خبر صواريخ غزة وموسم الحجيج إليها .. عريب الرنتاوي

الساعة 11:14 ص|22 مارس 2010

بقلم: عريب الرنتاوي

دائما هناك أسباب وجيهة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل ، فالعدوان على الضفة والقدس والأقصى والمقدسات ، مستمر من دون توقف ، وعمليات الحصار والقتل والتجويع ضد أبناء قطاع غزة المجوّع مستمرة وتشتد إحكاما ، والتنكر الإسرائيلي للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ، يثير الغضب والاستفزاز حتى النخاع.

لكننا مع ذلك ، وفوق ذلك ، ننظر بعين الشك والريبة لصواريخ الأيام القليلة الفائتة ، والتي أردى أحدها عاملا تايلنديا صريعا ، فهذه الصواريخ التي قيل أنها انطلقت ثأرا للقدس والمقدسات ، عكّرت صفو زيارة وزيرة خارجية أوروبا غير المسبوقة للقطاع وأطلقت سيل الإدانات على لسان بان كي مون ، والرجل والحق يقال ، سبّاق في إدانة الفلسطينيين ولا يعوزه المبرر ، ومتلعثم جدا ومتردد للغاية في فعل الشيء ذاته عندما تصدر "الارتكابات" عن الجانب الإسرائيلي ، وما أكثرها.

لقد كنّا بحاجة ماسة لزيارات المسؤولين الدوليين رفيعي المستوى إلى قطاع غزة للتعريف بمعاناة أهله ، ووضع قضية الحصار المنسي على جدول أعمال المجتمع الدولي وفي قلب دائرة الضوء من جديد ، ففي ذلك مصلحة لغزة وأهلها أولا ، ولحماس وحكومتها ثانيا ، وللمقاومة ونهجها ثالثا ، فلا أحد له مصلحة في خنق غزة أو في اختناق حماس في غزة ، إلا الذين يريدون أن يجعلوا من تجربة حكم حماس في القطاع ، عبرة لمن اعتبر ، وأنموذجا طاردا يوظف في الانتخابات الفلسطينية والعربية المقبلة: إياكم والتصويت للإسلاميين ، فهكذا سينتهون وتنتهون.

ولقد كان لافتا حقا ، أن بعض الصواريخ الأيام الأخيرة ، قد تسابقت إلى إعلان المسؤولية عن إطلاقها حركة فتح - كتائب الأقصى ، ومنظمة جهادية سلفية غير معروفة ، وهو أمر يطرح الكثير من علامات الاستفهام والتعجب ، فإذا كان مفهوما أن يبادر السلفيون الجهاديون إلى إطلاق صواريخ الإحراج لحماس من دون أية خشية من الاتهام بمقارفة "المزايدة والمعايير المزدوجة" ، فبأي عين تطلق فتح صواريخها من غزة ، وهي التي تمنع حمل سكين مطبخ في الضفة ، وكيف يمكن للكفاح المسلح أن يكون طريقا لاسترداد الحقوق في القطاع شبه المحرر ، وأن يكون فعلا جنائيا وخروجا محظورا على القانون في الضفة المستباحة ، أليست الصواريخ والحالة كهذه ، جزءا من لعبة السلطة والصراع عليها ، الا تريد أوساط في فتح أن تحرج حماس نكاية بها ، أو ربما - كما يقول بعض نشطاء فتح - إذاقة الحركة الإسلامية مرارة الكأس التي سبق لها أن أذاقتها لياسر عرفات وسلطة فتح قبل العام 2006؟،.

كنا نريد لموجة بيانات الشجب والتنديد بالاستيطان الإسرائيلي أن تصدر خلوا من أية إدانة من أي نوع ، لـ"الإرهاب الفلسطيني" ، وكنا نريد للحجيج الدولي صوب غزة أن يتم بهدوء ومن دون تعكر صفوه "مسيرة البراء من المشركين" التي انطلقت لحظة انطلاق الصواريخ ، وكنّا نريد ولمّا نزل ، أن تخضع هذه القوى "المقاومة" للسياسة ، وأن تتعامل معها بـ"صنمية" ، لكأنها "قدس أقداس" لا يخضع لعوامل الزمان والمكان والحساب والتحسب ، ولو أننا من أنصار "نظرية المؤامرة" لقلنا أن هذه الصواريخ إنما صدرت بقرار من تل أبيب وليس من غزة ، لكن وبعد كل ما اكتوينا به من نيران "الجهل والمقامرة والانفصال عن العالم المحيط بنا" لم نعد نستبعد قيام البعض منا بمقارفة ممارسات لا تخدم إلا خصومنا وأعداءنا.