة الحالية للسلطة الفلسطينية حكما مناسبا يؤدي مهامه على نحو جيد، يمكن معه الوصول الى تسوية سلمية ويرغب في نجاح المحادثات. ولما كانت لا تؤيد الموقف الاقليمي التقليدي لاسرائيل، فان الطريق المسدود  الذي سينشأ كفيل بان يعتبر "تفويت فرصة سياسية" ويدفع الى الغضب.

الازمة الاخرى متوقعة ما أن تقرر الحكومة انهاء تجميد البناء في يهودا والسامرة. الادارة الحالية لا تؤيد حق اسرائيل في البناء في أي قسم من المناطق التي احتلت في العام 1967 وأقل ترددا في "المشادة" مع اسرائيل على هذه الخلفية. وعلى أي حال فانها لا بد تنصت للاصوات التي تشكك في كون اسرائيل "ذخر" للولايات المتحدة. ومؤخرا سمع اناس مؤثرون ربطوا مصاعب اسرائيل في العالم الاسلامي بصداقتها مع اسرائيل. في مثل هذه الظروف لا توجد صعوبة لدى الادارة في أن تثير أزمة وأزمة اخرى.